قواعد الإنتخابات النيابية بصيغة ٢٠٢٢ لا تشبه انتخابات ٢٠١٨، المشهد تبدل كثيرا، ومن كان «محايدا» صار اليوم خصما بحكم الأحداث والمتغيرات التي ضربت الساحة السياسية وغيرت معالم التحالفات، وليس سرا ان عددا من القوى السياسية تنتظر الاستحقاق باهتمام من اجل إثبات قوتها وتأكيد ان شعبيتها لم تتأثر بالظروف والشائعات في سبيل تصفية الحساب، وهذا الوصف يصح على الواقع السياسي والإنتخابي بين «القوات» وحزب الله بعد ان خرج الصراع السياسي بين معراب والضاحية الجنوبية عن المألوف والضوابط السياسية بعد أحداث الطيونة وتوابعها سواء في قضية المرفأ او الخلاف الخطير بين الطرفين في موضوع السلاح والمفاهيم السياسية، وحيث ان الخلاف سيبلغ ذروته في الإنتخابات المقبلة، اذ يسعى حزب الله الى شطب وتصفية منافسيه انتخابيا في الدوائر الحساسة مهما اختلفت الوسيلة المعتمدة سواء بدعم حلفائه المسيحيين انتقاما من «القوات».
كذلك تتحضر «القوات» للمعركة بهدفين: الأولى نزع المرتبة الأولى من التيار في الشارع المسيحي ومواجهة حزب الله انتخابيا، حيث يتوقع المراقبون ان تشهد دائرة بعلبك – الهرمل معركة قاسية سيحاول حزب الله استعادة المقعد الماروني، وان يكون فوزه بها مدويا، مركزا على انتزاع المقعد الماروني من «القوات» والمقعد السني من «تيار المستقبل»، حيث تؤكد مصادر ٨ آذار ان هناك قرارا غير معلن باستعادة المقعد الماروني الذي شغله النائب السابق اميل رحمة الى كنف هذا الفريق
في إنتخابات ٢٠١٨ ،حيث استطاع مرشح «القوات» انطوان حبشي من تحقيق خرق ، حيث كان النائب السابق اميل رحمة يصل على متن التحالف مع الثنائي في القانون الأكثري ففاز بأعلى نسبة أصوات في عام ٢٠٠٩ .
ورغم ذلك تعتبر مصادر سياسية ان فوز «القوات» عام ٢٠١٨ لم يكن ممكنا لولا قانون الانتخاب والصوت التفضيلي الذي سمح للمسيحيين بالتحرر الى حد ما من التأثير الشيعي، ولولا عدم ضغط حزب الله في الانتخابات الماضية الذي كانت الاولوية لديه في ذلك الوقت معركة اللواء جميل السيد، بعدما أطلق السيد حسن نصرالله معادلة انتخابية تقوم على ان مقعد جميل السيد يوازي خسارة ١٢٧ نائبا، مما استتبع سقوط مرشح لائحة ٨ اذار الماروني.
المعادلة اليوم تشهد تغيرا، فالثنائي الشيعي يريد استعادة المقعد الماروني ومعه المقعد السني، فاحتساب الحواصل الإنتخابية يُبيّن ان معركة المقعد الشيعي شبه مضمونة للنائب السيد استنادا الى أرقام ال ٢٠١٨ .
اهتمام حزب الله بالمقعد الماروني استنفر القاعدة والقيادة «القواتية»، لان المقعد الماروني في دير الأحمر له رمزية معينة في معقل حزب الله وخسارة النائب الماروني سيكون مربكا لـ «القوات».
التوقعات ترجح حصول مواجهة قاسية على مستوى هذه الدائرة، فـ «القوات» ستحاول الحفاظ على حصتها النيابية، وحزب الله مهتم بالمقعد الماروني لاستعادته منها، وتعويض ما قد يخسره في دوائر تشهد تعقيدات معينة. ويتحدث المواكبون لإنتخابات دائرة بعلبك – الهرمل عن متغيرات لدى حزب الله تدفعه الى خوض معركة قاسية وعدم التراخي ومراعاة الخصوصية المسيحية التي تمنع الاصطدام بالناخب المسيحي في ظل المناكفات السياسية وسقوط الخطوط الحمراء.
ما يسري ويخطط له على صعيد بعلبك – الهرمل بين «القوات» وحزب الله سيعمم على سائر الدوائر حيث التداخل بين الطرفين، مثل دائرة جبيل وكسروان وبيروت وبعبدا، حيث سيركز حزب الله على الحاصل «القواتي» في حال كان سقط تحالف «المستقبل» و «القوات» على مستوى الدائرة، ومن المعلوم ان الحفاظ على مقاعد «القوات» و «المستقبل» يحتاج الى تمتين التحالف بينهما.