راكيل عتيّق-الجمهورية
يتفادى «حزب الله» الدخول في أي سجال علني وإعلامي مع حليفه «التيار الوطني الحر»، ويدير حتى الآن أذنه الصمّاء الى ما يخرج على لسان نواب «التيار» من انتقادات له ولرئيس مجلس النواب نبيه بري ومن محاولة «دق الإسفين» بين «الثنائي الشيعي». لكن بالنسبة الى «الحزب»: بري أولاً، والخلاف الشيعي – الشيعي ممنوع. كذلك يجزم أنّ موقفه وحركة «أمل» واحد، إن بالنسبة الى الاعتراض على قاضي التحقيق في جريمة انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار او بالنسبة الى المشاركة في جلسات مجلس الوزراء.
إعتبر عضو تكتل «لبنان القوي» النائب جورج عطالله، في حديثٍ تلفزيوني أمس الأول، أنّ «المشكلة بين «التيار» و»حزب الله» تُحلّ إذا تم إبطال توكيل بري بالكلام عن «الثنائي الشيعي». وفيما يُلاحظ أنّ «التيار» يحاول تصوير أنّ مشكلة البيطار – الحكومة يُمكن حلّها مع «الحزب» الّا أنّ العقبة أمامها تتمثّل بدور بري. تقول جهات سياسية: إنّ «التيار» نسي أو يتناسى أنّ «الحزب» يعارض البيطار أكثر ممّا يعارضه بري، الى حد أنّ مسؤول وحدة التنسيق والإرتباط في «الحزب» وفيق صفا هدّد البيطار في قصر العدل بـ»قبعه»، فيما أنّ موقف بري من البيطار أكثر ليونة، ومنذ اليوم الأول يسعى الى إيجاد حلّ ليس عبر تطييره، بل عبر إحالة النواب الوزراء السابقين المتهمين في الملف الى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، بحسب الدستور والقوانين. وبالتالي، إنّ «التيار» يستخدم هذا «الأسلوب التفريقي» بين قطبي «الثنائي الشيعي» لأنّ «الحزب» لا يجاريه من جهة ولمهاجمة بري وشد العصب الطائفي على أبواب الانتخابات من جهةٍ ثانية، وثأراً لـ»الخسارة» في قانون الانتخاب في وقتٍ يُنتظر قرار المجلس الدستوري حيال طعن «التيار» بهذا القانون».
أمّا بالنسبة الى «حزب الله»، فبري أولاً، حتى بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون حليف «مار مخايل» وبري، يقف «الحزب» مع بري، مع محاولته التوفيق بين الرجلين، وذلك انطلاقاً من تشبث «الحزب» بوحدة الطائفة وعدم خلق أي إشكال شيعي – شيعي سياسي قد ينعكس على الأرض. وفي موضع حلّ معضلة البيطار – الحكومة لعودة الوزراء الشيعة الى المشاركة في جلسات مجلس الوزراء، فإنّ الحزب «مسلّم الدفة» الى بري، وفق مصادر قريبة من «الثنائي الشيعي». وتقول مصادر نيابية قريبة من «الحزب» لجهة الاعتراض على البيطار: «إنّ الرئيس بري كان واضحاً في كلامه الأخير هذا الأسبوع»، مشيرةً الى أنّه «يتصدى لهذا الموضوع».
كذلك يؤكد «الحزب» أنّه «لا يُساير» بري في موضوع التحقيق في جريمة المرفأ، ويركز على موقفه الواضح لجهة اعتراضه على البيطار لأنّه «يعمل استنسابياً وانتقائياً». وتقول مصادر قريبة من «الحزب»: «موقفنا واضح، هناك جملة اتهامات وُجّهت إلينا في الإعلام لجهة مسؤوليتنا في انفجارالمرفأ، ونحن طبعاً رفضناها، كذلك نرى أنّ البيطار يمارس الاستنسابية وعدم وحدة المعايير والتسييس على حساب العدالة والقضاء، لذلك نرفض ممارسته، واحتجّينا إعلامياً وعملياً على عمله من خلال الدعاوى التي رُفعت أمام القضاء التي قدّمها محامو المتهمين». وتشدّد على أنّ «موقفنا وحركة «أمل» واحد في ما يتصّل بالبيطار وبموضوع المشاركة في الحكومة وانعقاد مجلس الوزراء».
وفي حين يسأل كثيرون، ومن بينهم رئيس الجمهورية، عن سبب ارتياب «حزب الله» من أداء البيطار، علماً أنّ مسار التحقيق لم يُطاوله، توضح المصادر نفسها أنّ «الارتياب منطلق من أنّ عمله واضح ويعتمد الاستنسابية، فيتهم رئيس الحكومة السابق حسان دياب ويُرسل وراءه ولا يستدعي رئيسي الحكومة السابقين سعد الحريري وتمام سلام، كذلك يتهم وزير داخلية دون آخر، وقائد جيش وليس آخر، وبالتالي إنّ الاستنسابية وغياب وحدة المعايير في مسار عمل قاضي التحقيق واضحة، كذلك التسييس، بمعنى أنّه يختار أشخاص دون آخرين ويتهمهم، وهم جميعاً باستثناء وزير الداخلية الأسبق نهاد المشنوق، من فريق سياسي واحد، فأين البقية؟ ألا علاقة لهم؟». وتسأل المصادر إيّاها: «لماذا يتجرأ البيطار على استدعاء دياب، هل لأنّ أحداً لن يحميه؟ لكنّه لا يتجرأ على اتخاذ هذه الخطوة ضدّ الحريري أو سلام اللذين كانا في السلطة أثناء وصول نيترات الأمونيوم الى المرفأ، كذلك يتهم الوزير الأسبق يوسف فنيانوس من دون اتهام وزراء الأشغال الآخرين المعنيين؟».
كذلك يركز «حزب الله» على ما نُقل عن البيطار قوله خلال أحد لقاءاته بعوائل ضحايا المرفأ، إنّه «سيربّي الطبقة السياسية»، ويتساءل: «هل وظيفته تحقيق العدالة عبر القانون أو الاقتصاص من الطبقة السياسية؟». ويؤكد ارتيابه الكبير تجاه ما ينوي البيطار اتخاذه من إجراءات، مذكراً بأنّه قام ويقوم بكلّ ما يُمكن القيام به للاعتراض على عمل المحقق العدلي، من خلال التظاهرات والقضاء والإعلام.
أمّا عن إصرار عون و»التيار» على الفصل بين الملفين، وضرورة انعقاد مجلس الوزراء بمعزل عن حلّ هذا الخلاف، كذلك انتقاده «الحزب»، فيعتبر «حزب الله» أنّ «حليفه البرتقالي» يتفهم هواجسه، وسبق لرئيس «التيار» النائب جبران باسيل أن عبّر عن ذلك علناً. ويؤكد «أنّ «العلاقة مع «التيار» ممتازة والتواصل قائم ومستمرّ، لكن الفارق بيننا وبينه أنّه يتحدث علناً عن أي اختلاف بيننا، أمّا نحن إذا كانت لدينا ملاحظة على أدائه ونوابه، فنقولها لباسيل، وهو يتحدث عبر الإعلام، وأسلوبنا يختلف عن أسلوبه، فماذا نفعل؟».
ورداً على مهاجمة «التيار» بري والدعوة الى سحب تكليفه التحدث بإسم «الثنائي الشيعي»، يتساءل «الحزب»: «نحنا بَدنا نسلّمو؟ هو رئيس مجلس نواب!»، ويؤكد أنّ بري يتابع هذا الموضوع ومكلّف الاتصالات في شأنه، و»نحنا وايّاه سوا».
أمّا بالنسبة الى حلّ معضلة البيطار – الحكومة، فينتظر «حزب الله» الحلّ الذي يقول رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إنّه يحاول أن يجده. ويرى «الحزب» أنّ «الحلّ موجود ضمن المؤسسة القضائية، وفي أي وقت يُمكن القضاء اتخاذ الإجراء المناسب له، سواء لجهة نقل الملف أو الحد من عمل البيطار، أو ما يراه مناسباً لتصحيح الخلل في مسار التحقيق وتصويبه.