اسبوع بداية الترجمة العملية لفتح فرنسا خطوط التواصل بين لبنان والسعودية

يشكل الاسبوع الحالي بداية الترجمة العملية للخرق الاساسي الذي شهدته عطلة نهاية الاسبوع وتمثل في نجاح الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في فتح الخطوط مجددا بين لبنان والمملكة العربية السعودية عبر اتصال مشترك جرى بينه وبين ولي عهد المملكة الامير محمد بن سلمان ورئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي.
وبحسب” النهار” فان الإعلان الفرنسي السعودي المشترك عن بداية معالجة لأزمة السلطة اللبنانية مع الرياض ودول خليجية أخرى، رتب التزامات إضافية على الحكومة التي تعهد باسمها رئيسها نجيب ميقاتي في الاتصال الهاتفي الثلاثي مع الرئيس ماكرون وولي العهد السعودي بالعمل على إعادة العلاقات اللبنانية السعودية إلى سابق عهدها بما يثقل كاهله الآن في إقناع القوى الشريكة في الحكومة والتي دأبت على تفجير هذه العلاقات، بأن هذه الفرصة في استدراك الخسائر الفادحة التي تسببت بها للبنان لن تتكرر اذا عادت حليمة التفجير إلى عادتها القديمة. وبذلك فإن حماية هذا التطور ستقع في المقام الأول على العهد والحكومة تحت طائلة فقدان آخر فرصة وفرّها الرئيس ماكرون للبنان، أياً تكن أسباب المرونة التي انتزعها من ولي العهد السعودي، علماً ان مؤشرات عدة برزت بعد ساعات من نهاية زيارة ماكرون لجدة، أوحت ان الرياض ستراقب بدقة متناهية معالم استجابة الاخرين لتعهدات الرئيس ميقاتي قبل إعادة السفير السعودي إلى بيروت.

ونقلت “اللواء” عن مصادر سياسية “ان توظيف الاختراق الذي حققه الرئيس الفرنسي أثناء لقائه بولي العهد السعودي، بالاتصال برئيس الحكومة نجيب ميقاتي، لوقف مسار تدهور العلاقات بين المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي مع لبنان، ينتظر ترجمة عملية، من قبل الحكومة اللبنانية، ولو بخطوات وقرارات اولية، لاعادة الثقة المفقودة، ومن بعدها يمكن المباشرة بفتح صفحة جديدة واعادة تطبيع العلاقات بين البلدين”.
واشارت المصادر الى ان ما حصل يعتبر مؤشرا مهما، وتطورا لا يمكن تجاهله، وهو يصب حتما في صالح اعطاء دفع خليجي فرنسي للحكومة، للانطلاق قدما إلى الأمام ،لتنفيذ المهام الملقاة على عاتقها، ولكن يبقى الاهم ، وهو مدى قدرة ميقاتي،على اعادة انعاش جلسات الحكومة من جديد وانهاء كل العقبات والعراقيل التي تعترض عملها. ولذلك، فإن الايام المقبلة، ستشكل امتحانا، للطاقة الحاكم، وكيفية تجاوبه مع الاختراق الذي تحقق وامكانية الاستفادة منه إلى اقصر الحدود، او استمرار تعطيل الحكومة والدوران في حلقة الشلل الحكومي نفسها.
في المقابل كتبت” الاخبار”: الأسئلة طغت في اليومين الأخيرين على المشهد الداخلي، مع تظهير أن الرياض تعاملت مع استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي كبادرة حسن نية من لبنان، وفتحت باب “الرحمة” مجدّداً تجاهه، علماً بأن لا الاستقالة ولا الزيارة ستؤسّسان لعودة العلاقات اللبنانية ــــ السعودية. وليس أدلّ على ذلك من بيان “الانتداب السعودي ــــ الفرنسي” الذي لا يُمكن قراءته إلا من زاوية تسعير الأزمة مع لبنان، بطرحه عناوين سياسية «انقسامية» تصّب كلها في وجه حزب الله، تصفية لحساب قديم ــــ جديد. أما ما قيل “عن مساعدات إنسانية للشعب اللبناني”، فيؤكّد أن استعادة لبنان لعافيته الاقتصادية ــــ المالية ليس من أولويات وليّ العهد محمد بن سلمان.

أن تدقيقاً صغيراً في البيان المشترك، كما في المواقف التي خرجت على لسان مسؤولين سعوديين وصحف سعودية، يؤكّد أن «السعودية لم تُغيّر في موقفها قيد أنملة»، بل أكثر من ذلك يبدو أن الرياض نجحت في جرّ ماكرون إلى تبنّي العنوان السياسي الذي تريده، وهو “الاشتباك مع حزب الله”، علماً بأن باريس حرصت بعد انفجار المرفأ ودخولها مباشرة على خط الأزمة على أن تبتعد عن تأزيم العلاقة مع حزب الله.في الشق المتعلق بلبنان، جرى التشديد على “ضرورة حصر السلاح بيد الشرعية اللبنانية، وألّا يكون لبنان منطلقاً لأي أعمال إرهابية تزعزع أمن المنطقة واستقرارها، ومصدراً لتجارة المخدّرات”، كما “على ضرورة تطبيق القرارات 1559 و1680 و1701، وأهمية تعزيز دور الجيش اللبناني في الحفاظ على أمن لبنان واستقراره، وإنشاء آلية سعودية ــــ فرنسية للمساعدة الإنسانية في إطار يكفل الشفافية التامة”، والعزم على “إيجاد الآليات المناسبة بالتعاون مع الدول الصديقة والحليفة للتخفيف من معاناة الشعب اللبناني”.

مصادر سياسية قرأت في البيان “عودة إلى فترة عام 2005 بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وكان عنوانها آنذاك أيضاً تطبيق القرار 1559”. واعتبرت المصادر أن “ما يُحكى عن انفتاح سعودي على لبنان غير صحيح، بل إن البيان يؤكد أن الرياض نجحت في دفع فرنسا إلى تبنّي مشروعها السياسي الذي يثير انقساماً حاداً”. فهي من خلال «ما جرى التشديد عليه في البيان تطلب مجدداً أن يقوم فريق لبناني بمواجهة فريق لبناني آخر، كما سعت دائماً ولم تنجح”.

وكتبت” نداء الوطن”: من المرجح أن تعود الغيوم لتتلبّد تباعاً مع مرور الأيام تحت وطأة عجز الحكومة اللبنانية عن الإيفاء بتعهداتها أمام الرياض وباريس، وعلى وجه أخص في ما هو مرتبط بالسلاح غير الشرعي وضبط الحدود والمعابر الشرعية، سيّما وأنّ رئيس الجمهورية ميشال عون بدا في حديثه لصحيفة “الشرق” القطرية كرأس حربة في مشروع التصدي لأي مقاربة جديدة لموضوع سلاح “حزب الله” وأدائه على المستويين الداخلي والخارجي، معتبراً أنّ “كل شيء مطلوب من “حزب الله” يلتزم بتنفيذه ولم يتجاوز بنود قرار مجلس الأمن الدولي 1701″.

وكشفت مصادر مطّلعة في باريس لـ”البناء” عن “دورٍ فرنسي محوري على خط احتواء الأزمة الخليجية– اللبنانية، من خلال مروحة اتصالات أجراها ماكرون نفسه بالرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، وبالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وبدولة الإمارات، إضافة إلى تواصل مع القيادة السعودية. فيما تولّى مدير الاستخبارات الفرنسية، برنار إيمييه، التواصل مع «حزب الله» لإقناعه بضرورة استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي قبل وصول ماكرون إلى الخليج، لكي يتمكّن من بحث الملف اللبناني مع قادة الخليج وإقناع المملكة بالتراجع عن الإجراءات التصعيدية ضد لبنان”.
وتشير المصادر إلى أن “الحركة الفرنسية تعكس مخاوف جدية لدى “الإيليزيه” من خطر انهيار لبنان في شكلٍ كامل بعد المقاطعة الخليجية له”. كاشفة أن “فرنسا أبلغت السعودية اعتراضها على الموقف الخليجي بمقاطعة لبنان، لأنه سيؤدي إلى تهديد الاستقرار السياسي والاقتصادي، وبالتالي الأمني في البلد الذي تعتبره فرنسا نموذجاً للتعددية والتعايش الطائفي”.
وكتبت” الجمهورية”: أظهر الأسبوع الفائت انّ باريس ما زال دورها مؤثراً في لبنان، وانّ المبادرة الفرنسية التي انطلقت على إثر انفجار مرفأ بيروت ما زالت مستمرة، على رغم التبدُّل الذي شهدته في مضمونها، حيث أنّ زيارة ماكرون للدول الخليجية كانت كفيلة بحلّ أزمة مزدوجة: استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي، وفتح قنوات التواصل بين الرياض وبيروت من خلال الاتصال بين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وذلك في أول اتصال رسمي من هذا النوع، الأمر الذي يعني تجميداً للخطوات التصعيدية، وفتح الباب أمام عودة المسار الديبلوماسي والسياسي بين البلدين.
وقد نجحت باريس في تحقيق خرق مهمّ على هذا المستوى، من خلال تفكيك عقدة قرداحي التي كانت أُضيفت إلى عقدة التحقيق في انفجار المرفأ، التي ما زالت تعطِّل العمل الحكومي، كما تفكيك عقدة العلاقة المتوترة بين لبنان والدول الخليجية، وتحديداً المملكة العربية السعودية، والتي تضرّ كثيراً بالمصلحة اللبنانية، ودلّ الدور الفرنسي الى انّه الوحيد القادر على تحقيق اختراقات داخل الساحة اللبنانية.
ومن غير المستبعد ان تتمّ الاستفادة لبنانياً من المناخات الإيجابية التي أرختها عودة التواصل السعودي مع لبنان، وطي صفحة استقالة قرداحي من أجل إنهاء التعطيل الحكومي، بغية الاستفادة من هذا الزخم لجماً للتدهور المالي والاقتصادي وإعادة وضع الحكومة على سكة المسار الذي انطلقت على أساسه بكونها حكومة إصلاحات وانتخابات.

Exit mobile version