الحدث

كابوس عون: أن يغادر الرئاسة ويبقى من أراد اقتلاعهم

يرفض عون التوقيع على المراسيم، ويرفض الدعوة لعقد دورة استثنائية للمجلس النيابي (حسن ابراهيم)
منير الربيع|المدن
..وتحتدم المعركة بين الرئيسين ميشال عون ونبيه برّي. وحده رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يبتعد وينأى بنفسه عن الصراعات والسجالات.
زهو ميقاتي وخراب البلاد
يتلقى اتصالات دولية، ويعقد لقاءات، ويربط المفاوضات مع الخارج بشخصه، وينظر إلى نفسه كـ”حكومة بأسرها” لا يشاركه قرارها أحد، فيفرح ويزهو بنفسه.

صحيح أن حزب الله يمنعه من عقد جلسة للحكومة، لكن ميقاتي يستفيد، ولا يتضرر. فالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي مناطة به. وهو من يقوم بالزيارات الخارجية ويجري لقاءات مع الرؤساء، ويتصل بزعماء الدول. وما لم ينجح أحد بانتزاعه في مفاوضات تشكيل الحكومة ومنحها صلاحيات استثنائية، ها هي تتحقق لميقاتي بنتيجة تعطيل الحكومة. فيبدو حاكماً بأمره، يسوّي علاقته بعون، ولا يستفز الثنائي الشيعي بالدعوة إلى جلسة حكومية.

هذه المعادلة تُكسب ميقاتي ولكن البلد هو الخاسر، فيراكم الكثير من الانهيارات الاجتماعية والإدارية. الدولة مهددة بالشلل الكامل. ولا أحد يهتم بذلك. والصراع بين الرئاستين الأولى والثانية يسهم في تعويم ميقاتي المدعوم فرنسياً وأميركياً. فيما يتبادل عون وبرّي الكمائن.

حروب عون وبرّي
وفي ظل انعدام القدرة على اجتراح حلّ سياسي للأزمة القضائية القائمة، وبعد التراجع عن الصيغة القانونية والدستورية لمعالجة آلية تحقيقات القاضي طارق البيطار في انفجار المرفأ، توسعت دائرة المعركة بين الرئاستين، فلم تعد مقتصرة على قانون الانتخاب، ولا على موعد إجراء الانتخابات النيابية في آذار أو أيار. وعون يتخذ قراره بالتوقف عن توقيع المراسيم والموافقات الاستثنائية. ويقرر أيضاً رفض عقد دورة استثنائية للمجلس النيابي.

والمعركة هذه يخوضها رئيس الجمهورية بمفعول رجعي. وكأنه يريد أن يردّ على موقف أطلقه بري يوم انتخب عون رئيساً، حين قال: حان الآن وقت الجهاد الأكبر. يقلب عون الطاولة، ويرفض التوقيع على المراسيم، ويرفض الدعوة لعقد دورة استثنائية للمجلس النيابي. ويصور برّي وكأنه عاطل عن العمل، ويتهمه بأنه المعرقل الأساسي لمسيرة العهد، ومانعه  من أن يتمكن من الحكم.

وفي هذه المعركة كل شيء يبدو مباحاً، وحتى الشارع الذي يخشاه الجميع ويتجنبونه. ولكن لا ضير من التلويح به، بدءاً من دعوات السائقين العموميين للتحرك، وصولاً إلى قرارات قد يتخذها الاتحاد العمالي العام. وهي تحركات منكّهة بالضغط السياسي على عون لتطويقه أكثر.

وهدف عون من رفضه عقد جلسات استثنائية للمجلس النيابي مضاعفة ضغوطه على برّي من بوابة البيطار، المصرّ على تنفيذ مذكرات التوقيف والاستدعاءات بحق النواب. وهذا يؤجج المعركة ويمنحها طابعاً شخصياً.

خوف عون وباسيل المصيري
ولكن ليس من السهل على عون وصهره باسيل أن يقفا مكتوفي اليدين في الأشهر الأخيرة من العهد، ويغادران بيدين خاويتين. ما يريدانه كان في غاية الوضوح: “اقتلاع الطبقة السياسية” حسب عبارتهما ومصطلحتهما. أو الانتقام من منظومة الطائف، الممثلة بالثلاثي برّي والحريري وجنبلاط، وفق قراءتهما.

ليس من السهل عليهما النظر إلى الغد، ومعايشة كابوس برّي عائداً رئيساً لمجلس النواب، إذا حصلت الانتخابات، أو بقائه رئيساً للمجلس في حال التمديد له. ولا سهلاً عليهما أن يستمر جنبلاط بموقعه ورمزيته، فيما هما ينظران إلى مصيرهما غير الواضح، كمصير الحريري.

أسئلة كثيرة تتزاحم في رأسيهما عن مصيرهما: كيف يمكن البقاء؟ والجواب واضح لا مجال للاستسلام. ولا بد من المواجهة، بشتى الطرق. وهذا يعني أن المعركة ستشتد عنفاً وكل سلاح مبررٌ استعماله فيها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى