صونيا رزق- الديار
قبل حوالي العامين وعلى مدى اشهر، علت اصوات المعارضين لتطالب بإقالة او إسقاط رئيس الجمهورية ميشال عون في الشارع، ومن خلال التظاهرات التي كانت تعّم المناطق، فأتى الرد من البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي رفض تلك الدعوات، معتبراً بأنّ الرئيس لا يعامَل بهذا الأسلوب، بل وفق الأصول الدستورية، مؤكداً رفضه لهذا المطلب، والجواب المماثل اتى قبل سنوات ايضاً، حين رفض البطريرك الراحل مار نصرالله بطرس صفير المسّ برئيس الجمهورية الاسبق اميل لحود، على الرغم من عدم وجود تقارب بينهما حينها، لانّ المس بمقام الرئاسة الاولى ممنوع، وكان من الاجدى لو يجتمع المسيحيون احزاباً وشخصيات سياسية وفعاليات للتأكيد على هذا الامر مهما كانت اسبابه، لانّ تداعياته ستكون وخيمة على المسيحيين بشكل عام.
لكن أين يُصرف هذا الكلام، تسأل مصادر مسيحية، طالما المسيحيون يستمرون في تناحراتهم على «الكرسي» التي لم توحّدهم في أي مرة، فيما في الطوائف الاخرى يبقى المركز هو الاهم لديها، وعلى سبيل المثال لدى الطائفة الشيعية، التي تتوحد حين يتعلق الامر بالمركز الثاني في الدولة، أي رئاسة المجلس النيابي التي تحظى دائماً بالموافقة، وتوحيد الكلمة على الرئيس نبيه بري منذ عقود، الامر الذي لم نره في أي مرة لدى الطائقة المارونية، على الرغم من تكرار حالات الفراغ في سدة الرئاسة، بحيث يغادر الرئيس من دون ان يسلّم الخلف، في إنتظار التوافق الخارجي على إسمه وإطلاق الضوء الاخضر نحو الداخل، ليأتي الاسم معلّباً.
لكن اليوم وفي ظل الوضع المتأزم الذي وصل اليه لبنان، حتى بات سقوطه المدوّي قريباً جداً، بحسب ما ترى مصادر اقتصادية مطلعة على اوضاعه المالية بدقة، لان ترف الوقت غائب، والمخاوف تزداد من ضياع الوطن وعدم تواجده قريباً على الخارطة الدولية، أي المخاوف تطوقه من كل النواحي ومن المستقبل القريب، فثمة كلام يدور في الكواليس والمطابخ السياسية عن الفراغ الرئاسي، الذي سيطول حتى اجل بعيد المدى بعد إنتهاء فترة رئاسة العماد عون، فلا رئيس في القصر الرئاسي بعد عام، في ظل مقولة يردّدها البعض «ميشال عون هو آخر رئيس مسيحي في لبنان».
الى ذلك تبقى هذه المقولة مرفوضة بقوة، خصوصاً لدى الفاتيكان وبكركي بصورة خاصة، في ظل معلومات بأنّ بكركي لن تقف مكتوفة الايدي حيال هذا الامر، وهي مستمرة بدق الراعي ناقوس الخطر، وبطلب مساعدة الفاتيكان لحل أزمة الاستحقاق الرئاسي المرتقب، لانّ المسألة تتعلق بنظام لبنان، وبالتالي كل ما يحكى ويدور في إطار الفراغ المرتقب في الموقع المسيحي الأول في لبنان، من شأنه إلحاق الضرر الاكبر بالمسيحيين اولاً، وبالتوازن الميثاقي ثانياً.
وفي هذا الاطار، ينقل وزير حزبي سابق وجود هواجس مسيحية مما يحصل اليوم من تحوّلات في المنطقة، وعدم وجود جهوزية للتعاطي مع هذه المتغيرات والتطورات المتسارعة، وسط تردّي الوضع المسيحي ما جعله يتطلب عملية إنقاذ سريعة، والمهمة صعبة جداً لان الخلافات السياسية ثقيلة، وقد تُركت للبطريرك الراعي من اجل حلحلتها، لذا تبدو مهمته صعبة جداً، خصوصاً ان إمكانية تحقيق لمّ الشمل المسيحي في ظل الاستحقاق الرئاسي المرتقب سيبقى صعب المنال، لكن عليهم تخطي كل المصاعب التي تقف حجر عثرة امام توافقهم، فالبلد في خطر كبير لم يعرف لبنان مثيلاً له حتى في فترة الحرب، لذا نناشد ونكرّر: «عليكم ان تتعالوا عن الانانيات والمصالح الذاتية، وعن كيفية التفكير بالمراكز، والاتفاق بأسرع وقت على وحدة الموقف للجم كل التحديات، لان الساحة المسيحية تنتظر توافقاً من قيادييّها على شخص الرئيس المقبل، قبل ان تضيّعوا آخر مركز مسيحي لكم في هذا الشرق».