يوماً بعد يوم، يتأكد أن اتفاق الانسحاب الأمريكي القتالي من العراق، الذي وقعه الرئيس الأمريكي “جوزيف بايدن” مع رئيس الحكومة العراقية المنتهية ولايته مصطفى الكاظمي، ما هو الا اتفاق على تغيير المصطلح لا أكثر. فجوهر وجود هذه القوات، لم يكن قتال تنظيم داعش الوهابي الإرهابي بالأصل، بل هو إيجاد ذريعة للبقاء في هذا البلد، نظرا لموقعه الجيوستراتيجي المهم بالنسبة للمنطقة وفي العالم.
فهذه القوات في نهاية هذا العام، سيتبدل توصيفها من ذات المهام القتالية الى ذات مهام تقديم المشورة والمساعدة غير القتالية. وبالتالي هي فصل جديد من العلاقة الامريكية مع العراق.
ومن هذا المنطلق أعد الخبير العسكري والأمني في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى “مايكل نايتس” بالتعاون ما “ألكسندر ميلو”، دراسة بحثية لشكل العلاقة المستقبلية ما بين البلدين، والتي أطلق عليها عنوان: “الرجوع الى الأساسيات”.
وقد ورد في هذه الدراسة العديد من النقاط المهمة التي يجب الالتفات اليها، لأنها لا تعكس آراء الباحثين فقط، بل قد تكون مؤشرات على حقيقة مشاريع واشنطن المستقبلية في العراق.
أما أبرز هذه النقاط:
_ المرحلة الجديدة هي بداية جهد أمريكي جديد، ليس عملية طوارئ بل حالة مستقرة طبيعية منتظمة ومستدامة، وشراكة بدون نقطة نهاية أو استراتيجية خروج. ما يعني أن الأمريكيين لا يسعون مطلقاً للخروج من هذا البلد.
_ تعتمد هذه الدراسة على ظروف عديدة أبرزها:
1)ما سموه “خسارة التحالف” القريب من إيران للانتخابات النيابية الأخيرة.
2)الاعتماد وجود رئيس وزراء على علاقة جيدة بالأمريكيين خلال الفترة المقبلة 2022 – 2025، كرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، أو رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، وإلا هكذا دراسة أو مستقبل لوجود هذه القوات والتعاون الامني غير ذات صلة حتى تتغير الظروف. خصوصاً إذا كان الوجود العسكري الأمريكي قد تم منعه أو ترهيبه في العام 2022.
_ الادعاء بأن أصل الوجود الحالي للقوات الامريكية، هو دعوة الحكومة العراقية لواشنطن سابقاً من أجل المشاركة في التصدي لتنظيم داعش. والتغافل عمداً عن قرار الحكومة مطلع العام 2020 بقرار انهاء هذا الوجود، والذي صادق عليه البرلمان.
_ منذ بداية العام الحالي، لم تعد القوات الامريكية تقوم بتدريب أي جهة عراقية في الوحدات التكتيكية، إلا في بعض البرامج الصغيرة، مع جهاز مكافحة الإرهاب والقوات الخاصة الأخرى. كما أن موازنتها للتدريب تم تخفيضها من 282 مليون في العام 2021 الى 20 مليون في العام 2022، وبالتالي فما هي الحاجة لوجودها بعد على صعيد التدريب.
_ اتهام القوى الأمنية بالهشاشة وضعف الثقة بالنفس، والذي أدى لسقوطها السريع امام قوات داعش. وهذا ما تدحضه تجربة انشاء الحشد الشعبي، الذي استطاع بسنوات قليلة بالتعاون والمؤازرة من القوات المسلحة الاخرى، تحرير كافة المناطق في البلد من هذه المجموعات، الأمر الذي يؤكد بأن سقوط هذه الأجهزة لا يتعلق لا بالهشاشة، ولا بغياب الثقة بالنفس.
_ الدعوة الى استمرار دعم القوات الأمنية بالسلاح والعتاد، وعدم الخشية من وصول هذه المعدات الى الأطراف الأمنية القريبة من إيران على حد زعمه.
_ اختبار أمريكا الرئيسي في المرحلة المقبلة، هو القدرة على الانتظار، والعمل في مثل هذه
البيئات المعقدة والصعبة، في الحقبة القادمة للتعاون الاستراتيجي، والتي تسمى بحرب المنطقة الرمادية.
_ ان يكون هدف الأمريكيين المستقبلي من الضغط على الحكومة العراقية، لأن تصبح وحدات قوى الأمن الداخلي هي الأولى بين الأنداد”. ومع مرور الوقت، القوة العسكرية المهيمنة داخل العراق. وهذا ما يثير التساؤلات حول النوايا الامريكية لمستقبل الجيش.
_ تأليب قوى الامن الداخلي على مؤسسة الحشد الشعبي، وما زعمه صد محاولات الحشد السيطرة على المعابر الحدودية.
_ التخطيط لاتفاق تعاون كما حصل مع الأردن، لمدة تتراوح ما بين الـ 5 الى 10 سنوات.
الكاتب: الخنادق