إيران وتعزيز الاستقرار الإقليمي وفق إدراك قادتها إن ما قدمته طهران يتمحور حول توفيرها الأسلحة والتدريب والمستشارين العسكريين لدعم الحكومات والحركات المتحالفة معها
هدى رؤوف-أندبندنت
رداً على البيان المشترك الذي أصدره أخيراً وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي، ووزيرة الخارجية البريطانية، بعد اجتماع أعربوا خلاله عن “القلق البالغ” بشأن أنشطة إيران الإقليمية والتصعيد النووي، أعلنت طهران أنها ترفض بيان المملكة المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي، وأعرب المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده عن أسفه لأن بعض الدول الغربية من خلال إجراءات مثل تصدير الأسلحة الحديثة إلى بعض دول المنطقة، تعدّ عوامل مهمة في “توتر المنطقة وكوارثها الإنسانية”.
وفي ما يخص البرنامج النووي الإيراني، أكد أن بلاده ما زالت ملتزمة بمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية واتفاقية الضمانات الشاملة، وستكون قادرة على الاستفادة من الاستخدام السلمي للطاقة النووية في إطار المعاهدة.
بيان وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي وبريطانيا، لا يختلف عن نظرة المجتمع الدولي إلى سياسة إيران الإقليمية التي كان يجب أن يبلورها اتفاق جديد أشمل وأقوى مثلما كان يستهدف الرئيس الأميركي جو بايدن. وقد جاءت تصريحات وزراء الخارجية متوافقة مع متطلبات تحقيق الأمن الإقليمي.
النقطة الرئيسة هنا هي في نظرة طهران إلى حقيقة دورها وتأثيراته. فخطيب زاده، شأنه في ذلك شأن كل المسؤولين الإيرانيين، يعتبر أنه “لطالما لعبت بلاده دوراً مسؤولاً في تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة، وبناء على ذلك دعت دول المنطقة إلى المحادثات والتعاون”. وتابع: “بناء على استراتيجياتها وسياساتها المبدئية، ترى إيران حل المشكلات الإقليمية من خلال التعاون والحوار بين دول المنطقة”.
وإذا ما أردنا تحليل التصريحات الإيرانية، وهل بالفعل العلاقات بين دول المنطقة والقوى الغربية هي السبب في زعزعة استقرار المنطقة، وأن طهران هي من لعب دوراً في تعزيز استقرار المنطقة، نجد أن التصورات الإيرانية ما زالت كما هي ولم تتغير. فإذا ما سعت دولة إقليمية إلى تعزيز الاستقرار، فإن دورها يتمحور حول توفير الموارد والعمليات والسياسات والمؤسسات الضرورية لتحقيق أهداف محددة، مثل نقل المعرفة وبذل جهود لتقديم البنية التحتية للأمن الإقليمي من خلال تعزيز القدرات العسكرية، وجهود تعزيز الاستقرار الداخلي والإقليمي والتقدم الاقتصادي، وتقديم مبادرات وجهود دبلوماسية لحل أزمات الإقليم. في حين أن ما قدّمته إيران حتى الآن يتمحور حول توفيرها الأسلحة والتدريب والمستشارين العسكريين لدعم الحكومات والحركات المتحالفة معها، مثل نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا، و”حزب الله” اللبناني، وحركة “حماس” في غزة، وجماعة “أنصار الله” في اليمن، والميليشيات الشيعية في العراق. وتركز سلوكها منذ 2011 في أعقاب موجة الاضطرابات التي شهدتها المنطقة العربية، في إظهار القوة وتأسيس مؤشرات لنفوذها في الدول الأخرى، كما اتضح إظهار وممارسة نشر قيمها عبر محاولات البناء المباشر لنظام سياسي مماثل في العراق وسوريا، ﻣﻦ ﺧﻼل الوساطة في اﻟﺼﺮاﻋﺎت، وتدريب الموظفين والإداريين والشرطة، وفي مختلف أشكال التعاون التجاري. ومارست إيران كل وسائل وأدوات التأثير الإقليمي من خلال توظيف أدوات “القوة الناعمة”، مثل مساعدات إعادة الإعمار وتطوير البنية التحتية ووسائل الإعلام والاستثمارات المالية، وسعت إلى تعزيز أمنها وخلق الفرص لاستباق تشكيل الحقائق السياسية الدولية وفقاً لمصالحها الوطنية.
ومن ثم فإن التصريحات الإيرانية عن دورها في تعزيز الاستقرار الإقليمي، بعيدة كل البعد عما عايشته الدول التي تدخلت فيها طهران من تعقيدات لأزماتها، على غرار ما حدث فى سوريا واليمن ولبنان والعراق، الذي تتدهور أوضاعه بعد كل الاستحقاقات الانتخابية التي شهدها وفقاً للنظام السياسي الذي تدخلت إيران في تشكيله.