الصخرة الروسية – الصينية
نبيه البرجي-الديار
أهي التغريدات البهلوانية لدونالد ترامب أم الرهانات العبثية لجو بايدن التي حملت وزير الخارجية الصيني وانغ يي على القول «علاقاتنا مع روسيا بصلابة الصخر» ، بعدما كان قد تحدث عن «شراكة الظهر الى الظهر»؟
الآن تشكيك بـ»عبقرية» هنري كيسنجر الذي شق، بديبلوماسية البينغ بونغ، الطريق الى الصين أمام ريتشارد نيكسون الذي أثار ذهول العالم وهو يتبادل القهقهات مع ماو تسي تونغ. آنذاك كتبت الـ «النيويورك تايمز»عن الأضواء المطفأة، والوجوه المطفأة، في الكرملين …
كيسنجر راهن على تحويل نهر الحب (الايسوري) بين روسيا والصين الى نهر الكراهية.
بالفعل اندلعت معركة ضارية بين البلدين الشيوعيين على ضفاف النهر. لكن الخطيئة التي ارتكبها الرجل أنه فتح الأبواب التكنولوجية، والاقتصادية، أمام «الأرنب الصيني».
جورج بوش الأب، بالشخصية المتعددة الأبعاد (خريج جامعة ييل، والطيار ابان الحرب العالمية الثانية، ثم المليونير النفطي قبل سن الأربعين)، كان أول سفير أميركي في بكين.
وحين عيّن لاحقاً مديراً لوكالة الاستخبارات المركزية، لاحظ «الثقوب» في رؤية كيسنجر الذي كان يعتبر أن الصين، مهما تطورت، تبقى جبل الملح الذي يتساقط بضربة قدم من الولايات المتحدة.
الأيام أثبتت مدى الغباء في تلك النظرة. الأرنب تحوّل الى تنين. هذا كان رأي ستيف بانون الذي كان بمثابة الدماغ الايديولوجي لدونالد ترامب قبل أن يتم اقصاؤه عن منصب كبير المستشارين في البيت الأبيض «لأن الرئيس لا يستسيغ التعامل الا مع الطناجر الفارغة!».
كلام وانغ يي كان له وقع الزلزال في واشنطن، بعدما كان «وزير الدفاع الاســرائيلي» بني غانتس قد أسرّ في أذن نظيره الأميركي لويد أوستن بأن معلومات «الموساد» تؤكد أن ايران هي الطرف الثالث مع الثنائي الروسي ـ الصيني في محاولة ضرب الاستراتيجيات الأميركية، ومن الشرق الأقصى الى الشرق الأدنى.
هل من نتيجة أخرى لانشاء الحلف الثلاثي (أوكوس) مع كل من بريطانيا واوستراليا سوى استثارة الصين والوصول الى حالة «الانصهار الاستراتيجي» بين فلاديمير بوتين وشين جينبينغ ؟
مثلما يعتبر الصينيون تايوان جزءاً من أرضهم، يرى الروس في دونباس حالة روسية (كاملة الأوصاف) داخل أوكرانيا. كلام الوزير الصيني في منتهى الوضوح. دفع أميركا الى الوراء.
لا مكان للأطلسي على تخوم روسيا، ولا مكان لأوكوس قي بحر الصين الجنوبي، والا …
ربما كان سبب التعثر في مفاوضات فيينا اعتقاد الايرانيين أن الأميركيين يتراجعون في الشرق الأوسط، وهذه قناعة الحلفاء، في حين يتقدم الروس والصينيون. دور آخر، واستراتيجية أخرى، للبلدين في المنطقة. هذا ما يتوقعه المعلق الأميركي يوجين روستون الذي لاحظ أن «تاريخنا في الشرق الأوسط هو تاريخ الرمال…».
اذاً، كل الضجيج حول حرب أطلسية على روسيا، وحرب «اسرائيلية» على ايران، أشبه ما يكون بـ»أوبرا الصابون» ، لأن أي صراع عسكري لا بد أن يفضي الى الحرب العالمية الثالثة، أي الى نهاية العالم.
لكن الأميركيين يخشون من اللوثة التوراتية في العقل السياسي، كما في العقل العسكري، لدى الاسرائيليين، لا سيما حين تتناهى اليهم الصيحات الايرانية بازالة الدولة العبرية من الوجود.
بنيامين نتنياهو حاول، عبثاً، استدراج ترامب الى توجيه ضربة نووية الى ايران. هو من قال «لن تسقط مسادا ثانية»،في اشارة للواقعة (المفبركة) عام 73 للميلاد حين حاصر الرومان الحصن الجبلي (مسادا) الذي يطل على البحر الميت، وحيث لجأ المتمردون اليهود الذين آثروا الانتحار الجماعي على الاستسلام …
جماعة «جي ستريت»اليهودية تحذر «اسرائيل» من الانتحار الجماعي بالصواريخ التي ستنهال عليها اذا ما شنت الحرب، حتى ولو استخدمت الرؤوس النووية ؟
لسؤال لم يعد متى الحرب، بل متى يالطا الأخرى ؟ لا بد أن نرى بايدن وبوتين وجينبينغ حول الطاولة المستديرة …