الأخبار
على هامش الأحداث المفصلية التي تعيشها غزة، من مناورات عسكرية وحراك سياسي ودولي تُترجمه الوفود الإقليمية الزائرة، عَقد القيادي المفصول من حركة «فتح»، محمد دحلان، المؤتمر التنظيمي الأوّل لتيّاره، وسط حضور قيادات سياسية وثقافية وعشائرية. تظاهرةٌ إعلامية وجد فيها «رجل الإمارات» الطريقة الأنجع لإعادة ترتيب صفوفه، على نحو يناسب استحقاقات المرحلة المقبلة
وفي هذا الإطار، أشار سفيان أبو زايدة، وهو قائد «ساحة غزة»، في لقاء عبر قناة «الكوفية» التابعة لـ»الإصلاحي»، إلى أن «التيار معنيّ بالعملية الديموقراطية بحدّ ذاتها (…) ليرسل رسالة إلى الفصائل الفلسطينية وإلى المؤسّسات بما فيها الجامعات، وحتى المستوى الرسمي، بضرورة اعتماد الديموقراطية كنهج مدني لتصدير مُمثّليهم». وأُغلقت صناديق الاقتراع لانتخاب قيادة «الإصلاحي» في غزة، يوم الجمعة. ووفقاً لعزام شعث، وهو المتحدّث باسم المؤتمر التنظيمي، فقد رشّح 125 شخصاً أنفسهم في الانتخابات التي ستفرز القيادة الجديدة، فيما يحقّ لـ621 عضواً من أعضاء المؤتمر التصويت على 64 مقعداً.
أجواء المؤتمر أراد لها دحلان أن تكون احتفالية، لتُحقّق صدًى دولياً، وخصوصاً في روسيا التي من المحتمل أن تلعب دوراً لافتاً في المرحلة المقبلة، حيث تسعى موسكو التي استَقبلت وفدَين «فتحاويين»، ضمّ أوّلهما دحلان إلى جانب سمير المشهراوي، مطلع تشرين الثاني الماضي، وثانيهما رئيس السلطة محمود عباس في نهاية الشهر ذاته، إلى تفعيل ملفّ المصالحة «الفتحاوية» الداخلية التي من شأنها إعادة الأوّل إلى أوساط الحركة الأمّ. ويحمل المؤتمر، وفق مصدر مطّلع من داخل «الإصلاحي» تحدّث إلى «الأخبار»، أهدافاً تنظيمية ذات بعد مستقبلي، أوّلها: هو التخفّف من عبء الشخصيات القيادية التقليدية ذات النفوذ الكبير والامتيازات التاريخية التي لا يمكن تجاوزها عبر التهميش والإلغاء، من أمثال ماجد أبو شمالة، وسفيان أبو زايدة، وأسامة الفرا، وجمال أبو حبل؛ إذ يرى القيادي الذي يتّخذ من أبو ظبي مقرّاً لإقامته، أن تلك الشخصيات أدّت الدور الذي كان منوطاً بها، وهو تقويم عمل التيّار فور عودته إلى القطاع عقب حرب عام 2014، ولا سيما ترتيب العلاقة مع حركة «حماس»، واختراق البنى التنظيمية التي كانت تمتلك موقفاً سلبياً من الأخير.
يريد دحلان التخفّف من عبء الشخصيات التقليدية وإخراجها من دائرة القرار بطريقة «حضارية»
وكان النائب ماجد أبو شمالة، وهو أحد القيادات «الفتحاوية» البارزة، قد قدّم لدحلان تشكيلة تنظيمية لقيادة «ساحة غزة»، تتكوّن من 121 شخصية، ترى قيادة التيّار المكوّنة من الثنائي دحلان – المشهرواي، أنها ستُثقل عمل الكيان التنظيمي بأعباء مالية وإدارية، هو بمنأًى عنها. ويلفت المصدر نفسه إلى أن تلك الأسماء أسّست طوال سنوات «كوتات» صلبة داخل التنظيم، تشغل مناصب ووظائف، من دون أن تؤدّي أدواراً فاعلة، مضيفاً أن دحلان يريد أن يتخفّف من عبء هؤلاء، ويخرجهم من دائرة اتّخاذ القرار بطريقة «حضارية»، لا تقود إلى تفسّخٍ داخل البنى التنظيمية للحركة، متابعاً أن «دحلان استغلّ القيمة الاعتبارية الكبيرة للمذكورين، والتي لا تتيح لهم مزاحمة الشباب المحدَثين، خوفاً من النتائج غير الآمنة للانتخابات، ليضمن انكفاءَهم عن الدخول في السباق الانتخابي». أمّا الهدف الأهمّ، فهو الآمال التي يُعلّقها دحلان على نجاح المساعي الدولية التي ترعاها روسيا، في إعادة دمجه داخل البنية الحزبية لحركة «فتح»، بعد إقناع «أبو مازن» بالقبول بإجراء مصالحة حزبية، لا تزال تعترضها عقبةُ الاستحقاقات التنظيمية التي تطالب بها الشخصيات الكبيرة، كعضوية «اللجنة المركزية لحركة فتح» و»اللجنة التنفيذية لمنظّمة التحرير» و»المجلس الوطني». وبهذه الانتخابات، يقلّص دحلان عدد المناصب الحزبية القيادية لديه، من 121، إلى 64 قيادياً شاباً، لا يمتلكون مطالب تعجيزية لتحقيق المصالحة.