من شيراك – الحريري الى ماكرون – ميقاتي: التجربة تتجدّد لكن «هلقد حجما حتى اللحظة»! حزب الله ينأى بنفسه عن التعليق… ولا خطوات واضحة نقلها ميقاتي لعون لا جلسات حكومية… وما «حدا مستعجل على بديل قرداحي»!
لا يختلف اثنان على ان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نجح بانتزاع ما اراده لبنانيا لاستثماره فرنسيا من على الاراضي السعودية، فالزيارة الفرنسية الى المملكة كانت ناجحة جدا بالميزان الفرنسي، لكن المقاربة اللبنانية لما حصل على ارض جدة اختلفت بين افراط بالتفاؤل وتفاؤل حذر مشوب بالف سؤال وسؤال.
الاكيد ان خطوة ماكرون بتأمين اتصال ثلاثي الخطوط بينه وبين ولي العهد السعودي ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، بعد قطيعة سعودية طويلة ونأي بنفس عن الملف اللبناني، لا يمكن الا التوقف عندها، فالرجل نجح حيث فشل كثر، نجاح فرنسي يُقرّش في الخارج اكثر منه في الداخل اللبناني، اذ تعتبر مصادر سياسية متابعة، بان الرئيس الفرنسي الذي يجد نفسه على أبواب انتخابات صعبة، نجح برفع رصيده الشعبي من بوابة تمتين العلاقة مع السعودية مع ابرام اتفاقيات استراتيجية تتعلق بصفقات أسلحة ومشاريع استثمار، كما من البوابة اللبنانية.
هذا فرنسيا، لكن في الميزان اللبناني، فترى اوساط بارزة متابعة ان البيان السعودي – الفرنسي المشترك الذي اكد على وجوب إجراء الحكومة اللبنانية إصلاحات شاملة، تشمل مكافحة الفساد ومراقبة الحدود، مع حصر السلاح بمؤسسات الدولة الشرعية، متطرقا للحديث عن تطبيق القرارات الدولية لا سيما 1559 و1701، ومنع لبنان من أن يكون منطلقاً لأعمال أمنية أو عسكرية تهدد أمن المنطقة، وبالتحديد السعودية واستقرارها، فهذا البيان لا يشجع كثيرا باعتباره موقفا سعوديا ليس بجديد.
وفيما حزب الله اخذ على نفسه عدم التعليق راهنا على هذا البيان، رأت مصادر مطلعة على جو الثنائي الشيعي، بأن الحزب قرأ في البيان انه موجّه ضده بشكل واضح، كما ان فرنسا التي كانت تتعامل وتتحاور مع حزب الله، حتى انها كانت تفكر بعقد مؤتمر سان كلو ثاني، باتت اليوم تصدر بيانا مشتركا ضد الحزب.
وتتابع المصادر المطلعة على جو الثنائي الشيعي: ما حصل في السعودية «هلقد حجمو»، اي ان حجمه محصور بالاتصال الذي تمّ، مستبعدة ان تكون له انعكاسات ايجابية قريبا على الساحة اللبنانية، الا من باب عودة تصدير بعض المنتجات بين البلدين.
وتشرح المصادر بانه من حيث الشكل، هناك ملاحظات عدة، فالاتصال بين ولي العهد السعودي وميقاتي تمّ بعدما بادر ماكرون للاتصال بميقاتي ثم مرّر «الخط» لميقاتي، وسألت المصادر: الم يكن بامكان ولي العهد ان يتصل بمبادرة منه بميقاتي؟ وماذا عن سبب تجاهل، من حيث الشكل، التواصل مع رئيس الجمهورية؟ لاسيما ان ماكرون كان اعلن في مؤتمره الصحافي انه سيتصل فور عودته الى باريس بالرئيس عون، الا ان اي اتصال لم يسجّل حتى اللحظة على خط الاليزيه- بعبدا.
وتتابع المصادر بان الوضع في لبنان منذ الرابع من آب وحتى اليوم، شبيه نوعا ما بالوصاية الفرنسية على البلاد، ففي العام 2005 خرجت سوريا، وفي العام 2017 ابتعدت السعودية، اما اليوم فنشهد تكرار لتجربة الحريري- شيراك بين ماكرون وميقاتي لكن «هلقد حجمها او مفعولها حتى اللحظة «، فماذا عن انعكاسها ايجابيا على لبنان؟
اوساط متابعة تجيب: ان بدء الحديث عن انعكاسات ايجابية يتطلب اولا عودة السفراء بين البلدين، وهذا ما هو غير متوقع حتى اللحظة ، وكل ما يحصل لن يغيّر بالمشهد الحكومي شيئا، فلا جلسات قبل «تسوية قضية المحقق العدلي « من باب احالة ملف المدعى عليهم من رؤساء ووزراء ونواب الى المجلس النيابي، وهذا غير متوفر حتى اللحظة. فالمقايضة التي حكي عنها سابقا لم تنجح سواء قضائيا او سياسيا، اي بين هذه المسألة ومسألة اقتراع الانتشار للنواب الـ 6 في الدائرة الـ 16.
ورجحت المصادر الا يتحرك هذا الملف، الا بعدما يتبين اين يتجه المجلس الدستوري بقراره بشأن الطعن، المقدم من قبل تكتل لبنان القوي، بتعديلات لقانون الانتخاب، مستبعدة ان يتم تمرير اي شيء يتعلق بهذا الموضوع في الجلسة النيابية اليوم ولو من خارج جدول الاعمال، فالامور لم تنضج بعد، بحسب المصادر، وفي حال فتح النقاش في هذه القضية، فالاكيد ان المعترضين وفي مقدمهم التيار لن يكملوا النقاش!
وعليه، فلا جلسة قريبة لمجلس الوزراء، وتؤكد المصادر انه خلافا لما يقال، فلا اتجاه حتى اللحظة بتعيين اي بديل عن الوزير قرداحي بعدما استقال، لاسيما ان رئيس «تيار المردة» كان قد اعلن انه لن يسمّي بديلا عنه، وتكشف المصادر ان الاتجاه هو على الابقاء على عباس الحلبي وزيرا بالوكالة، الى حين الاتفاق على اسم بديل غير مستفز لاي طرف، «ويبدو انو ما حدا مستعجل عالبديل».
وتؤكد اوساط متابعة انه من الصعب القول ان نتائج ما حصل في جدّة ستظهر قريبا في لبنان لانها تتطلب وقتا، لاسيما ان الخطوات المتوقعة غير واضحة بعد، اذ كشفت المعلومات ان ميقاتي الذي وضع رئيس الجمهورية امس بجو الاتصال بالتفصيل، لم يكن لديه رؤية واضحة لما يمكن ان تكون عليه الخطوات المقبلة، لكن الاكيد ان ما حصل، بحسب الاوساط، كسر الجليد، وهو انجاز شكلي، وتحويله الى انجاز عملي بالمضمون لعودة العلاقات اللبنانية -السعودية الى طبيعتها مرتبط بمسار حدده البيان المشترك بنقاط واضحة ، كما ان تغريدة السفير البخاري تصب في هذا الاطار، كما ان هذا المضمون، بحسب الاوساط، يبقى رهن كلمة المبادرة التي كان ماكرون تحدث عنها، وهو سيفصح عنها باتصاله المرتقب مع رئيس الجمهورية لتظهير مفهومها.
وبانتظار اي مؤشر يعكس الايجابية التي يأملها البعض، يختم مصدر رفيع سائلا :»هل يمكن ان تعود السعودية لتسهّل الامور وتهتم بالوضع في لبنان بعد قطيعة طويلة بمجرد ان ماكرون طلب ذلك؟!