يدخل لبنان أسبوع الأعياد هذه المرّة من دون عطلة سياسية. إذ أنّ عدداً من الاستحقاقات ينتظر اللبنانيّين في أسبوع الميلاد.
بدايةً من المجلس الدستوري الذي سيصدر قراره الإثنين أو الثلاثاء، بالحدّ الأقصى، وسط توقّع أن يعلن أنّه لم تتوافر الأكثرية لحسم الطعن المقدّم من تكتّل لبنان القوي بقانون الانتخابات النيابية. وبالتالي ستبقى التعديلات التي أقرّها مجلس النواب، لكن مع الإبقاء أيضاً على موعد الانتخابات في أيّار وليس في آذار.
الاستحقاق الأهمّ، الذي يمكن أن يغيِّر في المشهد الجامد منذ أسابيع، هو ما قاله رئيس مجلس النواب نبيه بري لـ”الشرق الأوسط” متحدّثاً عن “أسبوع مفصليّ”، وعن مساعٍ يعمل عليها لحلّ الأزمة القضائية والحكومية على حدٍّ سواء.
فبعد الحرب الإلكترونية بين التيار الوطني الحر وحركة أمل، وحرب الهاشتاغ بين “مش نبيه” و”جنرال جهنّم”، تشير المعلومات إلى أنّ حزب الله ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي دخلا على خطّ التهدئة الإعلامية بين نواب الكتلتين أوّلاً، ثمّ التهدئة الإلكترونية، على أن ينسحب ذلك في السياسة. لكن المعلومات تشير إلى صعوبات يواجهها حزب الله في التهدئة بين أمل والتيار.
ماذا يُعَدّ في الكواليس؟
كان لافتاً جداً بيان “تكتّل لبنان القوي” الذي صدر السبت بعد اجتماع برئاسة باسيل، وتحدّث فيه التكتّل عن “استنسابية” قاضي التحقيق العدلي في انفجار مرفأ بيروت طارق البيطار. وهذا تغيّر في “اللهجة” الباسيلية اتجاه البيطار. وسط تساؤلات عما إذا كان هذا التعبير يدخل في نظاق تهيئة الأرضية الشعبية والسياسية لتغيير الموقف من البيطار والوصول إلى تسوية تؤدّي إلى تصويت التيار الوطني الحرّ مع إحالة الرؤساء والوزراء إلى المجلس الأعلى لمحاكمتهم.
مصادر التيار العوني تشير إلى أنّ هذه العبارة جاءت للكلام عن الاستنسابية في التوقيفات الحاصلة، والسؤال عن سبب وجود موقوفين منذ أكثر من سنة مقابل عدم توقيف آخرين؟
أمّا الكلام عن إشارة أراد رئيس التيار جبران باسيل إرسالها إلى الثنائي الشيعي دلالة على الاستعداد للوصول إلى تسوية تعيد إحياء الحكومة والعهد معاً، فتعلِّق الأوساط المتابعة أنّها “غير كافية”، وتحديداً بالنسبة إلى الرئيس برّي، “بعد رفع السقوف عالياً جدّاً بين أمل والتيار”.
فما هي التسوية الممكنة؟
في معلومات “أساس” أنّ هناك مساعٍ للإطاحة برئيس المجلس القضاء الأعلى سهيل عبود وبقاضي التحقيق العدلي طارق البيطار معاً. اسم سهيل عبود ليس بعيداً عن الاستحقاق الرئاسي، وبالتالي إبعاده عن رئاسة مجلس القضاء الأعلى يعني إبعاده عن السباق الرئاسي أيضاً. وتشير المعلومات إلى أنّ التسوية تقوم على ضرورة موافقة فريق رئيس الجمهورية على الإطاحة بالبيطار مقابل الإطاحة بعبود. وحينئذٍ يذهب مجلس القضاء الأعلى إلى إقالة عبود والبيطار، ويعيّن وزير العدل هنري خوري بالتوافق مع مجلس القضاء الأعلى قاضي تحقيق آخر .
لا حسم بعد وسط السقوف العالية لدى كلّ الأطراف. فرئيس الجمهورية ميشال عون، كما تشير المعلومات، يطالب منذ زمن بالتدقيق الجنائي وبضرورة الإطاحة بحاكم مصرف لبنان رياض سلامة بحجّة “الدعاوى المرفوعة عليه في أكثر من بلد”. يثير هذا المطلب مخاوف خصوم عون وباسيل، إذ يعتبرون أنّ إبقاء سلامة في موقعه يحمي الموقع من حاكم جديد محسوب على باسيل سيتيح للأخير الحصول على مفاتيح البلاد من خلال مصرف لبنان، وهو ما لن يقبل به خصومه.
بين تمسّك برّي بإجراء الانتخابات النيابية، وتمسّك عون بإبقائها في أيار المقبل، والتخبّط داخل المجلس الدستوري الذي قد يؤدّي إلى “لا قرار”، وكواليس التسوية والأسبوع الحاسم الذي تحدّث عنه برّي يوم السبت، قد يحين الميلاد ومعه هديّة للقوى السياسية بإتمام التسوية فيما بينهما، أو قد يحين على وقع أزمة أكبر واشتباك مستمرّ إلى العام المقبل.