«الانتربول» على خط مُذكرات التوقيف اللبنانية قريباً مُبادرة فرنسية لملف المرفأ يحملها مُوفد ماكرون
في غياب اي بارقة امل بإعادة القطار الحكومي الى سكة العمل مجددا، اقله في المدى المنظور، بعدما اقفل طريق الوساطات والمعالجات بسواتر رفض كل المخارج المقترحة، ربطا بطبيعة التعقيدات التي تحكم الوضع الداخلي، والرهان على نتائج الحراك الخارجي، يبقى المناخ السياسي المشدود مخيما على البلاد، مع تسابق الملفات على احتلال الصدارة، ومع بلوغ الوضع نقطة بالغة الحساسية تستوجب معالجات فورية قبل وقوع الكارثة.
ففي توقيت لافت، غير مفاجئ، عاد ملف التحقيقات في تفجير مرفأ بيروت بكل امتداداته ليحتل صدارة الازمات المستفحلة، وليبلغ انفجار القلوب المليانة، حد المخاوف من انتقال المواجهة السياسية – القضائية الى انفجار امني في الشارع مرة جديدة بعدما «عيل صبر المعنيين»، على ضوء المواقف التصعيدية في اطار لعبة الكر والفر التي بدأت منذ فترة بين المدعى عليهم والمحقق العدلي، لتبلغ حدها مع العودة النشطة للقاضي بيطار، والتي افتتحها على اكثر من محور،اجتماع باهالي الموقوفين، اطلاعه على الصور الروسية، وطلبه تنفيذ فوري لمذكرة توقيف الوزير علي حسن خليل.
وهنا تشير مصادر متابعة للملف ان الخطة الهجومية التي وضعت لضرب مصداقية القاضي بيطار وتنحيته سقطت، فلا اغراق الملف في طلبات الرد والارتياب، التي تكفلت انتفاضة القضاة لكرامتهم في احباطها وصل الى نتيجة، ولا حملات التشكيك، عبر الكلام العالي السقف، نفعت امام اصرار «العكاري» على تغيير المعادلات.
يضاف الى كل ذلك، والكلام للمصادر، اولا : فشل محاولات نقل الصراع الى المستوى الطائفي بتصويره يستهدف الطائفة الشيعية، ومن بعدها السنية، وهو امر مجاف للواقع تماما، وفقا لمروحة اسماء المدعى عليهم، مع فارق ان المسيحيين منهم حضروا الى التحقيق رغم كل الضغوط والترغيب والترهيب الذي مورس بحقهم،فيما امتنع الآخرون تحت حجج الحصانات. وثانيا: «تخوين ابن البيطار» و»الباسه بدلة عمالة اميركية «، الذي تثبت الوقائع التاريخية انه ابعد ما يكون عن ذلك.وللمناسبة يروي احد المقربين من آل البيطار انه عقب التهديد بـ «القبع» الذي وصله،اتصلت به والدته باكية طالبة اليه التنحي «فعندك عيلة ولازم تربيها»، فما كان منه ان زارها بحضور العائلة، مؤكدا انه لن يتراجع مذكرا والده «بأن الحياة وقفة عز»، وهو قرر ان يقفها.
وبالعودة الى مسار التحقيق، تشير مصادر قضائية الى ان خطوة السبت بحق الوزير علي حسن خليل هي اول غيث الاجراءات التي ينوي اتخاذها وفقا لخارطة طريقه، اذ ان القاضي بيطار يدرك جيدا ان اي عمليات توقيف للمطلوبين لن تتم حاليا بسبب التوازنات القائمة، لذلك فهو قرر القفز الى الامام متخطيا تلك العقبة، ليطلب الى النيابة العامة مراسلة «الانتربول» لاصدار مذكرات حمراء بحقهم تباعا، مع اعتبارهم فارين من العدالة.
هذه الورطة الداخلية، انعكست على ما يبدو على رعاة الحكومة الفرنسيين، اذ تشير اجواء باريس ان الاليزيه مصاب بخيبة امل وبحالة ارباك مع انكشاف طبخته الحكومية، التي جاءت خلافا لكل التعهدات التي قطعها للمعنيين هذا من جهة، ومن جهة اخرى فان اي تدخل لباريس في غير صالح البيطار سيعرض ماكرون لحملة في الداخل الفرنسي وعلى المستوى الأوروبي، هو بغنى عنها على بعد اشهر من انتخابات الرئاسة الفرنسية. امران دفعا بالاخير الى ارسال موفده الى لبنان لتحقيق غرضين :
– الاول: اعادة الحياة الى مجلس الوزراءعبر تسوية لمسالة المرفأ، وهي خطوة شبه مستحيلة راهنا،خصوصا ان الاجواء الفرنسية – الايرانية على غير ما يرام.
– ثانيا: تحقيق هدف اقتصادي، عبر الحصول على جزء من «الكعكة اللبنانية».
فهل هي اذا معركة المطلوبين الأربعة ؟ وهل هي مسألة حرمان «علي حسن خليل» من الترشح للانتخابات النيابية في ظل تداعيات مذكرة التوقيف الصادرة؟ الجواب بالتأكيد لا، فالمسألة اكبر، وحبل الاستدعاءات والتوقيفات طويل وما خفي كان أعظم وأهم، فبعد استكمال البيطار تحقيقاته طوال أربعة أشهر اتهم فيها «عالطالع والنازل من يلي بيسوى وما بيسوى» انه لا يقوم باي خطوة، كانت خارطة طريق تحقيقه تحقق أولى إنجازاته، مع تسطيره عشرات البلاغات إلى الجهات الدولية، سمحت له بتكوين صورة شبه كاملة، رغم تمنع بعض الدول عن التعاون معه ومنها روسيا، وصولا إلى اكتشافه الحاسم بأن وجهة الباخرة كانت بيروت ولم يكن الأمر مرور ترانزيت، وفقا لوثائق رسمية تمكن من جمعها.
المحظور وقع، والمعادلة واضحة، اما يحصل المعترضون على مسار بيطار على ما يريدون، والا تطيير الحكومة. فكيف سيحاول الرئيس ميقاتي تفادي انفجار حكومته؟ ولكن هل يدرك المعنيون معنى «قبع» البيطار اكان حكوميا ام مجلسيا بعدما سقط الامر قضائيا؟