يمكن القول ان رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية تخطى عمليا أزمة التصريح الذي تخبط به وزير الإعلام جورج قرداحي المحسوب على فريقه السياسي وأجبره على تقديم استقالته، وعاد الى المربع الآمن، لكن ليس خافيا على أحد ان فرنجية لم يكن مرتاحا من بداية الأزمة التي صبت في اتجاهه، مما دفعه لأن يتحرك في أكثر من اتجاه، فأزمة وزير الاعلام تركت مخلفات سلبية على وضعيته وجعلته في وضع مربك تجاه دول الخليج والمملكة من جهة ، ومع حلفائه في فريق ٨ آذار، وان كان حسم موقفه من البداية بعدم اتخاذ أي موقف خارج قناعاته السياسية المعروفة.

واذا كان فرنجية أحسن التموضع الى جانب حزب الله ، فان ذلك لم يعفه من اطلاق النار من جهة حلفاء آخرين في فريق ٨ اذار من داخل البيئة غير المعادية والمحور السياسي التابع له، حيث صوّب العونيون حملتهم في اتجاه «المردة» وتمّ تجريد قرداحي من حصانة بعبدا من دون تأمين الحماية السياسية له.

على الرغم من كونه من صقور الممانعة، الا ان فرنجية لم يكن بمنأى عن اصابات مباشرة، وكان واضحا من البداية اعلانه انه لن يهدي الاستقالة الى رئيس الجمهورية وفريقه السياسي من اجل تبييض وجه أحد، حيث كان واضحا ان ورطة قرداحي منحت رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الفرصة الذهبية للاستثمار بالأزمة لتهشيم صورة فرنجية رئاسيا وشعبيا.

مع ذلك يقول المطلعون ان فرنجية قبل الاستقالة وبعدها أحسن التعاطي مع الملف، ووضع خطة مواجهة للنيران الصديقة، فلم ينقطع عن التواصل مع بكركي، ولم ينغمس باستفزاز السعوديين مع حفظ «كرامة» الوزير والمحور السياسي ، ولم يرصد ضده أي خطأ تجاه حزب الله، كما يسجل في رصيده انه بقي الحليف الوفي لحزب الله في اللحظات الحرجة مزايدا على علاقة باسيل بالحزب التي تشهد هبات باردة وساخنة ومليئة بالتباينات .

ومع انقضاء الأزمة، فان علاقة الحلفاء في «المردة» و»الوطني الحرّ» تعود الى الواجهة مع الاقتراب من استحقاقات سياسية مهمة، حيث لا يعرف تموضعهما في الإنتخابات النيابية التي تحتم ان يكون الطرفان على مسافة جيدة ويتفاديان الصدام وتأمين مصلحة ٨ آذار انتخابيا، خصوصا ايضا ان علاقة مكوّنات هذا الفريق مع بعض ليست جيدة مؤخرا على خلفية تعطيل الحكومة والاختلاف في موضوع المحقق العدلي ، حيث يصطف «المردة» الى جانب حزب الله والرئيس نبيه بري ، فيما تشهد المواقف اليومية بين بعبدا وعين التينة وميرنا الشالوحي سلسلة طويلة من العواصف والأحداث وشد الحبال، وكان لافتا خروج رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل بمواقف ضد الثنائي الشيعي، اضافة الى انتقادات وجهها نواب الصف الأول في التيار لأداء حزب الله في موضوع الحكومة، وهذا الوضع بين حلفاء ٨ آذار بات يطرح علامات استفهام حول مصير التفاهمات السياسية على أبواب الاستحقاقات وفي مرحلة دقيقة سياسيا وأمنيا،حيث يتعرض حزب الله الى انتقادات،وبات واضحا ان التيار الوطني الحر يغرّد بعيدا عن السرب في مواضيع تحقيق المرفأ والعودة الى الحكومة .