على وقع اجراءات امنية تواكب الاعياد وتحاول الحد من الانفلات الامني، ومع بدء تطبيق اجراءات استثنائية لمواجهة تمدد «كورونا»اليوم، لا تزال «المراوحة» وانتظار «اللاشيء»، عنوان المرحلة، فالعجز عن الفعل والمبادرة يسرع الانهيار المالي والاقتصادي، الحكومة «المشلولة»غير قادرة على وقفه او التخفيف من حدة الارتطام،والاجراءات «الترقيعية» لوقف تهاوي الليرة، فاشلة، ولا احد يملك رؤية واضحة لكيفية الخروج من النفق، وثمة من يزايد على «شروط» صندوق النقد الدولي الخانقة، وياخذ البلاد نحو المزيد من الافقار، عبر التخلي عن كل مسؤوليات الدولة اتجاه الناس، فبعد المحروقات، والادوية، والمواد الغذائية، والطبابة، تطل ازمة الطحين «برأسها» من جديد وسط مخاوف من رفع الدعم النهائي عن هذه المادة الاستراتيجية، وكأن ثمة من يدفع البلاد نحو «الانفجار».
سياسيا، وفيما «تتوجس» الرئاسة الاولى من تاخير قرار المجلس الدستوري حول الطعن المقدم بقانون الانتخابات الى مطلع الاسبوع المقبل، وتتخوف من «تطيير النصاب» واسقاط الطعن، لا تزال» حرب» عين التينة –بعبدا على اشدها، على الرغم من نصائح حزب الله «للحليفين» بضرورة استيعاب خطورة المرحلة وتدارك الموقف لانهما مستهدفان باعتبار انهما «الخاصرة الرخوة» للمقاومة المستهدفة هذه المرة من «بوابة» الحدود الشرقية، مع كشف مصادر دبلوماسية عن تركيز مفترض العام المقبل على دور الحزب وايران في سوريا. لكن «لا حياة لمن تنادي» فمعارك «الزواريب» والمواجهة الرئاسية الاستباقية تتقدم على ما عداها، والحكومة اولى «الضحايا» وليست آخرها.
هل يصمد ميقاتي؟
في هذا الوقت، يواصل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي محاولاته اليائسة «لاسترضاء» السعودية، وقراراته المتتالية زادت «الشرخ» مع حزب الله دون ان تهوي بالعلاقة الى «القعر»بعد، لكن لا شيء مضمونا اذا ما استمرت الضغوط على رئيس الحكومة الذي يواصل «تدوير الزوايا» لمنع انهيار الحكومة، فالمملكة بحسب اوساط مطلعة لا تجد في مواقفه او مواقف وزير الداخلية ما يكفي «لنيل الرضى»، فالمطلوب اكثر لمواجهة حزب الله، والاعتقاد السائد في المملكة ان ميقاتي «يناور» ولا يرغب في «كسر الجرة» مع الحزب، والدليل على ذلك انه لم يرفع «سقف التحدي» معه ويرفض الدعوة الى جلسة حكومية بمن حضر، مع العلم ان رئيس الحكومة واضح في تجنب تحويل الازمة الى مواجهة «مذهبية» قد تطيح بالحكومة وتنقل الازمة الى «الشارع»، فهل يصمد حتى نهاية «الشوط» او يسقط في اختبار «الشعبوية» عشية الانتخابات النيابية خصوصا ان آخر «الرسائل» العلنية من الرياض وصلته بالامس عبر «تويتر» حين غرد السفير السعودي الوليد البخاري قائلا» حاول لودفيغ فيتغنشتاين من خلال كتابه «تحقيقات فلسفية « أن يقدم لنا رؤية نقدية لفكرة الكذب والخداع السياسي»، بقوله: لا شيء أصعب من تجنب خداع المرء لنفسه».!
ابو فاعور ينقل «رسالة»!
وفي هذا الوقت، علمت «الديار» ان النائب وائل ابوفاعور العائد من السعودية ابلغ ميقاتي بطلب من النائب السابق وليد جنبلاط، بان الاجواء في الرياض لا تزال على سلبيتها، ولم يلمس خلال لقاءاته هناك بحصول اي تغيير بعد الاتصال الهاتفي بينه وبين الامير محمد بن سلمان، ولا تزال اولوية المملكة تشكيل جبهة فاعلة لمواجهة واضعاف حزب الله، وهو امر غير متاح في ظل «سطوته» في الحكومة وخارج الحكومة.
اختبار «للنوايا»؟
هذه المعطيات، تتقاطع مع معلومات دبلوماسية تفيد بان الاجراءات الاخيرة ضد المعارضين البحرينيين لم تلق الاصداء الايجابية المتوقعة في المنامة والرياض، وكان واضحا ان الموقف الخليجي السلبي سببه عدم الاقتناع بجدية الخطوات اللبنانية «الاعلامية» مع المعرفة المسبقة بان مواقف ميقاتي ومولوي تمثلهما شخصيا وليست سياسة حكومية «يهيمن» على استراتيجيتها حزب الله، الذي يدير براي السعوديين كل «شاردة وواردة» في الدولة.. ووفقا للمعلومات، يضع السعوديون ميقاتي امام اختبار جديد «للنوايا» لجهة «تسييل» هذه القرارات، ونقل احد المقربين من الرياض سؤالا «خبيثا» لرئيس الحكومة، مفاده :هل سيستجيب الامن العام لطلب «طرد» هؤلاء ام سيبقى التعميم»حبرا على ورق»!
تحذيرات حزب الله
وفي هذا السياق، تبلغ رئيس الحكومة «رسالة» تحذير واضحة من حزب الله بعد قرار وزير الداخلية اللبناني بسام مولوي بترحيل المعارضين والحقوقيين البحرينيين بناء على طلب المنامة،تفيد بانه لن يقبل باي خطوات تؤدي الى «الاستسلام» الكامل للإرادة والإملاءات السعودية، لان هذه المسألة ستؤدي الى اختلال كبير في التوازنات الداخلية، وهو امر لن يمر بسلاسة، خصوصا ان الحزب لن يغير تضامنه مع الشعب البحريني والقوى السياسية المعارضة للنظام!وخلال رعايته الاجتماع الثاني للجنة التسييرية الوطنية لتنفيذ الخطة الوطنية لتطبيق القرار الأممي الرقم 1325 حول المرأة والسلام والأمن اعاد ميقاتي تكرار «رسائله» الاسترضائية لدول الخليج عبر طمانتها ان لبنان متمسّك بعمقه العربي وبعلاقته الوطيدة بالدول العربية الشقيقة ولا سيّما دول الخليج العربي، وفي موقف «سريالي» بتناقض مع خطوته ضد المعرضة البحرينية، زعم رئيس الحكومة تمسك لبنان بحرية التعبير منتقدا «المزايدات» في هذا الإطار!
لا اجتماع للحكومة قريبا!
وفيما تؤكد مصادر رئيس الحكومة انه»يقاوم» حتى الان الضغوط للدعوة الى عقد جلسة حكومية دون حل الاشكال مع «الثنائي الشيعي» لانه لا يريد ،ان تاخذ طابعا مذهبيا، ولا يريد التورط في عمل قد يؤدي الى شرخ داخلي؟ حسم ميقاتي وجود عقبات كثيرة، امام عودة الحكومة الى الاجتماع وقال أنّها تنحصر بـ»الظروف الحالية المتشنّجة»وغياب «الحدّ الأدنى من التفاهم»، مخالفاً بذلك دعوة رئيس الجمهورية ميشال عون، إلى التئام المجلس حتّى لو قاطعه وزراء حزب الله وحركة أمل. ورغم أنّ عون يرفض تمرير»الموافقات الاستثنائية» بوجود حكومة أصيلة، اكد ميقاتي أنّ «العمل الحكومي مستمرّ عبر الاجتماعات الوزارية التي نعقدها أو عبر الوزارات والإدارات المختصة لانه دون تأمين الحد الأدنى من التفاهم ستكون كمن يؤجّج الخلاف، ما يؤدي إلى تفاقم الأمور وتصبح أكثر تعقيداً، وطالب الجميع التخلي عن اعتبار الحكومة متراساً للكباش السياسي الذي لا طائل منه»…
«المشكل عند المربع الاول»!
وفي هذا السياق، عادت «السخونة» الى محاور السجال بين بعبدا وعين التينة، وعلى الرغم من «نصائح» حزب الله للطرفين بضرورة التهدئة في محاولة لايجاد الحد الادنى من «القواسم « المشتركة قبل الاستحقاق الانتخابي، لان المصلحة الاستراتيجية تحتم حصول هذا التفاهم في مواجهة مفتوحة تخاض من قبل «الخارج» وبعض الداخل لاضعاف حزب الله من خلال استهداف «خاصرته الرخوة» المتمثلة بحلفائه.
وحسب مطلعين على الازمة بين الطرفين، الامور عالقة عند «المربع الاول»، وتتجاوز الازمة الحكومية والقضائية، وترتبط مباشرة بالاستحقاق الرئاسي، ووفقا لمصادر مقربة من بعبدا، فان الرئيس عون «مستاء» من أداء الرئيس بري، وهو يتهمه بتعطيل الحكومة حتى نهاية العهد، بهدف منع اي انجاز؟ في المقابل، يرفض «التيار الوطني الحر» تمرير اي تسوية في ملف تحقيقات المرفأ، ولا يزال متمسكا بعدم اعادة مسألة الوزراء والنواب الى المجلس النيابي، وابلغ «الوسطاء» ان التراجع سيكون مكلفا شعبيا! وهو سيضغط على رئيس الحكومة من موقع الرئاسة عبر رفض توقيع المراسيم الاستثنائية الصادرة عن الوزارات.
اشتعال «خطوط التماس»؟
وفي هذا السياق، يزداد الشرخ يوما بعد يوم، وبالامس عقب تصريح لعضو تكتل «لبنان القوي»، النائب جورج عطالله، شنّ فيه هجوماً على رئيس مجلس النواب نبيه بري، معتبراً أنّ حزب الله محرجٌ من الكلام الذي يصدر عن رئيس المجلس، وأنّ «المشكل بينحل» إذا تمّ «إبطال توكيل بري بالكلام عن الثنائي الشيعي». رد عضوا كتلة التنمية والتحرير النائبَان علي بزي وعلي خريس، فرأى بزي، في بيان، أنّ كلام عطالله هو من «مفاعيل جهنّم العهد التي أوصلت اللبنانيّين إلى ما وصلوا إليه»، وقال متوجّها إلى عطالله إنّ «وكالة الرئيس نبيه بري من اللبنانيّين وليست من عهدك ولا من تيّارك. اعقل وتوكل…بدوره، اعتبر خريس، في تغريدة، أنّ «الحقيقة تحرّر صاحبها، أما الكذب فإنه يجعله أسير الوهم، وهكذا هم العونيّون، كلّما أردنا أن نحرّرهم بقول الحقيقة جنّ جنونهم، وكل ما جنّ العوني…ارحلوا.
«الكباش» القضائي
وفي هذا السياق، استمر «الكباش» حول التحقيق العدلي في جريمة المرفأ، حيث تقدم نجل النائب غازي زعيتر وكيله المحامي محمد زعيتر أمام رئيس الغرفة الأولى في محكمة التمييز القاضي ناجي عيد باسم زعيتر والنائب علي حسن خليل بطلب إعادة النظر بدعوى الرد التي تقدما بها سابقاً بحق القاضي طارق البيطار كون عيد بات المرجع المختص بطلبات الرد.
الحدود الشرقية مجددا؟
في هذا الوقت، وفيما سرب الاعلام الاسرائيلي معلومات عن استعداد الجيش الإسرائيلي لحرب شاملة ضد إيران، لا يكون الهجوم على مواقع النووي إلا جزءاً منها. وتتضمن الخطط العملياتية الجديدة إمكانية تبادل الضربات بشدة متغيرة بين الدولتين، مباشرة او بواسطة حزب الله، نقل مسؤولون لبنانيون عن دبلوماسي غربي في بيروت تاكيده إن المعركة السياسية – الأمنية الان تهدف من قبل حلفاء واشنطن في المنطقة لمنع تموضع إيران وحزب الله في سوريا، والعمل على اخراجهما من هناك، وهو امر تراهن عليه ايضا مكونات لبنانية «معادية» للحزب تراهن على نجاح هذه الاستراتيجية لاضعافه، ووفقا لتلك المصادر، فان العمل في العام المقبل سيتركز عبر الحلفاء في الخليج على «ابعاد» قوى المحور الشيعي عن سوريا، وهذه التسوية قد تتم عبر اتفاق أميركي – روسي، تنضم إليه الدول الخليجية وتركيا، وهي تركز على إخراج القوات الأجنبية التي دخلت سوريا بعد 2011 وضمنا ايران وحزب الله، على ان توضع آليات رقابة وإشراف على المعابر والحدود، وخصوصا الحدود اللبنانية الشرقية بحيث «يقطع» «شريان الحياة» عن حزب الله؟!
قلق من تعطيل «الدستوري»؟
في غضون ذلك، نقل زوار رئيس الجمهورية ميشال عون خشيته من التاخير «المتعمد» في بت المجلس الدستوري في الطعن المقدم من قبل تكتل «لبنان القوي» وتاجيل الحسم الى يوم الاثنين المقبل، اي قبل يوم واحد من انتهاء المهلة القانونية لاتخاذ القرار، وبعده سيكون القانون نافذا. وثمة مخاوف جدية من «تطيير» النصاب مطلع الاسبوع المقبل، ما سيضع الجميع امام «امر واقع» سيثير «زوبعة «سياسية وقضائية في البلاد. وفيما تلفت اوساط قضائية الى ان التاخير منطقي لان لا حسم بعد حول الطعن والنقاشات مستمرة، الا ان بواعث القلق من هكذا سيناريو «منطقية» بالنسبة للرئاسة الاولى، بعدما غياب عضويين عن جلسة الامس، واحد بحجة قطع الطرقات في البقاع، والثاني بداعي المرض، فماذا لو غاب اكثر من عضو يوم الاثنين بضغط سياسي؟
ازمة طحين واسعار المحروقات؟
وعلى وقع تارجح سعر الدولار، قطع عمال قطاع النقل امس الطرقات احتجاجا على غلاء المحروقات وسوء احوالهم المعيشية. وفيما تحدث عضو نقابة أصحاب محطّات المحروقات جورج البراكس عن ارتفاع جديد في اسعار المحروقات ربطا بارتفاع الاسعار العالمية وارتفاع سعر الدولار، عادت أزمة الطحين الى الواجهة من جديد، في ظل فقدان المادة بالامس في منطقتَي النبطية والجنوب، في ظلّ التقنين القاسي الذي تعانيه الأفران بسبب عدم تسلّم مادة الطحين بشكل طبيعي.ووصل التقنين خلال الساعات القليلة الماضية إلى الانقطاع التام، وأُقفل بعض محالّ توزيع الطحين، فيما أعلن بعض الأفران نيته الإقفال في الساعات المقبلة لنفاد مادة الطحين وغياب الموزعين عن تلبية حاجات السوق،وأوضح وكيل المطاحن في الجنوب، علي رمال، أن»المطاحن تعاني شحاً كبيراً في مادة القمح وصلت إلى حدّ النفاد النهائي، ويبدو أنّ هناك تأخيراً في فتح اعتمادات لهذه البواخر». وفي هذا السياق، وفيما تنفي وزارة الاقتصاد النية الى رفع الدعم، تخوفت مصادر مطلعة من مقدمات مريبة تهدف الى تمرير هذه الخطوة، وحذرت من ان قرارا مماثلا سيكون له نتائج كارثية وسيؤدي الى «انفجار» كبير في البلاد؟
صندوق النقد والاصلاح الشامل
ماليا، وفيما صدر تعميم جديد حول السحوبات بالدولار من قبل مصرف لبنان يطبق حتى نهاية العام، وذلك في محاولة جديدة للسيطرة على «تحليق» الدولار،أكد مدير التواصل في صندوق النقد الدولي، جيري رايس، أن «فريق الصندوق اطلع على أرقام الخسائر، التي توصلت لها الحكومة اللبنانية، وهو في صدد دراستها»، لافتًا إلى «وجود تقدم ملحوظ، في تعريف الخسائر بالقطاع المالي».واعتبر أن «أي تقدير لهذه الخسائر، من الضروري أن يتقاطع مع مشروع إصلاحات شامل، وخطة تعالج الازمة الاقتصادية والمالية.