كتب المحرر السياسي-البناء
وسط مناخات إيجابية في علاقة ايران بالوكالة الدولية للطاقة الذرية بعدما تمت حلحلة قضية نصب كاميرات الوكالة في منشأة كرج، بقي البحث في فيينا عند قضية مصير أجهزة الطرد المركزي الجديدة المتطورة التي تمت عبرها عمليات التخصيب المتطورة والتي تطلب إيران بقاءها كضمانة لعدم انسحاب أميركا مرة أخرى من الاتفاق، بينما تقترح موسكو نقلها إلى مكان خارج إيران كضمانة لإيران وللغرب في وقت واحد، في ظل تمسك أميركي أوروبي بتدميرها أسوة بما جرى بعد الاتفاق النووي عام 2015، لكن مصادر دبلوماسية غربية قالت إنه بعدما بدا أن التصعيد الغربي الروسي حول أوكرانيا يشكل مسرحاً خلفياً لما يجري في فيينا، يمكن القول إن ما يجري في فيينا بات رهينة المسار التصعيدي الدائر على مسرح العلاقة الروسية – الغربية، ووضعت المصادر طلب الضمانات الروسية بعدم توسع حلف الناتو نحو أوروبا الشرقية، وإعجاب الصين به لطلبات مشابهة في شرق آسيا، تعتقد المصادر الدبلوماسية الغربية أن مرحلة جديدة تخيم على العالم، في ظل قرار روسي- صيني ترجمته نتائج قمة الرئيسين فلاديمير بوتين وشي جين بينغ، لجهة تأكيد أعلى مستويات التكامل العسكري والتنسيق السياسي والذهاب إلى سوق عالمية لا تعتمد على الدولار.
لبنانياً بقي سعر صرف الدولار هو الحدث الأول بعد انكشاف خطوات مصرف لبنان عن محدودية اقتصرت على الاستعراض الإعلامي، حيث لم يصمد هبوط سعر الدولار إلا ساعات الصباح ليعاود الارتفاع بالغاً سعر الـ28 ألف ليرة للدولار، وبقي الجمود القضائي في ملفات القاضي طارق بيطار بعدما جمدت النيابة العامة التمييزية دعوته لتنفيذ مذكرة توقيف النائب علي حسن خليل بصيغة عاجل وفوري، وصار تحريك استدعاءات الوزراء الذين يلاحقهم بيطار مدخلاً لاستدراج دعاوى رد جديدة بحقه يبدو أنه يريد تفاديها، بينما تتوقع مصادر حقوقية بدء تفاعل طلبات إخلاء المدراء العامين الموقوفين، مع المراجعات التي توجه بها محاموهم إلى الجهات الحقوقية الدولية، وقال أحد المحامين المعنيين بملف الموقوفين إن ما يفعله القاضي بيطار في ظل أوضاع صحية خطرة لبعض الموقوفين يشبه ما فعله القضاة الذين توالوا على النظر بقضية سفينة النترات وحمولتها، أمام المراجعات التي وصلتهم من المدراء المعنيين لإخلائها أو ترجيل الحمولة أو ببيعها، فنتج من تجميد الملف حدوث الانفجار، ويخشى أن ينتج من تجميد ملف الموقوفين تعرض صحة أحدهم لحادث مفاجئ.
سياسياً كان كلام رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام مجلس نقابة المحررين، إعلاناً لوقوع لبنان في منطقة انعدام الوزن السياسي بإشارته إلى منتصف الليل والظلام الدامس، ومما قاله بري إن المستغرب هو كيف أن «اسرائيل» تنجح بالانفتاح على العرب بينما يحاصر العرب لبنان، بينما جدد بري في الشأن الداخلي، الذي يشكل الملف القضائي مفتاحه تمسكه بالاتفاق الذي تم بينه وبين البطريرك بشارة الراعي على المضي قدماً بالفصل بين تحقيق القاضي بيطار والسير بالملاحقة النيابية بالنسبة للرؤساء والوزراء عملاً بأحكام الدستور، وهو ما تعطل بسبب الانقلاب على الاتفاق من الآخرين كما قال بري، الذي ينتظر بوادر إيجابية لحل هذه القضية ليخرج المسار الحكومي من التعطيل كحاجة قصوى للبنان في الظروف الصعبة التي يواجهها على كل صعيد، خصوصاً مالياً ومعيشياً.
الحدث اللبناني السياسي البارز كان بطله أمس وزير الداخلية بسام مولوي الذي قرر ترحيل المعارضين البحرينيين، في خطوة وضعتها مصادر حقوقية بالسقوط في امتحاني الحريات والتطبيع معاً.
بقيت الساحة الداخلية تحت تأثير جملة من الملفات الضاغطة ورحمة تأرجح سعر صرف الدولار في السوق السوداء الذي عاود ارتفاعه إلى فوق الـ28 ألف ليرة فترة ظهر أمس بعدما سجل انهياراً لافتاً في ساعات الصباح الأولى نتيجة إجراءات مصرف لبنان التي لم تصمد طويلاً، وليتبيّن أنها مجرد أساليب لاحتواء الغضب الشعبي، وثانياً للتلاعب بالدولار لتسجيل مزيد من الأرباح لصالح المضاربين والتجار، فيما تتحدث مصادر الصرافين لـ«البناء» أنّ العملية مفتعلة وتتيح للمصرف المركزي لمّ الدولارات من السوق وتحقيق أرباح صعوداً وهبوطاً لكي يؤمّن الدولارات المخصصة لفاتورة الأنترنت للحؤول دون عزلة لبنان عن العالم. مشيرين إلى أنّ «هذا التأرجح الكبير بسعر الصرف يعكس الإرباك الشديد الذي يعيشه سوق الصرف واقتناص جهات مصرفية ومالية وتجارية وسياسية الفرص لتحقيق أرباح على حساب المواطنين». وحمّلت مصادر نيابية عبر «البناء» حاكم المصرف المركزي رياض سلامة مسؤولية ما يجري في الدولار كونه المؤتمن والمسؤول وفق قانون النقد والتسليف عن الاستقرار النقدي، وتساءلت عن جدوى التعميم الأخير الذي تنتهي مدته أواخر الشهر الحالي، وتضطلع به المصارف وشركات الصيرفة دوراً أساسياً، فيما البلاد تدخل عطلة الأعياد والمصارف مقفلة وعملية تسديد القروض شبه منتهية؟
وفيما ينعكس تذبذب سعر الصرف في شكل سلبي على أسواق السلع الاستهلاكية والمحروقات، تبادل المسؤولون كالعادة كرة المسؤولية، فقد دعا المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب نبيه بري النائب علي حسن خليل، التيار الوطني الحر ورئيسه جبران باسيل إلى «التوقف عن ممارسة سياسة التعمية على الحق والحقيقة في ما يتعلق بالمصرف المركزي». وسأل في لقاء مفتوح مع عدد كبير من الناشطين عبر وسائل التواصل الاجتماعي: «لماذا لا تبادر مفوضة الحكومة لدى «المركزي» السيدة كريستال واكيم، التي عينها باسيل وتياره، إلى إيقاف أي قرار لحاكم المصرف، لافتاً إلى أنها الوحيدة القادرة على ذلك عبر توقيع قصاصة ورق صغيرة»؟
وردّ عضو تكتل لبنان القوي النائب جورج عطالله، على خليل، مشيراً إلى أنه «حين طرح رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تغيير حاكم المركزي رياض سلامة، رفض خليل الموضوع، بصفته وزيراً ممثلاً لجهة سياسية وهي حركة أمل وغيرها من الجهات السياسية، ولم تُجار الرئيس عون باتخاذ القرار بتغيير سلامة». وأوضح في حديث تلفزيوني، أنه «كان يجب أن يقترح أسماء لتعيين حاكم مصرف جديد، وكان عليهم أن يصوّتوا مع هذا الموضوع لأنه يتخذ بقرار من مجلس الوزراء، وكلام خليل هو ذرّ للرماد بالعيون وهروب إلى الأمام، ويثبت أنهم كانوا جزءاً من تحويل الاقتصاد اللبناني من منتج إلى ريعي».
ورداً على كلام نسب لرئيس مجلس النواب نبيه بري عن استعداده لزيارة بعبدا مشياً على الأقدام، قال عطالله: «لا داع لأن يعذب بري نفسه ليزور بعبدا سيراً على الأقدام، يكفي أن يقول إننا نترك الأمور للقضاء بملف المرفأ، ويكفي أن يقتنع أنّ دولة القانون يجب أن تكون حاضرة، وأنّ القضاء هو من يحدد المجرم والبريء، ويعيد الحكومة إلى الانعقاد».
ويتصاعد الخلاف على جبهة بعبدا ـ عين التينة في ملفات عدو، لا سيما تحقيقات المرفأ والحكومة وقانون الانتخاب والتدقيق الجنائي وإقالة الحاكم سلامة الذي يسعى عون لذلك، وسط ممانعة من بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ما يوحي بأن عهد عون سينتهي على «زغل» بين الرئاستين الأولى والثانية.
وكان بري أطلق سلسلة مواقف محملة برسائل في أكثر من اتجاه لا سيما بعبدا، حيث أكد خلال لقائه نقيب المحررين وأعضاء مجلس نقابة محرري الصحافة اللبناني، أن «99 في المئة من الذي نعاني منه في لبنان أسبابه داخلية ومن «عندياتنا»، وهو لم يحصل في يوم أو أيام أو سنة، إنما منذ إقرار الطائف عام 1989، ومعروف من لم يؤيده ولم يطبق لا القانون ولا الدستور، للأسف هناك عشرات القوانين أكثر من 75 قانوناً لم يطبق لا في هذا العهد ولا في العهود التي سبقته، مثلاً القانون الخاص بالكهرباء التي سببت هدراً تجاوز 45 في المئة من نسبة العجز في مالية الدولة، هذا القانون صدر قبل أكثر من عشر سنوات، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الهيئة الناظمة التي تطالب بها كافة الوفود الدولية والمنظمات الراغبة بتقديم المؤازرة والدعم للبنان حتى الرئيس ماكرون طالب بها».
وأضاف: «بعيداً عن التجني الذي يُقال بحق الثنائي الذي يسمّونه شيعياً وهو ثنائي وطني، هذا الثنائي أبداً لا يريد تطييف القضاء وأقول لا يريد تطيير البيطار، وما نريده فقط العودة إلى القانون والدستور هذا ما قلته لغبطة البطريرك، فليطبقوا بنود ومواد الدستور خاصة في الموضوع المتعلق بإنفجار المرفأ، مطلبنا كان ولا يزال ممارسة كل سلطة لصلاحياتها في هذا الإطار، لقد اعطى القانون حقاً خاصاً لمحاكمة القضاة واعطى حقاً لمحاكمة النواب والرؤساء والوزراء لماذا لم يتم الإلتزام بهذه القواعد والأصول؟ ولتبقى خارج هاتين المؤسستين بقيت الصلاحيات له على كل لبنان». وتابع أنه «لقد تم التوافق على هذه العناوين مع البطريرك وعلمت وأعلنها أن الرؤساء أيضاً التزموا. لكن تم الانقلاب على هذا التوافق وتطييره قبل صياح «الديك»، مشيراً إلى أن «من نسف هذا التوافق هم العاملون في الغرفة السوداء التي تدير العمليات في هذه القضية».
وطلب بري من رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود «أن يكون للمجلس الذي يرأسه دور في قضية قاضي التحقيق طارق البيطار». إلى ذلك، أشار إلى «أن الانتخابات حاصلة حتماً ضمن المهلة الدستورية».
وأفادت مصادر «البناء» بأن العلاقة توترت بين الفرنسيين ورئيس الجمهورية والنائب باسيل، بعدما تم استبعاد عون عن الاتصالات التي جرت بين الفرنسيين والسعوديين وعن مشاورات واجتماعات الموفد الفرنسي دوكان، ما يعكس بحسب المصادر قرار أميركي– فرنسي– خليجي بتمديد حصار العهد في الأشهر المتبقية من العهد، والرهان على كسب الأغلبية النيابية في الانتخابات المقبلة للتحكم بالقرارات السيادية في لبنان، وبعملية انتخاب رئيس جديد للجمهورية، كاشفة عن اجتماعات داخلية وخارجية ودراسات واستطلاعات واسعة ودقيقة تجريها السفارة الأميركية في بيروت وسفارات دول خليجية أخرى لنسج تحالفات انتخابية، لا سيما جمع قوى 14 آذار بمن فيهم النائب السابق وليد جنبلاط والمجتمع المدني في لوائح واحدة في كل لبنان للسيطرة على أغلبية واضحة في مجلس النواب.
وإذ أشارت المصادر إلى أن كل الاحتمالات واردة بما فيها الإطاحة بالانتخابات، لفت ما توقعه رئيس المجلس الدستوري القاضي طنوس مشلب من أن المجلس سيقبل الطعن بالقانون جزئياً أو كلياً ما يعني بالحالتين تأجيل الانتخابات إلى أيار المقبل، مع العلم أن مشلب لا يحق له الإفصاح عن مداولات واتجاهات المجلس، وعاد مشلب وأوضح في حديث تلفزيوني آخر بأننا «قمنا بالعديد من الإجتماعات وجلسة الغد (اليوم) ستكون موسّعة، ولكن لا يمكن الإستمرار بعقد الإجتماعات بعد نهار الثلاثاء في 21 من الشهر الحالي».
وأضاف: «كلام رئيس الجمهورية في ما يتعلّق بتاريخ الإنتخابات النيابية ليس له أي علاقة بقرارات المجلس الدستوري».
وتابع: «يوجد الكثير من النقاط العالقة التي يتمّ نقاشها إلى الآن في ما يتعلّق بالطعن في المجلس الدستوري، ولم يتمّ التصويت على أي بند بعد وغداً (اليوم) ستكون جلسة مهمة».
وسجلت العلاقات اللبنانية الخليجية تطوراً تمثل بتلقي وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي اتصالاً هاتفياً من وزير الداخلية في مملكة البحرين الفريق أول ركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، وجرى التداول بالملفات الأمنية المشتركة خصوصاً ما يتعلق بالمؤتمر الصحافي الذي عقد في بيروت، السبت الفائت، من قبل جمعية الوفاق البحرينية.
وفيما علمت «البناء» أن ضغوطاً فرنسية– خليجية كبيرة مورست على الحكومة اللبنانية، وتحديداً رئيس الحكومة ووزير الداخلية لاتخاذ موقف في هذا الملف، أكد مولوي خلال الاتصال حرصه على ضمان أمن واستقرار مملكة البحرين، ورفضه القاطع لأن يكون لبنان منصة لبث الكراهية أو العداء اتجاه أي دولة عربية، لا سيما دول مجلس التعاون الخليجي.
وعرض مولوي لكل الخطوات التي قامت وتقوم بها وزارة الداخلية والبلديات عبر الأجهزة الأمنية التابعة لها، لناحية جمع المعلومات عن الأشخاص المنضوين ضمن مؤسسات أو جمعيات مناهضة للدول العربية الشقيقة، ومنع الفنادق وقاعات المؤتمرات من عقد أي نشاط ذات طابع سياسي قبل الاستحصال على الموافقة القانونية والإدارية اللازمة. واتفق الطرفان على استمرار التعاون الأمني وتبادل المعلومات في ما يهم أمن البلدين.
وقبيل الاتصال وجّه المولوي كتاباً إلى المديرية العامة للأمن العام طالباً «اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير الآيلة إلى ترحيل أعضاء جمعية الوفاق البحرينية من غير اللبنانيين إلى خارج لبنان، وذلك نظراً لما سببه انعقاد المؤتمر الصحافي الذي عقدته الجمعية المذكورة في بيروت من إساءة إلى علاقة لبنان بمملكة البحرين الشقيقة، ومن ضرر بمصالح الدولة اللبنانية».
على صعيد حل الأزمة الحكومية واطلاق الخطط الإصلاحية والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي، واصل منسّق المساعدات الدولية من أجل لبنان السفير بيار دوكان جولته على المسؤولين اللبنانيين في اليوم الثالث من زيارته بيروت، فالتقى وزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام وتم البحث في الاصلاحات التي يعمل عليها لبنان ومدى تقدّمها، لا سيما لجهة قانون المنافسة، حيث أكد سلام أن مسار إقراره أصبح في مراحله النهائية.
وأكد أنه لمس في لقاءاته وقوف المجتمع الدولي إلى جانب لبنان، وأن الاصلاحات هي مطلب أساسي جامع.
وأفيد أن دوكان أجرى نقاشاً مستفيضاً حول لبنان، في لقاء على مائدة جمعه بالمستشار الاقتصادي فادي العسلي، وزير المال يوسف الخليل، الوزيرين السابقين ملحم رياشي ورائد خوري، والنائب المستقيل نعمة افرام. وحضر أيضاً رئيس جمعيّة تجّار بيروت نقولا شماس.