تلك العلاقة الاشكالية مع … روسيا !
كيف يزوّد فلاديمير بوتين رجب طيب اردوغان، وهو الذي يحاول اقامة تركيا الكبرى، باختراق القوقاز الروسي بمنظومة «اس.اس ـ 400 «، ولا يفعل ذلك مع ســوريا التي ترتبــط بعلاقات تاريخية، مع روسيا ؟
أيضاً مع الايرانيين الذين اذ اقتربوا، الى حد ما من صناعة منظومة مماثلة، يشتكون من التلكؤ الروسي في تزويدهم بالقاذفات، وبالدبابات، وبالغواصات الحديثة …
هذه قصة قديمة. الطائرات الروسية كانت تبدو مثل الطنابر أمام «الفانتوم» الأميركية، و»الميراج» الفرنسية، التي شكلت الأسطول الجوي الاسرائيلي. الكرملين لم يزوّد جمال عبد الناصر سوى بطائرات الدرجة الثانية والثالثة. هكذا فعلوا مع حافظ الأسد، حتى اذا ما وصل يوري أندروبوف الى السلطة عام 1982، فتح أمامه الترسانة السوفياتية ما مكّنه من اسقاط طائرة أميركية في لبنان.
اذ لا ندري لماذا يلعب القدر ضد كل من يتصدى لأميركا أو «لاسرائيل»، قضى أندروبوف نحبه قبل منتصف العام الثاني لوجوده على رأس الدولة.
كان ذلك ابان الأمبراطورية السوفياتية، بديناميكيتها العســكرية، كما بديناميكيتها الايديولوجية، قبل أن ندرك مدى الخواء الداخلي. المواطن السوفياتي كان يتمنى لو أن مصانع الدبابات تنتج أيضاً طناجر «التيفال». كلنا نذكر ما كان وزن «الترانزيستور» السوفياتي حين كان اليابانيون والتايوانيون يبيعون «الترانزيستور»على شكل التفاحة أو على شكل الضفدعة!
نعلم من التاريخ، كما من الحقبة المعاصرة، أن تركيا تشكل أحد الهموم الاستراتيجية الكبرى للروس. منذ الخمسينات زرع الأميركيون الألغام النووية على الحدود التركية مع الاتحاد السوفياتي وأودعوا، تباعاً، 50 قنبلة نووية في قاعدة انجرليك.
الأتراك يمسكون بالطريق الفائق الأهمية بين البحر الأسود والبحر الأبيض المتوسط الذي كان، ولا يزال، حلم القياصرة في الوصول الى المياه الدافئة.
ثم ان الرئيس الروسي كان يراهن على أن يؤدي بيع اردوغان، وهو العضو في حلف الأطلسي، المنظومة الصاروخية الى حدوث تصدع دراماتيكي في العلاقات بين أنقرة وواشنطن. العلاقات اهتزت، لكن اردوغان واصل الرقص على كل الحبال.
روسيا تنفي، وبعد تفكك الدولة السوفياتية، أن تكون أمبراطورية، وان كان بوتين يمضي في خططه الخاصة بتطوير تكنولوجيا الفضاء، لا سيما التكنولوجيا العسكرية. هذه ليست حال الأمبراطورية التي تحاول أن تكون امتداداً للأمبراطورية الرومانية (لاحظوا الشكل المعماري للكونغرس كما للبيت الأبيض)، هي موجودة في كل بيت على امتداد الكرة الأرضية.
ليست فقط الأمبراطورية التي، بقنبلة هيروشيما استنسخت جهنم، قبل عقود من استنساخ النعجة دوللي . انها الأمبراطورية التي، بالشبكة العنكبوتية، أحدثت انقلاباً صاعقاً ان في البنية السوسيولوجية للأمم أو في المفهوم الفلسفي للزمن …
المفكر الروسي ألكــسندر دوغين الذي يوصف بكونه الدماغ الخلفي لفــلاديمير بوتين، قال انه اطّلع على كل الكتب الدينــية. لم يعثر على أي نــص يقول ان الله تخلى للبيــت الأبيض عن صلاحياته في ادارة العالم.
مشكلتنا أن الأميركيين ينظرون الى البلدان العربية كحالات آنية (ليو شتراوس وصفنا بالحالات الهجينة)، وآيلة حتماً الى الاندثار. لهذا يعهدون الى أنقرة بصناعة أجزاء من القاذفة ـ الشبح «اف. اف ـ 35 «، ويوقعون اتفاقيات الهاي تك مع «تل أبيب».
علاقة أميركا مع «اسرائيل» علاقة عضوية . العلاقة مع العرب علاقة براميل النفط وعائدات النفط التي طالما ذهبت في سياسات استهلاكية مجنونة…
ذاك ما تستطيع روسيا أن تفعله. العقوبات الاقتصادية القاتلة تلاحقها أيضاً، وان كان دورها محورياً في انقاذ الدولة السورية من براثن الاباطرة كما من براثن الأبالسة.
ماذا عن الصين؟ كمن يسند ظهره الى … الريح !!