قضية المحقق العدلي تتفاعل.. إشتباك سياسي أم تحقيق للعدالة؟…
سفير الشمال- غسان ريفي
أوحت الدعوة التي وجهها رئيس مجلس النواب نبيه بري الى رئيس مجلس القضاء الاعلى سهيل عبود بأن يكون للمجلس دور في قضية المحقق العدلي طارق البيطار، بأن مسار المبادرات لايجاد تسوية حول هذا الملف قد وصلت الى طريق مسدود، وبالتالي فإن تقليص صلاحيات القاضي بيطار لمصلحة المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، أو تنحيته عن هذه القضية بالكامل يفترض أن يأتي من القضاء نفسه الذي عليه أن يعالج أزماته بمفرده.
يبدو واضحا، أن تطبيق الدستور في ملف تفجير مرفأ بيروت دونه العديد من العقبات المتداخلة سياسيا وإنتخابيا وقضائيا وداخليا وخارجيا، وهو لا يستثني تصفية الحسابات التي بدأت تتظهر في الاشتباك القائم بين التيار الوطني الحر وحركة أمل، حيث يشير مطلعون الى أن جبران باسيل يحاول من خلال تعطيل التسوية المتعلقة بتطبيق الدستور وتفعيل المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء الى إصابة عصفورين بحجر واحد، الأول إستمالة الشارع المسيحي الرافض بأكثريته تقليص صلاحيات البيطار للاستفادة منه شعبيا وإنتخابيا، والثاني إستهداف الرئيس بري من خلال علي حسن خليل المدعى عليه والصادر بحقه مذكرة توقيف.
لذلك، لم يتوان الرئيس بري أمام مجلس نقابة المحررين الذي زاره أمس الأول، أن يكشف المبادرة التي عمل عليها مع البطريرك الماروني والتي أكدت على تطبيق ما ينص عليه الدستور في ملف المحقق العدلي، وقد حصل الرئيس بري على موافقة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، بينما حصل البطريرك الراعي على موافقة رئيس الجمهورية ميشال عون الذي عاد وبدل رأيه في اليوم التالي، حيث يتهم الرئيس بري باسيل بالتدخل وعرقلة هذا الحل واصفا إياه مع فريق عمله بالغرفة السوداء.
وفي هذا الاطار تؤكد ردة فعل الرئيس بري بأنه مستعد للصعود مشيا الى قصر بعبدا في حال لمس إيجابية من رئيس الجمهورية في هذا الملف، أن قضية تفجير مرفأ بيروت دخلت كسلاح فعال في الاشتباك السياسي بين التيار الوطني الحر وحركة أمل، أكثر من السعي للاقتصاص من المتورطين وتحقيق العدالة وإيصال أهالي الضحايا الى حقهم في معرفة من قتل أبناءهم.
ولا ينتهي الأمر عند هذا الحد، بل هو يتطور باتجاه سلوك المحقق العدلي طارق البيطار الذي يتهمه كثيرون بأنه يتطلع الى زعامة أو تحقيق بروباغندا تجعله رقما صعبا في الاستحقاقات السياسية المقبلة، خصوصا في ظل إستغراب هؤلاء من اللقاءات الدورية التي يعقدها البيطار مع أهالي الضحايا أو الموقوفين فضلا عن التسريبات الاعلامية التي تتنافى بشكل كامل مع العمل القضائي وخصوصا في ملف وطني وحساس كالذي بين يديه.
لا شك في أن الهجوم الذي تصاعد ضد القاضي بيطار من المحيطين بالثنائي الشيعي وصولا الى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، يؤكد أن ثمة هواجس من تضمين القرار الظني معطيات تستهدف الثنائي بالتكافل والتضامن أو كل بمفرده بالمباشر أو بالواسطة، الأمر الذي يعمل حزب الله على منعه ليس خوفا من قرار البيطار، وإنما تجنبا لمزيد من الاشتباك السياسي الذي قد يؤدي الى مزيد من تعطيل وشل الدولة، والتوترات التي يمكن أن تجتاح الشارع.
حتى الآن لا يبدو في الأفق إمكانية لعقد جلسة تشريعية لنقل الملف الى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، أو لدعوة رئيس الجمهورية الى عقد جلسة إستثنائية، في حين أن العقد الأول للعام المقبل يبدأ في الأول من آذار 2022، أي في عز الحملات الانتخابية للاستحقاق النيابي في أيار، وكذلك فإن القاضي البيطار لا يبدو مستعجلا لاصدار القرار الظني الذي ينهي مهمته ويعيده قاضيا عاديا، ما يعني أن تداعيات ملف تفجير مرفأ بيروت ستستمر، وربما يكون الآتي أعظم!..