بينما ينقل عن المحقق العدلي القاضي طارق البيطار إصراره “على تنفيذ مذكرة توقيف النائب علي حسن خليل بطريقة عاجلة، فقد عزز مثل هذا الاجراء الارتياب لدى الجهات المعنية ودفع الى طرح السؤال حول ما اذا كان التحقيق ارتدى طابعاً شخصياً، بحيث يريد القاضي البيطار خوض معركة تصفية حسابات مع رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي اعتبره متآمراً؟ أما السؤال الأعم والأشمل فهو يتعلق بموقع وزير العدل من القضية وما المسعى الذي يقوم به تفادياً لتوسع رقعة الانقسام في البلد، على خلفية التحقيق بقضية المرفأ.
بعد احداث الطيونة الاخيرة والتي اعقبت جلسة عاصفة لمجلس الوزراء على خلفية المطالعة القانونية لوزير الثقافة القاضي محمد مرتضى، إتصل وزير العدل بمرتضى مؤيداً مطالعته القانونية ومتمنياً لو كان تمّ الاخذ بها في مجلس الوزراء. يومها طرحت امكانية ان ينقل وزير العدل الملاحظات القانونية التي عرضها مرتضى ويعرضها على مجلس القضاء الاعلى والتشاور معه بشأنها، وان يصدر وزير العدل مطالعته في سبيل تصويب مسار التحقيق وفصل موضوع التحقيق مع الرؤساء والوزراء والنواب عن المجلس العدلي. خطوة تدخل وفق مصادر وزارية في صلب عمل وزير العدل كمؤتمن على سير العدالة.
تؤكد المصادر الوزارية المؤيدة لموقف «الثنائي» ان لا حلول في الافق لموضوع المحقق العدلي وان اخطر ما في التحقيق الجاري بحسبها انه بات يدار في الخارج ولا يبنى على أسس قانونية ودستورية.
بالموازاة تجزم مرجعية قضائية قائلة أنه “لا يحق للقاضي البيطار اتخاذ مثل هذا الاجراء استناداً الى عاملين أولهما المادة الأربعون من الدستور التي تقول “لا يجوز في أثناء دور الانعقاد اتخاذ اجراءات جزائية بحق أي عضو من أعضاء المجلس، أو القاء القبض عليه إذا اقترف جرماً جزائياً إلا بإذن المجلس، ما خلا حالة التلبس بالجريمة (الجرم المشهود)، وثانيهما ان القاضي او المحقق العدلي لا يلاحق عادة تنفيذ المذكرة وانما هذا اجراء يدخل في صلب عمل النيابة العامة، ومشواره ينتهي عند تسطير المذكرة فقط” مسجلاً سابقة قضائية بأن يلح القاضي على تنفيذ المذكرة بما يخالف القانون والدستور في اصرار على زيادة وتيرة التوتر في البلد، بما يعزز الشكوك في الخلفيات التي يقف خلفها القاضي البيطار والهدف من اهمال كافة جوانب التحقيق، والتركيز على مذكرة توقيف النائب علي حسن خليل. أسئلة بناها المصدر القضائي على ما صدر عن المحقق العدلي عما اذا كان ارتدى التحقيق الطابع الشخصي او ان المطلوب اتخاذ خطوات تصعيدية في تحدّ لفريق سياسي، فلو كان تحدياً فهو في غير محله ويبدو ويظهر وكأن الامر تحول الى “هستيريا قانونية بكل ما للكلمة من معنى”.
مصادر قضائية أخرى ترى ان ما يقوم به البيطار ينطوي على “مخاطر كبيرة”، لإصراره على تجاهل احكام الدستور لا سيما المادة 71 منه، والاصرار على تحقير رئيس مجلس النواب والمجلس النيابي الذي تعامل بإيجابية مع طلب رفع الحصانة، بموجب المادتين 90 و91 من النظام الداخلي لمجلس النواب. حيث ينص النظام على وجوب ان يرسل القاضي البيطار ” نوع الجرم وزمانه وخلاصة الادلة”، ليتسنى للجنة مشتركة من هيئة المكتب ولجنة الادارة والعدل اعداد تقرير عن الطلب يقدم للهيئة العامة خلال 15 يوماً، وهو ما رفضه البيطار. المصدر القضائي حمل رئيس الجمهورية ووزير العدل مسؤولية اي مضاعفات للإصرار الذي يبديه البيطار على توقيف علي حسن خليل. ويعلل ان عون مؤتمن على تطبيق الدستور ووزير العدل مؤتمن على حسن سير العدالة، معتبراً ان “عدم قيام عون او الخوري بواجبهما بات يدعو الى الريبة وزاد من الهوة بينهما وبين حليفهما الاساسي اي “حزب الله”، فضلاً عن خصمهما الاساسي اي بري”.