وليد شقير-نداء الوطن
يوحي انسداد المخارج حول مطلب الثنائي الشيعي بفصل ملاحقة الوزراء والنواب عن المسار الذي يسلكه المحقق العدلي القاضي طارق البيطار عبر إحالة هؤلاء إلى لجنة تحقيق برلمانية ثم المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، بأن الانتظار المفتوح بلا سقف زمني سيسود في المرحلة المقبلة، على رغم الجهود التي بذلها ويبذلها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من أجل معالجة أو تخطي الشرط الذي طرحه الثنائي للقبول بانعقاد مجلس الوزراء.
لا أفكار التوصل إلى هذا المخرج عبر القضاء بدت متاحة، ولا اعتماده عبر المجلس النيابي ممكن بفعل رفض “التيار الوطني الحر” التصويت إلى جانبه.
وفي اعتقاد مصدر رسمي كان انخرط في تفاصيل السعي إلى توافق على هذا المخرج أنه كانت هناك إمكانية لاعتماد الصيغة التي تتوخى التصويت عليه في المجلس النيابي، على أن يعقب ذلك تسليم من قبل مجلس القضاء الأعلى به، لكن تعذُّر ذلك طرح خياراً ثالثاً يقضي بانتظار انتهاء القاضي البيطار من تحقيقاته، ليصدر، بناء للمعطيات التي تجمعت لديه، قراره الإتهامي الذي ما زال يحتفظ بالوقائع التي ستتضمنه سرية. ومع صدور القرار الظني تكون صلاحية التحقيق العدلي التي اعتبرت أكثرية مجلس القضاء الأعلى أنها كاملة وشاملة ومحصورة بشخص المحقق، لا ينازعه أحد عليها، قد انتهت، وبات الملف من صلاحية المجلس العدلي الذي أحيلت إليه القضية لمحاكمة المتهمين وإصدار الحكم. وبانتقال الصلاحية إلى المجلس العدلي برئاسة رئيس مجلس القضاء الأعلى، بإمكانه عندها أن يحيل محاكمة الوزراء والنواب إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الوزراء والنواب في المجلس النيابي، ليتابع ملف المحاكمة ويصدر حكمه بالنواب والوزراء إذا وجه البيطار اتهامات لهؤلاء.
هذا المخرج يتطلب قيام المجلس العدلي بهذه الخطوة، إذا اقتنع بها أعضاؤه من جهة، ويحتاج إلى قرار من المجلس النيابي بتبني الاتهام بأكثرية الثلثين من أعضاء البرلمان، وفق المادة 70 من الدستور من جهة أخرى.
وإذ يعني هذا المخرج ترك التحقيق القضائي يأخذ مجراه، ويغني عن اتخاذ قرارات من السلطة السياسية تخالف مبدأ الفصل بين السلطات الذي يصر المجتمع الدولي عليه داعياً إلى استقلالية التحقيق من دون تدخلات سياسية، ويترك للسلطة القضائية حرية التصرف وفقاً للقانون إذا أرادت إحالة ملف محاكمة الوزراء والنواب إلى المجلس النيابي، فإن اعتماده، إذا اقتنع به المجلس العدلي، يتوقف على صدور القرار الإتهامي غير المعروف تاريخه حتى الآن باعتباره مرتبطاً باكتمال عناصر التحقيق لدى القاضي البيطار. فماذا إذا تطلب المزيد من الأشهر، وسط توجّس من أن يصدر مع اقتراب الانتخابات النيابية فيؤثر على مزاج الناخبين فيها أو يزيد الاستقطاب خلالها…؟
ومن الطبيعي ألا يركن الثنائي الشيعي إلى هذا المخرج استناداً إلى الشكوك لدى “حزب الله” بأن البيطار يحضر لقرار يتهم الحزب بالتورط في انفجار المرفأ، بناء لضغوط أميركية وفرنسية وعربية، كما تقول قيادته، على رغم أن مرجعاً رفيعاً يؤكد أن ليس لدى المحقق العدلي معطيات ضد الحزب وأن الخشية من اتهامه تستند إلى شائعات وأخبار مضخمة. في المقابل لا يخفي المتصلون بالتحقيق العدلي أن ما تم جمعه من معطيات متينة سيفاجئ الجميع، وسيكون لها وقع مدوٍ، من دون أن يذكروا إذا كانت تتناول الحزب، لأن البيطار يقفل على سرية التحقيق ويمتنع عن الإشارة إلى أي جهة يمكن أن يتناولها بالاتهام، تاركاً سائليه وسط غموض كامل.
في كل الأحوال، إن بقاء المخارج للإفراج عن اجتماعات الحكومة معلقة يؤشر إلى أن عودتها إلى الالتئام ليست قريبة، وتعطيل عملها سيمتد طويلاً، طالما موقف الثنائي على شرطه عدم حضور وزرائه إذا لم يتحقق له ما يعتبره “تصحيح المسار القضائي واستنسابية المحقق العدلي”، فيما يتجنب رئيس الحكومة الاستجابة لطلب رئيس الجمهورية دعوتها للانعقاد بمن حضر، لتفادي تصعيد المواجهة مع المكوِّن الشيعي. هذا مع رغبته في أن تلتئم في أسرع وقت، لاتخاذ قرارات حيوية تساهم في إراحة الأجواء السياسية والاقتصادية والمعيشية في البلد، سواء بالنسبة إلى البطاقة التمويلية أو بالنسبة الى ما يخص الموازنة والمفاوضات مع صندوق النقد والاتفاقية مع الأردن لاستجرار الكهرباء، ومع مصر للحصول على الغاز عبر سوريا…