يتزامن توقيت العمليات الفدائية الفردية في القدس المحتلّة خاصة وفي مناطق فلسطينية أخرى مع الذكرى الرابعة والثلاثين للانتفاضة الحجارة التي اندلعت عام 1987، كما بالتزامن مع تاريخ اعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ما أسماها “صفقة القرن” والتي ادعى فيها ان “القدس عاصمة إسرائيل”، لتعيد العمليات تصويب البوصلة نحو ضرورة استنهاض المقاومة بشكلها الشعبي ضد المشاريع الامريكية والإسرائيلية.
الجيل الجديد: استمرارية العمل المقاوم
الجانب اللافت في العمليات الأخيرة ان المخططون والمنفذون هم من جيل الشباب ومن الفتية ما بين 15 و20 عاماً، مذكرين بأن الصفوف الأولى في انتفاضة الحجارة وانتفاضة الأقصى الثانية عام 2000 تقدّمها الشباب والأطفال.
ويحمل إقبال الشباب الفلسطيني على “انتفاضة” شعبية جديدة دلالات ورسائل، اذ يقول القيادي في حركة حماس إسماعيل رضوان في حديث لموقع “الخنادق” ان هذه العمليات المتصاعدة في القدس المحتّلة تدلّل على ان جذوة الصراع مستمرة في فلسطين، على الرغم من ان هؤلاء الشباب لم يعايشوا الانتفاضتين، لكنهم بطبيعة الحال رأوا إجرام هذا الاحتلال وانتهاكاته في القدس والاعتداء على المسجد الأقصى، وعملياتهم تؤكد ان الجيل الجديد ورث روح المقاومة الجريئة وثقافتها.
ويضيف القيادي رضوان ان الاحتلال حاول في العقود الماضية ممارسة كي وعي الشباب في القدس والضفة الغربية من ناحيتين:
الأولى، من خلال فتح مجالات العمل في الداخل المحتل وهذا ما حاول الاحتلال أيضاً ممارسته ما قبل انتفاضة الحجارة عام 1987 حيث كانت أبواب العمل “مفتوحة” لأجل إغرائهم مالياً او إلهائهم حتى لا يلتفتوا الا لتأمين القوت اليومي.
ومن ناحية أخرى يقوم الاحتلال تنفيذ حمالات الاعتقال اليومية والتي يتعمّد خلالها اعتقال الشباب والأطفال بقسوة ويحوّلهم الى التحقيقات الوحشية ويصدر بحقهم الأحكام العالية والمؤبدات.
ولكن رغم ذلك، فوجئ الاحتلال بهذه العمليات الفدائية الفردية التي أفشلت كل مخططاته، وأكدت على ان الجيل الجديد قادر على إدارة الصراع والدفاع عن الأرض والمقدّسات الفلسطينية.
جيش الاحتلال غير قادر على إيقاف العمليات
تخشى الأوساط الإسرائيلية من عودة الموجة الطويلة من الهجمات الفردية التي استمرت خلال عامي 2015- 2016 والتي عرفت فلسطينياً “بانتفاضة السكاكين” حيث نفذت أكثر من 79 عملية فدائية من طعن ودهس، بوتيرة متتالية، في الضفة الغربية والقدس المحتلّة بشكل أساسي وضمن فترة زمنية تعتبر قصيرة، اذ تُثار مخاوف جديّة مما تسيمه “عدوى” في المبادرة لمهاجمة الجنود الاسرائيلين.
فيما يشير الاعلام العبري نقلاً عن محللين عسكريين إسرائيليين أن “الجيش الإسرائيلي غير قادر على إيقاف هذه الموجة من العمليات، ويكتفي قادة الفرق بمطالبة الجنود بزيادة اليقظة تجاه الإشارات المريبة للتهديدات الفردية”.
وقد نفّد الشباب الفلسطينيون 6 عمليات فدائية في اسبوعيين، افتتحها الشهيد عمر أبو عصب (16 عاماً) في البلدة القديمة في القدس المحتّلة، تبعنها عملية طعن في مدينة يافا (من المناطق المحتلة عام 48) ثمّ العملية الجريئة للشهيد محمد سليمة (25 عاماً) عند باب العامود، ومنذ يومين أقدمت الشابة البالغة من العمر 15 عاما على طعن مستوطنة في حي الشيخ جرّاح، وقد سبقتهم العملية النوعية للشهيد فادي أبو شخيدم والتي يقول القيادي رضوان ان “امثاله هم قدوة وأساتذة هؤلاء الشباب”.
وتجمع الفصائل الفلسطينية ان العمليات تأتي في سياق الرد الطبيعي على جرائم الاحتلال لا سيما في هجماته الاستيطانية الأخيرة وتهويده للأحياء والاقتحامات المتكررة والمتزايدة للمستوطنين لباحات المسجد الأقصى.
الكاتب:الخنادق