ليست المواقف الخارجية المتصاعدة الأخيرة لبريطانيا، سوى نقلة مما تسعى اليه مستقبلاً، من أدوار على ساحتنا الاقليمية و الساحة الدولية. فقد سبق هذه المواقف في آذار الماضي، إقرار خطة متكاملة للأمن والدفاع والتنمية والسياسة الخارجية، حملت عنوان “بريطانيا العالمية في عصر تنافسي”. والتي سعى من خلالها رئيس الوزراء “بوريس جونسون” تقديم بلاده كفاعلٍ دولي، يدير أدوات القوة والتأثير بطريقة أكثر تنسيقًا. مع التركيز على الشق العسكري، من خلال وضع خطط للتحديث وإعادة الهيكلة، تحت عنوان “الدفاع في عصر تنافسي”، خصوصاً مع كل من روسيا والصين والجمهورية الإسلامية الإيرانية. ودعت فيما دعت اليه، الى نشر المزيد من القوات العسكرية للبلاد، على مستوى العالم ولفترات أطول (من ضمن إطار الناتو أو بشكل مستقل)، والتركيز على مهام بناء القدرات، والعمل بنشاط ضمن ما وصفته “مكافحة الإرهاب” والتهديدات الهجينة والمنطقة الرمادية والتهديدات بالوكالة.
أما على صعيد الأذرع العسكرية المختلفة، فتوقعت الخطة أن البحرية الملكية ستلعب دورًا مهمًا في النزاعات المستقبلية. لذلك دعت إلى زيادة القدرة البحرية، مقابل إجراء التخفيضات في القوات الجوية والبرية، لصالح الاستثمار في التكنولوجيا المتقدمة.
أما فيما يخص منطقتنا على صعيد هذه الخطة الاستراتيجية، فقد لحظت العديد من النقاط أبرزها:
_ تعزيز وجود القوات الجوية الملكية، من خلال تعميق التحالفات في منطقة المحيطين الهندي والهادئ والشرق الأوسط وأفريقيا، من خلال تطوير شبكة من القواعد القابلة للتكيف مع الحلفاء والشركاء الرئيسيين (أمريكا وكيان الاحتلال الإسرائيلي)، من أجل تمكين طائراتها من الانتشار والقدرة على الاستجابة قبل الأعداء المحتملين. كما ستستمر هذه القوات في جهودها مع دول المنطقة من تدريب على الطيران، وبناء قدرات جوية مشتركة مع بعض الدول مثل سرب تايفون المشترك مع قطر. بالإضافة إلى ذلك، مواصلة تقديم المساعدة لحلفائها من الدول في مجالات الاستخبارات والاستهداف، والفضاء والمراقبة والاستطلاع، وحماية القوات، وإدارة ساحة المعركة، ومراقبة الحركة الجوية.
وبالتالي ستستمر في جهودها على الساحة اليمنية، في دعم قوى العدوان السعودي الأمريكي. فأينما تنكفئ أمريكا، سيحل مكانها بريطانيا. وهذا ما يحصل أيضاً في قاعدة التنف بسوريا، حيث رصد هناك تعزيز لعديد الجنود البريطانيين في هذه القاعدة.
_ أن إيران ستستمر في طرح التحديات الإقليمية، وما زعمته بتهديد الامن العالمي من خلال أنشطتها النووية.
_السعي لتعزيز الشراكات مع الدول الحليفة لها، ودمج أنشطة قواتها معهم، من خلال قواعد ومنشآت ذات سيادة أو شريكة. مع التركيز الكبير على قبرص، لما سيسمح لوجودها هناك من تمكين فواته البرية والطائرات على أنواعها، من أن تكون متاحة بسرعة أكبر في شرق البحر الأبيض المتوسط ومناطق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
_ الاعتراف بغياب عنصر “تفوق القوات الغربية” أمرا محسوما، معتبرةً ان من سمتهم بمنافسيها واعدائها المحتملين، قد أصبح لديهم مزيد من الخيارات غير المحدودة، مثل الذي حصل في اليمن واستخدام الجيش واللجان الشعبية في اليمن للصواريخ الباليستية.
_ التأكيد على أن إسرائيل حليف استراتيجي لها في المنطقة.
الكاتب: الخنادق