نعيش في بلد موبوء بالانانية والفشل والخوف والجـبن وغياب الارادة للنهوض من القعر، بينما لبنان في اوجّ الحاجة لاتخاذ المبادرات والتحلي بالشجاعة والخروج من الازمة المالية والاقتصادية.
اليوم معظم المسؤولين خائفون من ابرام الحكومة اي اتفاق مع شركة صينية او روسية لتجنب العقوبات الاميركية، في حين ان الاستخبارات الاميركية افادت ان السعودية تتعامل مع الصين لتطوير صواريخها الباليستية، كما ان الكيان الصهويني، وهو حليف وشريك الولايات المتحدة في المنطقة ومن ابرز المؤثرين في السياسة الاميركية، اعطى ترخيصا لشركة صينية من أجل تعزيز ميناء حيفا والعمل على تطويره. فاذا كان حلفاء اميركا الاكثر التصاقا بسياستها يبرمون اتفاقات مع الصين ودول اخرى خارج الفلك الاميركي، لماذا على الحكومة اللبنانية ان تخشى الاقدام على مبادرات تنعش الاقتصاد اللبناني المتردي؟
والحال ان لبنان وصل الى الحضيض، ولم يعد امامنا شيء نخسره نظرا للانهيار المالي والاقتصادي الذي نعيشه وحالة البؤس والفقر التي سادت في المجتمع اللبناني.
هذا الواقع يحث حكومتنا والقيّمين على البلد على مد اليد لدولة الصين ولروسيا ولالمانيا ولفرنسا، ولكل دولة تعرض على لبنان بناء معمل للكهرباء او ترميم المرفأ او اعادة ترميم البنى التحتية المترهلة في بلدنا، الى جانب البدء بمشاريع حيوية تخلق فرص عمل للبناني وتحيي القطاع الخاص.
ان التوجه السائد في لبنان هو العمل في القطاع العام الذي اصبح مرهقا من كثرة التوظيفات، لذا مع التعاون المرتقب مع دول ناجحة اقتصاديا وقادرة على ان تمنحنا فرصة لاقتصاد منتج، سيصبح عندئذ القطاع الخاص مصدرا يجذب العامل اللبناني للمشاركة فيه.
ما نريد ان نقوله ان خطة التعافي الاقتصادية والمالية امامنا وبين ايدينا، وصعود لبنان من حفرته يمكن ان يكون اسرع مما نتوقعه اذا تحلى المسؤولون بالشجاعة وباشروا توقيع اتفاقيات تجذب الاستثمار الخارجي في لبنان، دون الخوف من اميركا وعقوباتها، فيجب التواصل مع دول متل الصين وروسيا ودول اوروبية ايضا، كفرنسا والمانيا التي تعلن عن عزمها على اقامة مشاريع تعيد لبنان الى الحياة. على لبنان ان يتعامل مع هذه الدول دون عقد ودون شروط تعجيزية، بل على العكس التعاون الايجابي المتبادل يجب ان يكون هو السائد.
انه لامر مؤسف ان نعيش في حالة الانتظار. ننتظر الموت من كل حدب وصوب دون ان نحرّك ساكنا، اقل ما يمكن فعله هو ان ندق ابوابا عديدة لخلاص بلدنا، لا ان نبقى صامتين معتبرين ان باب الامل يأتي فقط من مصدر واحد.
لا نريد ذلك، وبخاصة ان الشعب اللبناني يعيش اياما قاسية والاحوال على كل الاصعدة الى تراجع مخيف. وعليه، هذا الواقع يحتم على الحكومة اللبنانية سواء الحالية او المقبلة ان ترسم خطة اقتصادية تقضي بابرام اتفاقيات تأتي باستثمارات صينية وروسية وفرنسية والمانية وغيرها تضع حدا لهذا النزيف اللبناني المتفاقم.
وكلما اسرع المسؤولون في الانطلاق في هذا المسار الذي ذكرناه، كلما اقترب لبنان من حل جدي يعالج وضعه المالي والاقتصادي، ويصحح المنحى الانــحداري الذي يأخذه لبنان منذ بدء الازمة المالية.
انها جريمة بحق الوطن ان نترك لبنان لقدره دون اي تحرك لاي مسؤول بتنفيذ خطة اقتصادية تنهض بالبلاد، وهي عملياً بين ايدينا وقابلة لان تتحقق متى تكوّنت قناعة وارادة ان مفتاح الخلاص من صنعنا وحدنا، وليس من اي دولة عظمى او اقليمية اوعربية تتبرع ببعض المساعدات المالية.