الحدث

إيران على حق

شارل أيوب-االدبار

 

إيران على حق في موقفها من الاتفاق النووي الذي نقده الرئيس الأميركي ترامب وأخرج الولايات المتحدة من هذا الاتفاق، رغم ان الإدارة الأميركية برئاسة الرئيس الاميركي الأسبق باراك أوباما وقّعت على الاتفاق مع 4 دول كبرى زائد المانيا. وخضعت إيران لمراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية باستمرار وطبّقت الاتفاق النووي مع الدول الـ 5 زائد المانيا حيث ان المانيا تتحضّر لجعلها عضوا دائما في المجلس الامن الدولي.

نقد الرئيس ترامب الاتفاق النووي مع إيران وأصدر سلسلة قرارات من العقوبات على إيران وصلت الى 293 قراراً على الجمهورية الإسلامية الإيرانية دون ان تكون إيران قد أخلت بوعودها بشأن الاتفاق النووي.

لم يكن الاتفاق النووي هو الهدف فقط ونقده من قبل الرئيس ترامب، بل إنه كما حرّضت الولايات المتحدة الرئيس الراحل صدام حسين على شن حرب على إيران وقامت دول الخليج بتمويل هذه الحرب، إضافة الى رعاية وزير الدفاع الاميركي رامسفيلد بحرب العراق ضد إيران، وهذه الحرب أسفرت عن مليون قتيل من الجيشين والشعبين العراقي والإيراني. ولم يقتصر الامر على تحريض الولايات المتحدة الاميركية ودول الخليج للرئيس صدام حسين، بل لعبت الصهيونية و»إسرائيل» وجهاز الموساد دورا كبيرا في تحريض الولايات المتحدة كي تحرض صدام حسين بهدف تدمير البلدين العراق وإيران.

سنة 2018 عندما قرر الرئيس الأميركي ترامب نقد الاتفاق النووي مع ايران من دون سبب او مخالفة إيرانية للاتفاق، تكرر الموضوع ذاته بتحريض من الصهيونية العالمية خاصة داخل الولايات المتحدة، وطبعا بقرار أميركي ناتج من تقارير أميركية عن قوة ايران المتصاعدة، خصوصا في مجال الصواريخ الباليستية ودورها المتنامي في الإقليم كله وفي الشرق الأوسط.

وساهمت دول الخليج في دفع الرئيس ترامب الى المضي بنقد الاتفاق النووي مع ايران وفرض عقوبات كبيرة عليها . ومقابل ذلك قدمت السعودية ودول خليجية، لكن خاصة المملكة السعودية، استثمارات في اميركا بمئات المليارات، واشترت أسلحة أميركية أيضا بمئات المليارات مقابل فرض عقوبات على إيران، وذلك باعتراف الرئيس ترامب الذي كان يتباهى بالاستثمارات والأموال التي تدفعها السعودية، والذي لم يخجل ترامب من التصريح بأنه لولا الولايات المتحدة لما كان الملك سلمان عاهل المملكة العربية السعودية قادرا على البقاء على كرسيه كملك للسعودية.

اليوم تجري في فيينا عاصمة النمسا، مفاوضات غير مباشرة بين ايران والولايات المتحدة والوسيط هو الدول الأوروبية فرنسا وبريطانيا وألمانيا، إضافة الى وجود مندوب عن الصين ومندوب عن روسيا دون ان تلعب الصين وروسيا دورا كبيرا في الوساطة لأنهما يؤيدان الموقف الإيراني.

طرحت ايران العودة الى الاتفاق النووي كما كان، واكدت التزامها بكل بنوده مجددا مقابل رفع العقوبات الأميركية التي فرضتها الولايات المتحدة على ايران. لكن الرئيس بايدن قال يمكننا رفع العقوبات انما لا يمكننا الغاء 150 عقوبة على ايران التي يجب أن تبقى مفروضة على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وذلك من دون أي مبرر، في حين استنفرت الدول الصهيونية «إسرائيل» وأعلنت انها قد تلجأ الى الحل العسكري ضد ايران، وارسلت وزير دفاعها الى واشنطن مع رئيس الموساد الإسرائيلي للتحريض ضد ايران. كذلك تحرك رئيس وزراء العدو الإسرائيلي من اجل عدم نجاح المفاوضات بين إيران والدول الموقعة على الاتفاق النووي، وبخاصة الولايات المتحدة.

ايران طبعا لها نفوذ في لبنان، لكن التحريض من قبل اميركا لحلفائها في لبنان جعلهم يتحدثون عن احتلال إيراني للبنان عبر حزب الله، وأيضا مباشرة عبر احتلال إيراني. وهذه المبالغة والاتهامات لا صحة لها لأن المواطن اللبناني يعلم ان لبنان ليس تحت الاحتلال الإيراني. وإيران دافعت عن سوريا في وجه المنظمات الإرهابية التكفيرية السلفية الذي وصل عددها الى نصف مليون تكفيري ارسلتهم السعودية وتركيا وجاؤوا من أوروبا والولايات المتحدة وروسيا وكل العالم لإسقاط النظام السوري، فكان ان دافعت ايران عن سوريا ودافع حزب الله أيضا ولعبت روسيا الدور الأكبر في ضرب العمود الفقري للإرهاب من خلال سلاح الجو الروسي الذي كان ينفذ أكثر من 4 الاف غارة في الشهر ضد الإرهابيين السلفيين التكفيريين.

واصطدمت روسيا مع تركيا وخرج الأردن من لعبة التحريض وارسال عناصر من التكفيريين عبر حدوده، وشعرت السعودية ان الخطر الروسي يستهدفها. وبالنتيجة، نجحت ايران في دعم النظام السوري الذي بقي ومنعت قيام دولة إرهابية تكفيرية في سوريا، وهو امر لمصلحة كل دول المنطقة، وبخاصة لبنان.

كما لعبت ايران دورا كبيرا في ضرب القوى التكفيرية في العراق وعملت على محاصرتهم ودعمت الحشد الشعبي هنالك الذي استطاع تحقيق انتصارات على داعش وجبهة النصرة المنظمتين اللتين تريدان بناء دولة الخلافة الإسلامية التكفيرية السلفية حيث الذبح والقتل واضطهاد الاقليات، وقد نجحت ايران أيضا في العراق.

نعود الى مفاوضات اليوم في فيينا عاصمة النمسا ونقول إن ايران مظلومة في هذه المفاوضات، ونقول ان ايران على حق في موقفها، ونقول انه مهما كانت العقوبات فالصمود الإيراني أقوى من هذه العقوبات، والخاسر الأكبر على المدى البعيد من محاصرة ايران بهذا الشكل هو دول الجوار، وأولها المملكة العربية السعودية.

السياسة الأميركية تجاه إيران ظالمة، وإسرائيل لن تتجرأ على عمل عسكري، وإذا هاجمت ايران فسيكون الرد عنيفا على الدولة الصهيونية، وايران قادرة على الدفاع عن نفسها ورد الهجوم الصهيوني برد اقوى من استعمال «إسرائيل» لطائراتها الحربية.

وهذا كله يجعل الإقليم على فوهة بركان اذا مضت الولايات المتحدة والصهيونية وبعض دول الخليج في التحريض على ايران لمنع احياء الاتفاق النووي كما كان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى