لم تحمل التطورات الصحية والسياسية والاقتصادية خلال الساعات القليلة الماضية الكثير من الاخبار السارة، فرفع سقف سحب «اللولار» من 3900 الى 8000 ليرة تزامن مع ملامسة سعر الدولار في السوق السوداء الـ 25000 ليرة، وسط توقعات بارتفاعات قياسية جديدة، اي ان «الهيركات» المقنع للودائع مستمر دون «سقف». «اوميكرون» وصل الى لبنان في وقت تزداد اعداد المصابين بـ»كورونا» وبلغت بالامس 1836 فيما ينهار القطاع الصحي. سياسياً لا مؤشرات على حلحلة حكومية وشيكة، مع اعلان وزير الخارجية عبدالله بوحبيب عن شكه بانعقاد جلسة لمجلس الوزراء قبل بداية السنة الجديدة، فيما «الكباش» القضائي مرشح للتصاعد مع استئناف المحقق العدلي القاضي طارق البيطار تحقيقاته في تفجير المرفأ.
وفيما حل ملف «التوطين» ضيفا «ثقيلا» على المشهد المتوتر في البلاد، ودخل رئيس التيار الوطني الحر في «سجال» مباشر مع وزير العمل المحسوب على حزب الله، لم تحمل زيارة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى القاهرة جديدا سوى تجديد الوعد باستمرار الجهود لاعادة العلاقات اللبنانية السعودية الى سابق عهدها، دون وجود آمال كبيرة بتحقيق اختراق واسع في المدى القصير في ظل غياب المؤشرات السعودية الجدية لتجاوز الازمة الراهنة «بسقف منخفض» من المطالب في ظل ارتفاع منسوب التوتر في المنطقة وعدم الوصول الى تفاهمات مع ايران حيال مجمل الملفات الساخنة ما يدفع الرياض الى عدم الاستعجال بتقديم «هدايا» مجانية الى الجانب الايراني على الساحة اللبنانية، كما تؤكد اوساط ديبلوماسية.
وفي ترجمة عملية للتصعيد السعودي، جدد وزير الخارجية فيصل بن فرحان التحريض على حزب الله، معتبرا «انه لا يوجد ازمة بين بلاده ولبنان، وانما الازمة بين حزب الله والشعب اللبناني»، مطالبا بالافعال وليس الاقوال من الحكومة اللبنانية، مشددا على حصول اصلاحات حقيقية، بينما تشير المعلومات الى رفع المملكة وتيرة جهودها لتنسيق الخطوات بين الافرقاء اللبنانيين»المعادين» للحزب، للبحث في كيفية توحيد الجهود المشتركة للحد من نفوذه على الساحة اللبنانية من «بوابة» الانتخابات النيابية، وعبر اجراءات اخرى ترغب الرياض في «استمزاج» راي «حلفائها» بمدى القدرة على تحويلها الى «امر واقع»!
تهديدات اميركية
هذه المناخات المتوترة المصحوبة «برياح ساخنة» اسرائيلية- اميركية على خلفية التعثر في مفاوضات فيينا النووية والعودة الى التهديد بالحرب، واكبتها واشنطن بتصعيد لهجة تخاطبها الدبلوماسي مع بيروت، وفي هذا السياق علمت «الديار» من مصادر ديبلوماسية ان الادارة الاميركية المستعجلة بطلب اسرائيلي لحسم ملف ترسيم الحدود البحرية قبل آذار المقبل موعد بدء عملية استخراج شركة «هاليبرتون» الاميركية للغاز من حقل «كاريش»، عملت على خطين للضغط على الجانب اللبناني لتقديم تنازلات في هذا الملف الحيوي، اولا من خلال الزيارة الاخيرة لقائد الجيش العماد جوزاف عون الى واشنطن حين ابلغ صراحة بوجود «تململ» في دوائر القرار الامنية والسياسية حيال موقف الجيش اللبناني من الترسيم وقيام المؤسسة العسكرية بدور «راس الحربة» لاجراء التعديلات على خطوط التفاوض وتبني الخط 29، وسمع «نصائح» بضرورة خفض «سقف» التفاوض، كي لا يؤثر هذا الموقف على المساعدات الاميركية للجيش اللبناني!
«تهويل» باجراءات «قاسية»
وعلى نحو مواز، دخلت السفيرة الاميركية دوروثي شيا على خط التهويل، من خلال مروحة اتصالات مع عدد من المسؤولين اللبنانيين، وابلغتهم ان الاجواء في واشنطن تتجه الى اعلان لبنان دولة «فاشلة» اذا ما تسبب في اجهاض الجهود الاميركية لايجاد تسوية في ملف الترسيم قبل آذار المقبل، ناصحة بعدم «تمييع» الموقف، والاتفاق على وجهة نظر موحدة حيال الطروحات الاخيرة الموجودة على «الطاولة»، ملمحة الى انها لم تعد قابلة للتفاوض، فاما القبول بها او رفضها، وتحمل تبعات هذا القرار؟!
لا رهانات مصرية
في هذا الوقت اجرى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي محادثات سياسية، و»غازية» في مصر، مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره مصطفى مدبولي، والامين العام للجامعة العربية احمد ابو الغيط، ووفقا لمصادر مطلعة، تقدمت الوعود المصرية الاقتصادية لجهة استجرار الغاز على ما عداها في النقاشات، وجدد الجانب المصري تعهده بانهاء الاجراءات اللوجستية مطلع العام المقبل، مع الاستعداد لتقديم اي مساعدات يحتاجها لبنان، لكن المصريين اكدوا انهم لم يحصلوا بعد على موافقة خطية من الكونغرس الاميركي او وزرارة الخارجية حيال اعفائهم من تبعات قانون «قيصر» واملوا بان يتم ذلك قريبا؟. اما في الشق السياسي، فكان واضحا ان القاهرة لا تملك «خارطة طريق» واضحة لتحسن علاقة لبنان بالسعودية ودول الخليج، وسمع ميقاتي حرصا مصريا على ابعاد لبنان عن الصراعات الاقليمية، ورهانا على نجاح المسعى الفرنسي في ايجاد ترجمة عملية على ارض الواقع، مع التاكيد على ضرورة عودة الحكومة اللبنانية الى الانعقاد، وتقديم كل ما يتوجب لاستعادة ثقة الخليجيين!
انزعاج من تصعيد بري!
ووفقا لمصادر مقربة من رئيس الحكومة، يعمل ميقاتي على تمرير الوقت باقل الاضرار الممكنة، وليس بوارد القيام «بدعسة ناقصة» حكوميا، ولهذا سيعمد في الساعات المقبلة الى تكثيف مروحة اتصالاته لاستكشاف امكانية العودة الى جلسات الحكومة، مع التاكيد على وجود تفاهم مع رئيس الجمهورية ميشال عون على ضرورة «التريث» قبل اتخاذ اي خطوة في هذا الاتجاه. وفي سياق متصل اكدت تلك الاوساط ان ميقاتي سيزور رئيس مجلس النواب نبيه بري لابلاغه «استياءه» الشديد من تصريحات وزير الثقافة بسام مرتضى العالية السقف اتجاه القاضي طارق البيطار ورئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي سهيل عبود، علما انه قرأ فيها «رسالة» تصعيدية من بري مع العلم انه اتفق معه قبل الذهاب الى القاهرة على تهدئة الخطاب السياسي لتامين مناخات «التسوية»، فما الذي تغير؟
دعوى جديدة
وفي السياق نفسه، تقدّم الوزير السّابق رشيد درباس، بوكالته عن رئيس الحكومة السّابق حسان دياب، أمام المحقّق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار، بدفوع شكليّة تتناول صلاحيّة كلّ من المجلس العدلي والمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء…
باريس و«مناورة» الحريري؟
في هذا الوقت، وفيما برز ترحيب اسرائيلي بتحرك الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون على الساحة اللبنانية واعتبار تبنيه للبيان المشترك مع السعودية، استدارة فرنسية لاضعاف حزب الله، افادت المعلومات عن تحرك فرنسي اتجاه رئيس تيار المستقبل سعد الحريري بعد ساعات من عودة ماكرون الى باريس، وفيما لم تؤكد حصول زيارة «خاطفة» للحريري الى باريس، اكدت مصادر مطلعة ان التواصل حصل بين الادارة الفرنسية ورئيس تيار المستقبل حيث جرى نقاش مسالة عزوفه المفترض عن خوض الانتخابات النيابية المقبلة، وفيما «نصحه» الفرنسيون بعدم الخروج من المعترك السياسي في هذه الظروف، لما لذلك من تبعات شخصية وسياسية سيئة، جدد الحريري موقفه المبدئي بالعزوف عن خوض الاستحقاق الانتخابي لاسباب مادية واخرى سياسية ترتبط بشعوره بانه محاصر داخليا وخارجيا وخصوصا من السعوديين، فيما تلوح بالافق محاولات لفرض تحالفات لا يريدها. وفيما لم يخف «ضيقه» من استمرار تضييق الخناق عليه من قبل الرياض مقابل فتح «نافذة» للرئيس نجيب ميقاتي، لفتت تلك الاوساط الى ان باريس لا تزال غير مقتنعة بالاسباب المساقة من قبل الحريري، وتعتقد انه «يناور» كي يستفيد لاحقا من «زخم» عودته لخوض الاستحقاق الانتخابي؟!
رهانات اسرائيلية؟
في هذا الوقت، ذكرت صحيفة «اسرائيل اليوم» الاسرائيلية بان اجواء من الارتياح تسود في كيان العدو النشاط الديبلوماسي الذي يقوم به الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ولفتت الى ان هدفه النهائي هو العمل لاضعاف حزب الله. وتحت شعار ضرورة الإصلاحات، تريد السعودية عملياً أن تقلص، بل وربما تنزع السلاح الذي لدى حزب الله، ولفتت الصحيفة الى انه تلوح في الأفق إمكانية عملية لعلاقات مباشرة بين إسرائيل والسعودية، وعليه فإن الرياض تطالب بنزع سلاح الحزب. وفيما يقر المسؤولون الاسرائيليون بان «المهمة صعبة» فهم يعولون على زخم الرئيس الفرنسي، المعني بطرح هذا الموضوع الحساس.
«عجز» اسرائيلي
وفي وقت وصل وزير الدفاع الاسرائيلي بني غايتس إلى واشنطن لاجراء مباحثات مع مسؤولين أميركيين حول إيران وسط تسريبات صحافية بأن الجانبين الأميركي والإسرائيلي قد اتفقا على تدريبات مشتركة تحاكي هجوما ضد المنشآت النووية الإيرانية بحال اضطرا للجوء للخيار العسكري. ارتفعت حدة السجالات في اسرائيل وسط تأكيدات من قبل عدد كبير من المراقبين والمحللين العسكريين أن إسرائيل لا تملك قدرة حقيقية للتأثير على مخططات إيران وأنها باتت تطلق تهديدات فارغة خاصة أنها عاجزة أصلا عن مهاجمة إيران وتدمير مشروعها النووي لوحدها.
«مناورة» فاشلة
وفي هذا السياق، اكدت صحيفة «هآرتس» ان جهاز الأمن يدرك أن الأمر سيستغرق سنوات قبل أن تصبح هذه الاحتمالية واقعية. خصوصا ان التقديرات تفيد بأن أي عملية ضد إيران قد تؤدي إلى مواجهة مع حزب الله ولهذا اجريت مناورة في الجليل تحاكي دمج مئات القطاعات والجنود الاحتياط الذين تم استدعاؤهم لفحص أهلية الجيش للمواجهة مع الحزب، وخلص بعدها رئيس الاركان كفيف كوخافي أن الطريق ما زالت طويلة قبل الوصول الى الجهوزية.
ترجيحات «بتحليق» الدولار؟
في غضون ذلك، وبعد ساعات على استقبال رئيس مجلس النواب نبيه بري حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، تتعاظم المخاوف من ارتفاع جديد في سعر الدولار في «السوق السوداء» بعد تعميمين من مصرف لبنان الاول قضى بتامين شركات استيراد النفط بدءا من اليوم 15 بالمئة من الدولارات من السوق الموازية بعدما كانت النسبة عشرة بالمئة، وكذلك تعميم آخر رفع قيمة سحب «اللولار» من 3900 الى 8000 مع تحديد سقف السحوبات الشهرية بحد اقصاه 3000 د.أ للحساب الواحد. وبحسب مصادر مالية، ثمة مخاطر كبيرة حيال هذا التعميم، كان سلامة قد حذر منها قبل اسبوع، فلا مهرب من حصول التضخم، حيث ستؤدي الكتلة النقدية اللبنانية الى زيادة الطلب على الدولار في السوق الموازية اي ارتفاع جديد في سعر دولار «السوق السوداء». فيما ستؤدي زيادة الطلب على الدولار من قبل مستوردي النفط الى النتيجة نفسها.
قرار الدستوري الاسبوع المقبل
في هذا الوقت، عقد المجلس الدستوري جلسته الثانية من جلساته المفتوحة في حضور كامل الأعضاء على ان تعقد الجلسة المقبلة يوم الاثنين المقبل، تليها كل يوم جلسة لحين اتخاذ قرار بشان الطعن المقدم من التيار الوطني الحر حول التعديلات على قانون الانتخابات. وتوقع رئيس المجلس الدستوري القاضي طانيوس صدور القرار أواخر الأسبوع المقبل مع العلم ان المدة تنتهي في 21 من الشهر الحالي.
«اوميكرون» في لبنان؟
صحيا، اعلن وزير الصحة فراس الابيض تسجيل أول إصابتين على أراضيها بمتحورة كورونا الجديدة «أوميكرون» لدى مسافرين قدما من أفريقيا، غداة تسجيل البلاد معدل إصابات يومي هو الأعلى منذ أشهر، وقال انه من خلال تتبع الحالات خصوصاً الوافدة عبر المطار هناك حالتان ثمة شك كبير بأن تكونا من متحورة أوميكرون، وأوضح ان المصابين بصحة جيدة وفي «حالة حجر كامل» منذ وصولهما، وأبدى ابيض خشيته من ارتفاع أعداد الإصابات وقال «انه امر مقلق خصوصاً مع وضع المستشفيات التي باتت قدرتها على التحمل أو تكرار ما حدث خلال العام الماضي أقل مع كل الضغوط التي تواجهها والهجرة في الكوادر التمريضية والطبية.
سجال حول «التوطين»
في غضون ذلك، فتح قرار وزير العمل، مصطفى بيرم، السماح للفلسطينيّين ومكتومي القيد بممارسة مهن كانت محصورة باللبنانيّين، سجالا علنيا مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، الذي شنّ هجوماً ضدّه معتبراً أنّ القرار مخالف للقانون و»توطين مقنّع، وفيما ايد حزب الكتائب وجهة نظر باسيل، دافع الحزب التقدمي الاشتراكي عن الاجراء، رافضا المزايدات الانتخابية… في المقابل رد بيرم على اتهام باسيل، مؤكدا ان من اطلق هذا الاتهام لم يقرأ القرار أساساً، وقال إن «ما كان محظوراً في القوانين والمراسيم، ما زال محظوراً، مشدّداً على أنّ «القرار لا يُغيّر قانوناً، وأعلن أنّه سيردّ على الحملة التي شُنّت ضدّه في مؤتمر صحافي يعقده اليوم، وكان باسيل قد شجب قرار بيرم، ووصفه بـ «التوطين المُقنّع»، معتبراً أنّه مخالف للقوانين والدستور، وشدّد على أنّه لا يمكن تمرير «هيك قصة»، واضاف»ما رح نسمح بتشليح اللبنانيّين وظائفهم في هذه الظروف».