محمد علوش- الديار
لا يمكن أن تتغيّر العلاقة بين لبنان والسعودية بالطريقة التي يعمل بها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، او وزير الداخلية بسام مولوي، ولكن هناك من قرأ في لبنان تبدّلاً باستراتيجية المملكة تجاه بيروت، ويحاول البناء على هذه القراءة لحجز موقع متقدّم له في الصورة المستقبلية.
منذ توقيع التسوية الرئاسية عام 2016، قررت السعودية الإبتعاد عن الساحة اللبنانية شيئاً فشيئاً، بعد أن اكتشفت أن القوى السياسية التي دعمتها طيلة سنوات أوصلت مرشح حزب الله الى رئاسة الجمهورية، وساءت علاقة المملكة مع لبنان إبان أزمة سعد الحريري الشهيرة، حتى وصلت أخيراً الى اعتبار لبنان وكأنه لم يكن بالنسبة إليها، وباتت تركز على حزب الله فقط كونها تعتبره شريكاً بالحرب عليها.
حاول الفرنسيون والأميركيون تليين الموقف السعودي من لبنان عندما كُلف سعد الحريري تشكيل الحكومة، ولكنهم لم ينجحوا بتحقيق الخرق، ولكن يبدو بحسب مصادر مطلعة، أن ما حصل خلال الزيارة الفرنسية الرئاسية الى الرياض مؤخراً أدى الى تغيّر ما بالموقف السعودي.
وترى المصادر أن ولي العهد محمد بن سلمان أبدى اهتماماً بالملف اللبناني، ربما لأن التسويات التي تُرسم بالمنطقة تقترب من الوصول الى خواتيم معينة، ولا يريد السعودي البقاء خارج اللعبة، او ربّما لأن ماكرون أقنعه بالدخول الى اللعبة الانتخابية لتغيير قوى الأكثرية، لذلك يفتح بن سلمان الملف اللبناني خلال لقاءاته مع المسؤولين الخليجيين، وفتح الباب أمام استقبال شخصيات لبنانية تحاول الحصول على دعم المملكة خلال الانتخابات المقبلة.
لا يعول بن سلمان على قوى المجتمع المدني كما الاميركيين، تضيف المصادر،لذلك يحاول الحزب التقدمي الاشتراكي التودّد من المملكة، كذلك «القوات اللبنانية»، ولكنه لم يجد حتى اللحظة فريقاً سنياً يعتمد عليه، وهنا يأتي دور نجيب ميقاتي.
يحاول ميقاتي تقديم الهدايا للسعوديين، تارة عبر استقالة وزير الاعلام جورج قرداحي، وتارة أخرى عبر المولوي وقضية «جمعية الوفاق» البحرينية، وهو رغم علمه بأن هذا الأمر من شأنه إثارة النعرات مع حزب الله، وتعريض حكومته للخطر، إلا أنه يحاول القيام بكل ما يمكن القيام به لتقديم أوراق اعتماده الى السعوديين الذين يفكرون باعتماد استراتيجية جديدة في لبنان، والسعي عبر الانتخابات لتحقيق خرق ما، ويرغب ميقاتي بأن يمثل الجناح السنّي.
كذلك، يسعى الحزب التقدمي الإشتراكي لأن يعود «تيار المستقبل» الى الساحة السياسية وخوض الإنتخابات النيابية الى جانبه في اكثر من دائرة منها الدوائر الأساسية في الجبل، ورغم صعوبة هذه المسألة لدى الحريري، إلا أن المسألة بالنسبة لرئيس «تيار المستقبل» لا تتعلق بشكل التحالفات، بل بأصل القدرة على المشاركة، وهنا القرار ليس بيده بل بيد ولي العهد السعودي، وبعد أن قررت المملكة العودة الى الساحة اللبنانية، هناك فرصة للحريري لكي يشارك بالإنتخابات النيابية.
لا تقتصر المنافسة السنية على الحريري وميقاتي، إذ تكشف المصادر وجود اكثر من شخصية سنية تحاول كسب التأييد السعودي لخوض الانتخابات النيابية، فمن ستختار المملكة؟