هل تخطط اليونان لقلب التوازنات في بحر إيجة عبر “التسلح”؟

يسود التوتر بين تركيا واليونان في بحر إيجة، وشرق البحر الأبيض المتوسط- الأناضول

إسطنبول- عربي21- عماد أبو الروس
اتهمت تركيا اليونان بالسعي إلى سباق تسلح معها، بتحريض من دول غربية؛ بهدف تحقيق التفوق بشكل “استعراضي”، مؤكدة أن ذلك يعد هباء.

 

والجمعة الماضية، قال وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، إن “هذا ليس سباق تسلح، بل استعراض، يحاولون كسب التفوق على تركيا من خلال تسليح أنفسهم، وهو جهد بلا جدوى”.

 

واتهم أكار اليونان بتشكيل تحالف داخل حلف شمال الأطلسي “الناتو”.

 

وتابع: “بغض النظر عما يفعلونه، فإن تركيا وقواتها المسلحة مصممة وقادرة على حماية حقوق ومصالح الأمة التركية، وعلى الجميع أن يعي ذلك”.

اتهامات الوزير التركي الجديدة، جاءت في الوقت الذي تنفي فيه أثينا رغبتها في دخول سباق تسلح مع تركيا.

ويسود التوتر بين تركيا واليونان في الآونة الأخيرة في بحر إيجة، وشرق البحر الأبيض المتوسط، على خلفية الأنشطة التركية هناك، فيما يرى مراقبون أتراك أن اتفاقيات التسلح بين اليونان والولايات المتحدة وفرنسا هدفها تركيا.

الكاتب التركي غونري جيفا أوغلو، في تقرير على صحيفة “ملييت”، ذكر أنه قبل سنوات عدة لم تستطع اليونان تحريك محركات قوارب خفر السواحل في مواجهة قوارب اللاجئين في بحر إيجة؛ لأنها لم تكن تملك أموال الوقود، لكنها الآن تشتري السفن الحربية والمقاتلات والصواريخ وأنظمة السونار بمليارات الدولار، كما أنها خصصت أموالا لتحديث أسطولها البحري.

ونقل الكاتب التركي حديث للأكاديمي في جامعة أثيناجيوروس فيليز عن موجة التسلح المتصاعدة في اليونان بالقول: “في الواقع لقد تأخرنا كثيرا، كان يجب أن يتم ذلك قبل عشر سنوات”.

ويقول الأكاديمي اليوناني: “استفاد الأتراك من عدم وجود القوة اللازمة للقوات المسلحة اليونانية، ولقد منحناهم هذه الفرصة والضغط علينا، ركودنا الطويل في التسلح كان خطأ، وحل المشاكل في المنطقة ليس من خلال المفاوضات، بل بإظهار القوة واستخدامها، كان علينا تجديد أسلحتنا وصيانتها خلال السنوات العشر الماضية”.

وأشار جيفا أوغلو إلى أن البرلمان اليوناني تحدث عن التفوق التركي، وأن أنقرة استطاعت فرض هيمنتها من خلال المسيرات التركية، ليس في شرق المتوسط وبحر إيجة فحسب، بل في مناطق جغرافية أخرى، كما أن اقتناء أنقرة لمنظومة “أس400” الروسية يخل بالتوازنات، كما ترى هيئة الأركان اليونانية.

الكاتب التركي برهان الدين دوران، في تقرير على صحيفة “صباح”، قال إن اليونان تسعى مؤخرا إلى “تسلح عدواني”، وبعد حصولها على طائرات رافال، وفرقاطات وطرادات فرنسية، تسعى جاهدة للحصول على مقاتلات “أف35” الأمريكية.

وأشار إلى أنه في العام 2021، خصصت اليونان 2.5 مليار يورو للتسلح، مسجلة زيادة بمعدل 5 أضعاف عن الميزانية المخصصة في 2020، وفي ميزانية 2022، فإنه تضاعف إلى 7 أضعاف.

وأضاف أنه مما لا شك فيه أنه وراء شراء اليونان مقاتلات وسفن حربية جديدة وتوقيع اتفاقيات تعاون عسكري مع فرنسا والولايات المتحدة، محاولة لقلب التوازن الذي تغير لصالح تركيا في بحر إيجة وشرق المتوسط.

وعرّج الكاتب إلى ما ذكرته صحيفة “وول ستريت جورنال”، بأن اليونان أصبحت “نقطة مضيئة جديدة” للولايات المتحدة، وأنه في عهد رئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس، أقامت علاقات وثيقة مع واشنطن، مبتعدة بذلك عن روسيا والصين، وإلى جانب نمو تجارة الغاز الطبيعي المسال، وافق الكونغرس الأمريكي على تشريع يدفع لتعزيز الشراكة الدفاعية مع اليونان، ولعب دور أمني أكبر في شرق المتوسط.

وأشار الكاتب إلى أن القاعدة في “ألكسندروبولي” أصبحت مهمة للوجود العسكري الأمريكي في منطقتي البلقان والبحر الأسود.

وأضاف أنه لا يمكن لأنقرة تقبل التسلح اليوناني وبهذا الشكل، وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد ذكر سابقا أن اليونان أصبحت قاعدة أمريكية، كما يؤكد وزيرا الخارجية تشاووش أوغلو، والدفاع أكار بأن أنقرة عازمة ومصممة على حماية مصالحها في بحر إيجة وشرق المتوسط.

ولفت الكاتب إلى أن أثينا، وبعد التحالفات التي شكلتها، بدأت بالحديث بشكل متكرر عن مسألة زيادة مياهها الإقليمية في بحر إيجة.

في 20 كانون الثاني/ يناير الماضي، قال عندما أقر زيادة المياه الإقليمية من 6 أميال إلى 12 ميلا في البحر الأيوني: “هذه رسالة لحدودنا الشرقية”، في إشارة إلى إمكانية الاتجاه إلى خطوة مماثلة في الحدود البحرية القريبة من تركيا في بحر إيجة.

وقبل أيام، قال ميتسوتاكيس إنه “يجب على تركيا إنهاء استفزازاتها في بحر إيجة وشرق المتوسط، بما في ذلك رفع أسباب الحرب “الفاضحة” ضد اليونان، إذا كانت تريد تطبيع العلاقات والعلاقات الثنائية مع الاتحاد الأوروبي”.

وذكر دوران أن طرح رئيس وزراء اليونان الأخير قد يتحول إلى عملية استعراض من أثينا، والإقدام على حسابات خاطئة بقرار توسيع مياههم الإقليمية من جانب واحد إلى 12 ميلا في بحر إيجة، في ظل العلاقات مع الولايات المتحدة وفرنسا ومصر وإسرائيل ودول الخليج.

ورأى أن أثينا لن تتجه لهذا “الأمر الجنوني”، لأن قرار بهذا الاتجاه لن يؤثر فقط على عملية التطبيع بين البلدين، بل سيفتح الباب أمام واقع مختلف تماما، وأنقرة رغم تأييدها الحوار لا يمكن لها أن تتغاضى عن مثل هذا الأمر.

العقيد الركن المتقاعد محمد أسل، أشار في تقرير على صحيفة “ملييت”، إلى أنه بموجب اتفاقية لوزان يجب أن تكون المياه الإقليمية الفعلية ثلاثة أميال، لكن اليونان زادتها إلى ستة أميال بقرار أحادي عام 1936، ولم تعترض عليه تركيا.

وأضاف الجنرال السابق في القوات البحرية التركية، أن تركيا في ذلك الوقت ارتكبت خطأ فادحا بالقول: ستة أميال، و”كان يجب الإصرار على ما تم التوافق عليه في لوزان، وإلا لما شهدنا مثل هذه المشاكل اليوم”.

وتابع: “لا فرق بين إعلام 10 أميال أو 12، فإذا أعلنت اليونان عن 12 ميلا، فستحصل على 63 بالمئة من بحر إيجة، وإذا أعلنت عن 10 أميال فستحصل على 56 بالمئة، وأثينا إذا قامت بزيادة عن 6 أميال فإن ذلك يعني أن تركيا تركت البحر لها، والأصل عدم القول إن أي زيادة إلى 12 ميلا هو سبب الحرب، بل تجاوز الـ6 أميال هو سبب الحرب”.

Exit mobile version