مع تزايد الهجمات الاستيطانية في مناطق الضفة الغربية المحتلّة، يتوقع أن يصل عدد المستوطيين الى أكثر من مليون في السنة القادمة، مما يعني رفع معدلات التنكيلات وأعمال الجريمة والعنف للمستوطين بحق الفلسطينيين، والتي تتم بطريقة منمنهجة ومتعمّدة.
وفي هذا السياق، مقال لصحيفة “هآرتس” العبرية تقول فيه ان ظاهرة العنف لدى المستوطنين ليست “هامشية” – كما يدعي رئيس وزراء الاحتلال نفتالي بينيت – بل “ظاهرة إشكالية” وهي هدف “الدولة والحكومة الاسرائيلية”، وتكشف الصحيفة ان البؤر الاستيطانية في الأساس تُقام على أرض دون ترخيصات قانونية.
المقال المترجم:
علق مفتش من الإدارة المدنية أمراً بوقف العمل في سور حديقة ألعاب الأطفال في قرية سوسيا، وذلك صباح أمس الأربعاء، لا يعتبر تعليق الأمر عملاً عنيفًا على العكس من ذلك، يتم تعريفه على أنها خطوة مشروعة لإنفاذ القانون، حيث تم بناء الحديقة بدون ترخيص، لكنها خطوة تحتوي على طبقات من العنف تجاهلها “وزير الأمن الداخلي عمار بارليف عندما أشار فقط إلى عنف القلة المستوطنين إنه محق في رؤية عنفهم كظاهرة إشكالية، إنه ساذج عندما لا يذكر أن هذا هدفهم وهدف الدولة والحكومة التي هو عضو فيها.
قبل حوالي شهر من تعليق الأمر دخلت مجموعة من اليهود المستوطنين نفس الملعب في سوسيا، وقامت مجموعة من الجنود المسلحين بحراستهم وحمايتهم، يبدو أنه لم يكن هناك شيء عنيف هنا على العكس من ذلك، فإن مشهد بعض الشبان الاسرائيليين يتأرجحون على أراجيح مخصصة للأطفال في سن العاشرة والثامنة كان “مثيراً للسعادة”، من لا يشتاق لطفولته؟ لكنهم لم يكونوا هناك ليتذكروا طفولتهم… هم انتشروا بين أراجيح وألعاب الأطفال ، للتحذير مما رأوه عجز الإدارة المدنية، مثل جميع المباني في سوسيا، تم تشييد الحديقة، بدون تصريح لأن قرية سوسيا تقع في المنطقة “ج”، وعلى الرغم من أن الفلسطينيين الذين يعيشون في هذه القرية يعيشون على أراضيهم الخاصة فإن الإدارة المدنية لا تمنحهم تصاريح بناء.
لم يكن بإمكان الإسرائيليين في حديقة الألعاب أن يفعلوا ذلك لولا وجود جنود مسلحين يحمونهم جسديًا، ولولا حماية النظام القانوني والشرطي الإسرائيلي بأكمله في الضفة الغربية لهم، هم فعلوا ذلك للضغط على الإدارة المدنية لتدمير الأراجيح والزلاقات والألعاب، إن مجرد التهديد بالهدم بحد ذاته هو عنف، لأنه استخدام للقوة لإلحاق الضرر وفي هذه الحالة بالأطفال الفلسطينيين، يوجد حديقة ألعاب للأطفال للمستوطنين في مستوطنة سوسيا وكل تمييز هو شكل من أشكال العنف الذي يرتكبه القوي حتى لو لم يكن هناك جرحى وموتى.
الحديقة التي أقيمت في سوسيا منذ شهر فقط لا تزعج الغزاة فقط، لطالما طالبت جمعية ريغافيم المتطرفة ومستوطنة سوسيا التي أقيمت وازدهرت بفضل السيطرة العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية -طالبت- الإدارة المدنية بهدم جميع منازل القرية الفلسطينية منذ سنوات، كان سكان مستوطنة سوسيا اليهودية قد استولوا على بعض أراضيهم ولم يكن عليهم أن يظهروا عنفًا مباشرًا ولكنهم ببساطة يستغلون تفوقهم العسكري والاقتصادي للاستيلاء على هذه الأراضي، ومن جهتها رفضت الإدارة المدنية المخططات الهيكلية التي اقترحها سكان القرية الفلسطينية، وأوصتهم أنه “لصالحهم” عليهم بالتحرك والرحيل بالقرب من مدينة يطا يعني بالقرب من المنطقة “أ”، أمر التوقف عن العمل في حديقة الأطفال – الذي سيتبعه أمر هدم – وكل ما يرمز إلى كسر القلب، تهرب منه عضو حزب العمل وتناساه في تركيزه وانتقاده لعنف المستوطنين الذي وصفه بالفردي: ففي ظل عنفها المؤسسي تقوم إسرائيل – كنظام عسكري – ببناء المستوطنات في تلك المنطقة، وتمنع القرى الفلسطينية من التطور بل وحقها الوجود وتطرد الفلسطينيين من أراضي إلى البلدات والمدن المزدحمة بالسكان، وبهذا المعنى فإن عنف المستوطنين ليس سوى إضافة.
ومع ذلك فهي إضافة مهمة وصعبة إلى حياة الفلسطينيين، رئيس الوزراء نفتالي بينت يتساذج ويصدق عندما يقول إن عنف المستوطنين ظاهرة هامشية… بينت محق إذا كان يشير إلى الهجمات التي حظيت باهتمام “وسائل الإعلام الإسرائيلية” لسبب أو لآخر، فهي قليلة مقارنة بالهجمات التي لم يتم الإبلاغ عنها ولم يتم عدها وهو يتساذج لأنه يعرف بلا شك مقدار الربح الذي حققته الهجمات المبلغ عنها وغير المبلغ عنها وعائدها الكامل على المشروع الاستيطاني، وهدف إفراغ المزيد من السكان الفلسطينيين من أراضيهم.
كما وثقت منظمة بتسيلم وحسبت، فإنه على مدار الخمسة أعوام الماضية من العنف المستمر من قبل أربعة بؤر، تمكن المستوطنون في هذه البؤر من الاستيلاء على أراض فلسطينية مساوية لمساحة “مدينة حولون” أي حوالي 19 ألف دونم
هذه عينة فقط لأن عشرات المنازل الاستيطانية الصغيرة غير القانونية وغير المرخصة والعنيفة تمكنت في السنوات العشرين الماضية من الاستيلاء على حوالي مائتي ألف دونم (مائتي كيلومتر مربع) من الأراض – أي ضعف المساحة المقامة عليها جميع المستوطنات.
رئيس الوزراء مُحق إذا كان يعدّ الأشخاص الذين شاركوا ويشاركون فعلاً في الاعتداءات، لا حاجة لمستوطنة كريات أربع بكاملها، يكفي اثنا عشر مستوطناً ليخرجوا من هذه المستوطنة لإيقاظ حي كامل في الخليل من سباته، وتخويف عشرات الأطفال وتدمير تسع سيارات ليست هناك حاجة لأكثر من راعي غنم عبري واحد على متن “تراكترون” أو على ظهر حصان مسلح بمسدس وحوامة، لتدمير سبل عيش ما لا يقل عن اثنتي عشرة عائلة من الفلسطينيين، الذين لم يعد بإمكانهم رعي قطعانهم وزراعة الخضار والحبوب للقمة عيشهم، يكفي راعي عبري واحد لكل منطقة، يساعده أحيانًا مجموعة من الشباب المستوطنين الذين هربوا من المدرسة، كما حدث في محمية “أم زوكا” الطبيعية شمال غور الأردن في أراضي العوجة شمال أريحا، في أراضي كوبر وأم صفا غرب رام الله، في أراضي التواني شرقي يطا وبنفس الطريقة تمكن عدد قليل فقط من المستوطنين وما زالوا يسيطرون على عشرات الينابيع التي استخدمها المزارعون الفلسطينيون منذ قرون.
المصدر: “هآرتس”