بدل أن ينكب المسؤولون عن البلاد والعباد على حلحلة الازمات التي يتخبط فيها البلد للتخفيف عن كاهل المواطن عشية الاعياد، تستمر المناكفات السياسية وعملية تعطيل جلسات مجلس الوزراء فيما بلغ سعر صرف الدولار مستويات قياسية في ظل توقعات بتخطيه عتبة ال٣٠ ألف ليرة لبنانية قريبا.

ولعل المؤشر الابرز لسلوكنا مسارا تصعيديا في الايام المقبلة هو النبرة العالية لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي دعا الى عقد جلسة لمجلس الوزراء حتى ولو تمت مقاطعتها مشددا على انه «لا يمكن ابقاء الحكومة معطلة، فهناك امور تحتاج الى البت فيها، ومنها مثلا اقرار الموازنة لتسهيل مسائل الكهرباء وغيرها من المواضيع». واوضح ان «التفاهم قائم بشكل كبير مع رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي وان وجود اختلاف في الرأي احيانا لا يعني الخلاف ولا يجب ان يسمى بذلك. اما عن العلاقة مع حزب الله، فهناك امور يجب ان تقال بين الاصدقاء، ونحن ننادي بما يقوله الدستور، لان عدم احترامه يعني ان تسود الفوضى».

وقالت مصادر «التيار الوطني الحر ل «الديار» ان «الرئيس عون وبمواقفه هذه سمى الامور بأسمائها ووضع المسؤولين عن الازمة امام مسؤولياتهم، فما نحن فيه لم تعد تنفع معه مراعاة الخواطر سواء كانت خواطر الحلفاء او الاخصام ، وقد بتنا امام معادلة الاستمرار في التعطيل او استقالة الحكومة نفضل استقالتها!»

وبحسب معلومات «الديار» لا يزال الخلاف كامنا بين الرئيس عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي حول الدعوة لجلسة للحكومة، ففيما يصر عون على الموضوع ايا كانت تداعياته، يرفض ميقاتي الخوض في ما يعتبره مغامرة قد تودي باستقرار البلد خاصة في ظل ورود معطيات أمنية مقلقة ومخاوف من اهتزاز الوضع الامني من بوابة المخيمات الفلسطينية بعد الاحداث التي شهدها مخيم البرج الشمالي.

حسن خليل موقوفا؟

ولكي يكتمل المشهد تعقيدا، أحالت النيابة العامة التمييزية يوم امس على الاجهزة الامنية مذكرة توقيف النائب علي حسن خليل للتنفيذ خارج دورة الانعقاد العادي، ما من شأنه ان يدفع «الثنائي الشيعي» الى التشدد اكثر في موضوع ربط عودة جلسات مجلس الوزراء بكف يد القاضي طارق البيطار. وقالت مصادر قانونية لـ «الديار» ان تنفيذ هذه المذكرة بات محصورا بفترة معينة، اي ما بين الأول من كانون الثاني المقبل ومنتصف شهر آذار، بحيث يصبح النواب غير مشمولين بالحصانة النيابية. واستبعدت المصادر ان تقدم الاجهزة على تنفيذ المذكرة وبخاصة ان موقف اللواء عثمان كان واضحا في المرة الماضية ويعتبر ان من شأن توقيف خليل تهديد السلم الاهلي.

وقال مصدر لـ «الديار» التقى مؤخرا القاضي البيطار، فضل عدم الكشف عن هويته ان لا قرار ظنيا في القريب باعتبار ان دعاوى كف اليد أخرت التحقيقات، وهو يتوقع المزيد منها وبالتالي مزيدا من العرقلة.

تحذيرات امنية

اما على صعيد التطورات في الشارع، افيد امس عن محاولة سرقة لبنك بيبلوس في الزلقا، كما عن سطو على محل لتحويل الاموال بالتزامن مع اكثر من عملية سلب. ونبهت مصادر امنية عبر «الديار» الى امكانية ارتفاع هكذا عمليات نظرا للظروف الاقتصادية المتردية بغياب اي حلول وتحليق سعر صرف الدولار الذي بلغ في الساعات الماضية مستويات خيالية دفعت الى قطع الطرق في عدد من المناطق واقفال عدد من المحال التجارية ابوابها.

ومن المفترض ان يشهد يوم الخميس تصعيدا من قبل اتحادات ونقابات قطاع النقل البري، اذ اعلن رئيسه بسام طليس أنّ الخميس هو يوم تحرك في كل المناطق اللبنانية، متوجها في مؤتمر صحفي، الى الموظفين والطلاب وكل عمال لبنان معتذراً إذا لم يتمكنوا في ذلك اليوم من الوصول الى عملهم، مشيرا إلى أنّ هذا اليوم هو يوم إجبار الحكومة على تنفيذ الاتفاق مع قطاع النقل البري وعموم الشعب اللبناني.

اقفال عام؟!

في هذا الوقت، رأس رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي اجتماع اللجنة الوزارية المكلفة متابعة إجراءات الوقاية من فيروس كورونا في السراي الكبير. وحذر وزير الصحة فراس الابيض من التوجه الى الاقفال العام قائلا: « ما نحاول قوله للمواطنين هو الآتي: هناك تخوف كبير مع تزايد الاعداد الا تتمكن المستشفيات من القيام بما عليها لانها منهكة وجزء كبير من الطواقم الطبية والتمريضية غادر لبنان، لذا نشدد على الجميع على اهمية الالتزام بالاجراءات الوقائية».

وردا على سؤال، أجاب الأبيض: «نحن نطلب كوزارة صحة التشدد اكثر بالاجراءات، لكن مع الاسف نلحظ عدم التزام من القطاعات والافراد، واذا استمررنا على هذه الوتيرة يمكن ان نصل الى الاقفال العام، فكلما ارتفعت الاعداد في المستسفيات كلما اقتربنا من هذا الاجراء».

وزير حزب الله في باريس!

وفي اعلان لافت قال وزير الاشغال العامة والنقل علي حمية، المحسوب على حزب الله،  إنه سيزور العاصمة الفرنسية الشهر المقبل للبحث مع نظيره الفرنسي في أمور تتعلق بالوزارتين وسيزور عدة مرافئ ومطارات باريس والشركة الوطنية للسكك الحديدية SNCF للاستفادة من الخبرات الفرنسية في هذا المجال ولتفعيل العلاقة بين البلدين في هذا الاطار.

واشار حمية بعد لقائه منسق المساعدات الدولية من أجل لبنان السفير بيار دوكان الى ان لبنان بدأ باتخاذ خطوات اصلاحية «ليس لأننا بالبلد وبمقدراته المتعددة نتعرض لضغوط دولية من أي أحد انما نقوم بها في المرافق كافة لأننا مقتنعون بها، فبدون الإصلاح لا يمكن رفد الخزينة العامة بإيرادات لتحصين القرار السياسي للحكومة اللبنانية».

واضاف: «ان مرفأ بيروت عنصر حيوي وأساسي وكذلك مطار رفيق الحريري الدولي وهناك مرافق اخرى، اضافة الى الأملاك البحرية. كما ناقشنا مع السفير دوكان ان صندوق النقد الدولي قد يكون جزءا من الحل ونحن نرحب بكل من يريد مساعدة لبنان انما يكون وفقا لرؤيته ومصالحه. انما نحن كحكومة علينا ايجاد حلول أخرى لرفد الخزينة العامة بالإيرادات من خلال الاستثمار الجيد والحوكمة الرشيدة والاصلاحات للمرافق العامة للدولة اللبنانية لرفد الخزينة بالإيرادات».

واكد حمية حرصه على «عدم ارتهان القرار السياسي اللبناني بموضوع المال الذي سيأتي من الخارج، علما اننا بحاجة اليه ونريده، انما ليس بالمعنى السلبي كسيف مصلت على رقابنا انما نريده بالمعنى الايجابي»، مشيرا الى سعيه ل «إيجاد حلول لتأمين ايرادات للخزينة العامة من اجل اعادة تعزيز دور لبنان بين دول العالم».