من الآخر ولعدم تضييع اللبنانيين في زواريب «اللت والعجن»، وحسابات الربح والخسارة، لا يبدو ان خطوة «التضحية» براس وزير الاعلام على مذبح «المصالح الماكرونية»، العالقة عند التقاطع الفرنسي – الايراني، لن تقدم ولن تؤخر في جوهر وحقيقة الخلاف اللبناني – الخليجي، لتطول «القطيعة « وما ترتب عنها من اجراءات، الى ما بعد الانتخابات النيابية المفصلية، ليبنى على نتائجها المقتضى.
وحتى ذلك التاريخ ، فان الاتصالات التي ادارها مدير المخابرات الفرنسي برنار ايمييه، «بمونة» من الرئيس نجيب ميقاتي نجحت في تحقيق خرق لا يمكن تسييله الا داخليا، بعدما اقتنع كل من ايران وسوريا بضرورة تليين موقف حارة حريك، فحصلت الاولى على دعم باريس في فيينا،اما الثانية فعلى مرسوم من الاليزيه قضى بتعيين سفيرة فرنسية جديدة في سوريا، توازيا مع رزمة اتفاقيات مع دولة الامارات اهمها عقد لشراء 80 طائرة «رافال»، وهو بيت قصيد المسعى الفرنسي، ببعده الدولي.
صحيح ان خطوة الاستقالة، قد تفتح الباب امام بعض الحلحلة الداخلية، مساهمة بشكل او باخر بعودة مجلس الوزراء الى الانعقاد، خصوصا، بعد الكلام السائد عن صفقة – سلة تبدأ «بالخطوة القرداحية»ولا تنتهي بتعديل قانون الانتخابات، وما بين المحطتين من «قبع» للقاضي البيطار وتوقيع لمرسوم ترقية دورة 1994، وهو ما تنفيه اوساط بعبدا بطبيعة الحال، اذا ما سارت كل الامور وفقا لما يشتهيه الطباخون، وهو امر لن يكون بالسهولة التي يتصورها البعض، اللهم الا في حال كان القرار بتطيير الانتخابات النيابية قد اتخذ وبالتالي باتت دغدغت ومراعاة الشارع خارج الحسابات.
فرهان بعض اهل الحكم في الداخل وعلى رأسهم رئيس الحكومة، المستعد لازالة اي شوائب في العلاقات مع دول الخليج، على زيارة «عرّابه»، لتحقيق خرق ما، ستخيب، خصوصا ان الاخير لم يستطع الحصول على اجابات واضحة من بيروت، حول نقاط «المبادرة» التي يحملها والتي تتلخص في: ثلاث نقاط أساسية، اولا، تأكيد القوى السياسية في لبنان والتوافق على عدم استخدام لبنان مِعبَراً لتهريب المخدرات إلى المملكة ومنها إلى دول الخليج، ثانيا، تأكيد على عدم استخدام لبنان كمنبر إعلامي للتهجّم على السعودية، قيادةً وشعباً، وعلى مجلس التعاون الخليجي، ثالثا، تأكيد على هويّة لبنان العربية.
ولكن ماذا عن موقف المملكة؟ اوساط متابعة على تواصل مع قيادات المملكة، منذ بدايتها تؤكد ان الخطوة الاستعراضية لا تعني الرياض فهي جاءت متاخرة كثيرا، وبالتالي فان القصة كما بات معروفا هي ابعد واكبر من كلام وزير، لارتباطها بالامن القومي السعودي وبمصالح مجتمع المملكة، وهي خطوط حمراء لا يمكن السكوت عنها او التنازل، او الدخول في اي صفقات او تسويات حولها،سواء مع الفرنسي او مع غيره.
وتتابع المصادر بان الحلول معروفة والاجراءات الواجب على الدولة اللبنانية اتخاذها كذلك واضحة ومعروفة وهي مع الاسف تتغاضى عن القيام بالمطلوب منها بوصفها دولة سيدة، وتتنازل عن حقوقها تلك بمحض ارادتها، نافية ان تكون المملكة قد قدمت اي ضمانات او تعهدات في حال الاستقالة، مستدركة بالقول على من يريد طرح المبادرات ان ياخذ كل تلك الامور بجدية كمنطلق للبحث، ومن يراهن على ضعف موقف المملكة مخطئ جدا، «فللرياض اوراق قوة كثيرة لم تستعلمها بعد»، فالمعالجات وفقا للصيغ السابقة والوعود الفارغة ما عادت تنفع ومحاولات اللعب على وتر التناقضات الخليجية فاشل سلفا.
ونصحت المصادر، «الاخوة في لبنان بان لا يجعلوا انفسهم ورقة للمساومة لصالح اطراف معينة اقليمية او دولية، لانهم سيدفعون الثمن غاليا كونهم الحلقة الاضعف، فالمشكلة مع حكومتهم بكليتها، فالمملكة لم تخطئ لتتراجع، وابتزاز باريس للرياض لن ينفع، فاذا كان الرئيس ماكرون يرغب بتحقيق صفقات تعوضه عن الخسارة التي الحقها به الاميركي في موضوع الغواصات مع استراليا، فعليه ان يقدم لا ان يطلب، خاتمة في كل الاحوال لننتظر ما سيحمله الفرنسي معه ليبنى على الشيئ مقتضاه.
من هنا، من غير المستبعد، بحسب مصادر لبنانية، ان يحضر الملف اللبناني «عرضا»، لعدة اسباب، اولها ان الرئيس ماكرون ليس الشخص المناسب لادارة حل هذه الازمة، وثانيها انه في حال قرّر «فتحَ» هذا الملف، فإن الرياض ستخيّب آماله، وقد حضّرت ملفا كاملا بالوثائق والادلة.
امام هذه المؤشرات السلبية بات «الحكي ما بطعمي خبز»، وقد شبع الخليجيون من «الكلام» والبيانات والاستعراضات، «الفأس وقعت بالرأس»، ومرتا تهتم بامور كثيرة بينما المطلوب منها واحد.