موقع العهد
أكد المحلّل العسكري الصهيوني في صحيفة “هآرتس” عاموس هرئيل أن كيان العدو وبناءً على العائق الذي يُشيّده على حدود قطاع غزة يُثبت أنه لا يبحث عن احتلال غزة بل التحصّن منها، مشيرًا الى أن جميع الحكومات الاسرائيلية تجنّبت قدر المستطاع حربًا شاملة هناك، وخلص الى أن العائق في غزة هو مشروع ضخم ومهدر للأموال، وكان يُمكن العثور على استخدامات أفضل للمال.
وفيما يلي نصّ مقال هرئيل في “هآرتس”:
أنهت “إسرائيل” أمس بناء العائق على حدود قطاع غزة. المشروع كلّف حوالي ثلاثة مليارات شيكل ونصف المليار واستمرّت الأعمال فيه ثلاث سنوات ونصفًا. في نهايته، نُشر حول القطاع سياج بطول 65 كلم واستخدم لبنائه 140 ألف طن من الحديد والفولاذ. ارتفاع العائق، فوق سطح الأرض، يبلغ ستة أمتار. وأقيم من تحت الأرض جدار ضد الأنفاق، حتى عمق امتنعت المؤسسة الأمنية عن التفصيل عنه، ووضعت عليه أجهزة استشعار كثيرة وكاميرات.
أصبحت “إسرائيل” أكثر حساسية للخسائر وأقل استعدادًا للتضحية. منذ الانفصال عن قطاع غزة عام 2005 تبنّت الحكومات المختلفة خطًا شبه موحد، على الرغم من أن رؤساء الحكومة كثيرًا ما هاجموا أسلافهم في المنصب واتهموهم بالكذب وإظهار الضعف. جميع الحكومات، بغض النظر عن هويتها السياسية، تجنّبت قدر المستطاع حربًا شاملة في قطاع غزة، وبالتأكيد توغّلًا بريًا واسعًا فيه.
وكبديل للتوغلات البرية المتعددة والاحتلال، حصّنت “إسرائيل” الدفاع. بداية، في عهد حكومة أولمرت-بيرتس، جرى تطوير منظومة الاعتراض القبة الحديدية. حماس والجهاد الإسلامي واصلتا إطلاق الصواريخ، لكن من عام 2011 وصاعدًا، أصبح إطلاق الصواريخ أقل فعالية بكثير. في غضون عدة سنوات، من المفترض أن يتحسّن الحل القائم، في حال نجح تطوير الجواب الكامل للاعتراض بواسطة منظومات لايزر كهربائية. لكن في عملية “الجرف الصامد” وجد الفلسطينيون طريقًا التفافيًا على القبة الحديدية، التسلل عبر الأنفاق. المستوى السياسي والجيش الإسرائيلي أهملا الاستعدادات لذلك، والنتيجة أثارت قلقًا لدى الجمهور وألقت بظلالها على الإنجازات القليلة للعملية.
بنيامين نتنياهو لا يؤمن بالجيران بل بالجدران: بعد العملية أطلق مشروع السياج كطبقة مكمّلة لأنظمة الاعتراض، مثل السياج الذي أقامه سابقًا على طول الحدود المصرية. العائق في غزة هو مشروع ضخم ومهدر للأموال، ويمكن القول إنه كان من الممكن العثور على استخدامات أفضل للمال، مثل تعزيز نظام الرعاية الصحية أو التعليم، ومع ذلك، نفّذت المؤسسة الامنية – والرجل الذي قاد جميع خطط المبارزة لمدة عقديْن العميد عيران أوفير – عملية مثيرة للإعجاب.
من خلال بناء العائق في سيناء، أوقف نتنياهو بشكل كامل تسلّل طالبي اللجوء والعمال المهاجرين من إفريقيا. ولأن النضال الفلسطيني يعتمد على هذا، فمن المحتمل أن تبحث غزة عن المزيد من الطرق الالتفافية وتجدها تستثمر الآن في تهريب وتصنيع الطائرات من دون طيار والطائرات من دون طيار.
في بداية العام القادم، من المقرر -بعد تأخير سنوات- افتتاح مشروع مماثل لبناء سياج على طول الحدود مع لبنان. تم بناء أجزاء من السياج القائم في الشمال في السبعينيات ضد عناصر “فتح”. وتم إنشاء البعض الآخر في الفترة التي سبقت انسحاب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان في عام 2000 وقد تم تدميره منذ ذلك الحين، إلّا أنه في المنطقة التي تعمل فيها “إسرائيل”، سيبقى بناء الأسيجة جزءًا ضروريًا من الردّ الأمني المستقبلي.
في اليوم الذي أعلن فيه وزير الأمن (الحرب) ورئيس الأركان في مراسم احتفالية عن الانتهاء من بناء السياج في غزة، يجدر التساؤل: وماذا عن القدرات الهجومية؟ لكن السؤال الأكثر أهمية وإلحاحًا هو ما الذي يمكن أن يفعله الجيش إذا حدث التصعيد على جبهتيْن (لبنان وغزة) أو ثلاث (سوية مع الضفة الغربية). قد يتطلّب هذا ليس فقط القدرات العالية والمثبتة لسلاح الجو ولشعبة الاستخبارات، إنما أيضًا تشغيل القوات البرية التي لم تواجه تحديًا مشابهًا منذ عدة عقود.