كل الدروب السياسية مقفلة أمام جبران باسيل!!…

سفير الشمال- غسان ريفي

لم يسبق لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل أن واجه أزمة سياسية متشعبة ومتشابكة بهذا الحجم من شأنها أن تؤثر على حضوره في الانتخابات النيابية المقبلة وبعدها، ما يجعله في حالة إرباك لا يُحسد عليها، خصوصا أن رفع سقوف مواقفه تجاه حزب الله أمام جمهوره دليل واضح على التخبط المسيطر عليه والذي يبدو أنه مستمر، طالما لم يعر الثنائي الشيعي التصعيد الذي يلجأ إليه أي إهتمام..

كل الدروب السياسية تبدو مقفلة أمام باسيل، فلا هو قادر على إرضاء حزب الله في السير بإزاحة المحقق العدلي في قضية إنفجار مرفأ بيروت طارق البيطار والتصويت في مجلس النواب لصالح تفعيل اللجنة العليا لمحاكمة الرؤساء والوزراء، خوفا من خصومه المسيحيين الذين قد يستثمروا هكذا موقف ضده في الانتخابات، خصوصا أن الشارع المسيحي يتعاطف بشكل كبير مع أهالي الضحايا ومع القاضي بيطار الذي نقل عن أجوائه أيضا أنه يعطي هذه القضية بعدا طائفيا.

ولا هو نجح في الطعن الذي قدمه بالقانون الانتخابي الى المجلس الدستوري الذي أبقى القانون على حاله، وأبقى باسيل أسير أكثر من مئة ألف مسيحي منتشر مسجل على لوائح الشطب لا يعرف ميولهم السياسية في وقت تشير فيه التقارير الآتية من خارج الحدود أنهم في معظمهم يميلون باتجاه المعارضة أملا في التغيير.

ولا هو قادر على الاستمرار في العلاقة التحالفية مع حزب الله كما كانت في السابق، لسببين أساسيين: الأول يتعلق بالجمهور البرتقالي الذي يعيش حالة تململ من عدم وقوف حزب الله الى جانب عهد الرئيس ميشال عون، وعدم الدخول في وساطة لرأب الصدع بين التيار وحركة أمل، ومؤخرا وقوفه الى جانب الرئيس نبيه بري على حساب باسيل الأمر الذي يجعل هذا التحالف غير ذي جدوى بنظرهم، والثاني يتعلق بخصومه في الشارع المسيحي الذين يمعنون في إستهدافه إنطلاقا من تفاهم “مار مخايل”.

كما لا يستطيع باسيل التخلي عن التحالف مع حزب الله، لكن في الوقت نفسه يرى في مهاجمته ضرورة لارضاء جمهوره والشارع المسيحي، في حين أن سقوط تفاهم “مار مخايل” على وقع الضربات التي يسددها إليه باسيل في خطاباته لا سيما بعد اللاقرار من المجلس الدستوري، من شأنه أن يؤدي الى إستفراد باسيل في الساحتين السياسية والانتخابية، حيث لن يجد حليفا في الشارع المسيحي (قوات لبنانية، كتائب، مستقلون) ولا في الشارع الاسلامي (الثنائي الشيعي، المستقبل والاشتراكي) ولا لدى المجتمع المدني الذي يطالب باسقاطه، ما سيلحق به خسائر في دوائر إنتخابية عدة، في حين أن أي تراجع أو تنازل أمام أي من هذه المكونات حتى ولو كان من أجل التعاون أو التحالف الانتخابي فقط سيكون له تداعيات سلبية عليه.

أما قمة التخبط السياسي، فترجمه باسيل بالدعوة التي وجهها نواب التيار البرتقالي لعقد جلسة نيابية لمساءلة الحكومة بسبب عدم إنعقاد مجلس الوزراء، في حين أن باسيل كان هدد بتعطيل إجتماعاتها من خلال إمتناع وزراء التيار الوطني الحر عن الحضور في حال لم تتم إقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وهذا يتناقض تماما مع الدعوة لمساءلتها حول عدم الانعقاد، وكذلك مع تصريحات باسيل السابقة التي تؤكد عدم مشاركة التيار في الحكومة، كما يعي باسيل أن أيا من الكتل النيابية غير مستعدة في الوقت الراهن لاسقاطها كونها تشكل ضرورة للجميع، كما أن إسقاطها يعني سقوط العهد وإنتهاء ولايته بفشل كامل، لذلك فإن هذه الدعوة سواء كانت مناورة أو جدية فإنها إنقلبت عليه بشكل سيء.

في غضون ذلك، ترى مصادر سياسية مواكبة أن على باسيل أن يعترف بالخسارة التي ألحقها به اللاقرار في المجلس الدستوري وأن يعمل على لملمتها، وهو أمر طبيعي في الحياة السياسية، وبالتالي عليه أن يبتعد عن بعض الرؤوس الحامية المحيطة به، وأن يخفف من عصبيته، لأن الاستمرار في هذا النهج سيؤدي الى مزيد من الخسائر التي قد يكون لها تداعيات كارثية عليه سواء قبل إنتهاء ولاية الرئيس عون أو بعدها!..

Exit mobile version