بعد طول قطيعة بين الطرفَين، حلّ محمود عباس ضيفاً على بني غانتس، حيث استحصل جملة وعود إسرائيلية بتسهيلات وضمانات، من شأنها التخفيف من الأزمة الاقتصادية التي تعيشها السلطة الفلسطينية، وتحسين موقفها في مواجهة الغضب الشعبي المتصاعد ضدّها. وفي المقابل، انتزع غانتس، دونما جُهد، تعهّداً فلسطينياً بتعزيز «التنسيق الأمني»، في ظلّ موجة المقاومة التي تشهدها الضفة المحتلّة، والتي لا يبدو أنها ستَخمد قريباً. لكن تلك المقايضة لا تَظهر مضمونة النتائج، في ظلّ ما سجّلته الشهور الأخيرة من العام الجاري من تبدّلات في الأراضي المحتلّة، سواءً لناحية النظرة إلى السلطة والتعامل معها، أو لناحية طبيعة الفعل المقاوم ووتيرته
من جهته، ذكر الإعلام العبري أن «أبو مازن» قدّم لغانتس هدية عبارة عن «قطعة من المجوهرات»، فيما أهدى الأخير الأوّل «زجاجة زيت». كذلك، انفرد الاثنان بلقاء خاص في غرفة جانبية، من دون إعلام الوفد الفلسطيني المرافِق الذي ضمّ رئيس المخابرات ماجد فرج، ورئيس هيئة الشؤون المدنية حسين الشيخ. وخلال اللقاء، تحدّث وزير الأمن الإسرائيلي عن حُزمة إغراءات لعباس وفريقه، أبرزها السماح بتحويل 100 مليون شيكل من أموال الضرائب لصالح السلطة، إضافة إلى منح 600 تصريح لشخصيات قيادية في رام الله وتجّار كبار مقرّبين منها، والسماح لهم بالدخول إلى المدن الخاضعة لسيطرة الاحتلال بسياراتهم الخاصة، إلى جانب تقديم عشرات بطاقات الـ«VIP» لكبار الشخصيات الفلسطينية. أيضاً، وافق غانتس على تحديث بيانات 6000 فلسطيني في الضفة، و3500 فلسطيني في قطاع غزة، في حين بحث الطرفان الموافقة على مخطّطات هيكلية فلسطينية إضافية. وأطلع غانتس، عباس، على عدّة إجراءات اقتصادية مدرَجة على جدول الأعمال ستُتّخذ لاحقاً، بما فيها إمكانية تخفيض الرسوم المفروضة على مشتريات الوقود، وإجراء تحسينات على عمل «جسر اللنبي»، وإنشاء منصة رقمية لضريبة القيمة المضافة، وأخرى للدفْع عبر الإنترنت للعمال الفلسطينيّين، في ما من شأنه أن يدرّ مئات الملايين من الشواكل على ميزانية السلطة كلّ عام.
في المقابل، لقي اجتماع غانتس – عباس، استنكاراً واسعاً على ضفّة فصائل المقاومة التي اعتقدت اجتماعاً في قطاع غزة، اعتبرت فيه الاجتماع «غطاءً لجرائم الاحتلال بحقّ أبناء الشعب الفلسطيني»، مؤكّدة أنه «لا يخدم القضية الفلسطينية». ورأت حركة «حماس» أن «اللقاء أمني بامتياز، يستهدف بالدرجة الأولى ثوّار الضفة الغربية ومقاومتها الباسلة، ووضْع آليّات تكثيف العمل الأمني المزدوج لاستهداف المجاهدين والمقاومين»، فيما اعتبرته «الجهاد» «تكريساً للدور الوظيفي للسلطة التي تبحث عن حلول للخروج من أزماتها وعجزها وفشلها، على حساب مصالح شعبنا وحقوقه وقضيته الوطنية»، مشيرة إلى أنه «جاء في الوقت الذي يتعرّض فيه شعبنا لواحدة من أشدّ الهجمات الإرهابية التي يقودها اليمين المتطرّف، وينفّذها جيش الاحتلال الذي يتلقّى التعليمات من غانتس، فيما لم يلتفت عباس ومعاونوه إلى الدعوات الوطنية إلى تشكيل قيادة موحّدة للتصدّي للاستيطان والإرهاب والتهويد، وراح يسعى للقاء قادة العدو والتودّد إليهم وتبادل الهدايا معهم، والاتفاق على تعزيز التنسيق الأمني مقابل حفنة من الرشاوى المغلّفة بالعبارات التضليلية وتسويق الأوهام».
ودانت «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، بدورها، اللقاء، ووصفته بـ«المتعاكس مع المواقف والمطالب الوطنية»، لافتة إلى أن «رأس السلطة ما يزال يراهن على استجداء المفاوضات سبيلاً وحيداً لحلّ الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي»، مضيفة أن «عباس يستمرّ في تجاوز القرارات الوطنية الصادرة عن المجلسَين الوطني والمركزي وعن اجتماع الأمناء العامين، بالانفكاك من الاتفاقيات الموقّعة مع الاحتلال ووقف أشكال العلاقة السياسية والأمنية والاقتصادية معه».
كذلك، استنكرت «لجان المقاومة في فلسطين» الاجتماع، وعدّته «جريمة وطنية وإهانة لدماء الشهداء وعذابات أسرانا في سجون الاحتلال»، منبّهةً إلى أن «استمرار رهان قيادة السلطة على المفاوضات مع الاحتلال الذي يمارس أبشع الجرائم الفاشية بحق شعبنا، هو محاولة لبيع الأوهام».
توتّر على حدود غزة
أصيب عامل في جيش الاحتلال برصاص قنّاص فلسطيني، عند حدود شمال قطاع غزة. وبحسب بيان صادر عن المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي، فقد «أصيب المستوطن بجروح طفيفة»، نُقل على إثرها إلى مستشفى «برزيلاي» في مدينة عسقلان، فيما صدر قرار بوقف الأعمال الزراعية بالقرب من السياج الحدودي. بالتوازي مع ذلك، أفادت مصادر محليّة فلسطينية بأن مدفعية الاحتلال قصفت نقاط رصد تابعة لعناصر الضبط الميداني على حدود القطاع، وفتحت نيران رشاشاتها في محيط منطقة «كيسوفيم» شمال شرق مدينة خانيونس جنوب غزة، ما أدّى إلى إصابة 3 فلسطينيّين بجروح طفيفة.