كتب المحرر السياسي-البناء
يرى دبلوماسي عربي على صلة بملفات المنطقة أن السخونة التي تحكم الملفات العربية الكبرى، من اليمن ومواجهات مأرب، إلى العراق والمأزق الإنتخابي والحكومي، وصولاً إلى لبنان ومصير ملفاته المتراكمة داخلياً وخارجياً إلى مراحل متقدمة من التعقيد، وانتهاءً بسورية حيث مستقبل الوجود الأميركي والتركي على الطاولة يقرر مسار السياسة والأمن، ستبقى سخونة حاضرة من دون بلوغ الإنفجار أو الحسم أو تبلور إشارات انفراجات، بإنتظار ما سيجري في فيينا، والذي لن يطول لما بعد نهاية العام، إلا إذا كان التمديد متعمداً على خلفية التفاهم، من أجل تأجيل الإعلان عن التفاهمات بإنتظار استكمال ترتيبات القضايا الإقليمية، كما حدث عام 2014 عندما تمت بلورة التفاهم وجرى التمديد لشهور إقتضاها وضع الإقليم، ووفقاً للدبلوماسي العربي المتابع لملفات المنطقة فإنه على رغم عدم وجود رابط مباشر بين مفاوضات فيينا وملفات المنطقة، التي تملك كل منها عناصر تحريكها الخاصة، فإن انقسام المنطقة بين محورين كبيرين هما محور تقوده واشنطن ومقابله محور المقاومة، وكون هذه الملفات الساخنة تدور في نهاية المطاف بين المحورين، فإنه من المستحيل تخيل إقدام أي من الأطراف على الضفتين المتقابلتين من دون الأخذ في الاعتبار لمستقبل الصراع بين المحورين، الذي تمثل واشنطن وطهران نقاط الثقل فيه، ويشكل الملف النووي مفتاح الأزمات والحلول بينهما.
وفقاً للدبلوماسي العربي تبدو حدود القدرة الإسرائيلية على تعطيل الحلول ذات أهمية، على رغم كثرة الكلام الإسرائيلي، فما يستطيعه الإسرائيلي في الضغط على الأميركيين للخروج من الاتفاق النووي قام به وتم اختباره، والأميركي اليوم يدرك أنه قام بخطوة خاطئة، يدفع ثمنها في اللهاث وراء إيران لتعود إلى الاتفاق، وما يمكن للإسرائيلي تقديمه لإثبات صحة رهانه على الخروج من الاتفاق وإمكانية تعطيل الملف النووي من خارج الاتفاق، قام بفعله بدعم وحماسة وتمويل من واشنطن ودول عربية، وجاءت النتيجة اعترافاً إسرائيلياً بأن إيران باتت أقرب إلى امتلاك القنبلة النووية على رغم اغتيال علمائها النوويين وتخريب منشآتها النووية، وحدود القدرة الإسرائيلية عسكرياً كشفتها معركة سيف القدس، التي أظهرت مقدرات ردع فلسطينية لم تكن موجودة مع توقيع الاتفاق، ومثلها تقدم في قدرة حزب الله الذي تشغل صواريخه الدقيقة بال إسرائيل، وهي بنظر الأميركيين من نتاج مرحلة الانسحاب من الاتفاق النووي.
تجميد الخيارات الكبرى يعني التهيئة لها، فإن سارت الأمور نحو التفاهم- وهذا هو الأرجح- تكون المنطقة جاهزة لدخول عصر التسويات، لكن وفقاً لما تمليه موازين القوى التي تبدو راجحة لصالح محور المقاومة، وفي هذا السياق يتقاطع توقع الدبلوماسي العربي مع تقديرات مصادر سياسية لبنانية متابعة للملفين الحكومي والقضائي بأرجحية ربط نزاع في الملفين لما بعد الأعياد ونهاية العام، خصوصاً مع كلام رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أن الحكومة بخير وهي تنتج، وآخر نتاجها إطلاق البطاقة التمويلية، بعكس مجلس الوزراء الذي لا يجتمع، بينما تقول المصادر السياسية المتابعة إن المشهد الانتخابي الذي يرجح بشأنه العودة إلى قانون الانتخابات قبل التعديل بعد بت المجلس الدستوري بقبول الطعن والأخذ بمضمونه، فإن المشهد الانتخابي الذي سيحكم التحالفات السياسية لن يتبلور قبل مطلع العام وإعلان الرئيس سعد الحريري قراره النهائي بصدد المشاركة بالانتخابات من عدمها، وقراءة ما سيترتب على قرار الانكفاء الحريري الذي يبدو مرجحاً.
في الشأن الصحي وتحسباً لتصاعد موجة كورونا قررت وزارة التربية بدء العطلة من منتصف الشهر الجاري حتى العاشر من كانون الثاني من العام المقبل، بينما أعلن وزير الصحة عن تقييد حركة التنقل ليلاً في ذات الفترة لصالح استثناء الملقحين من القيود.
حتى الساعة لا تسوية سياسية تلوح في الأفق، وقد أكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن لا حلول سياسية من شأنها أن تعيد إحياء جلسات مجلس الوزراء، مشيرة إلى أن التسوية المطروحة لم تلق ارتياحاً عند رئيس المجلس النيابي نبيه بري خاصة، وأنّ ما قدّمه رئيس التيار لوطني الحر النائب جبران باسيل مقابل التسوية لجهة حضور نواب تكتل لبنان القوي الجلسة من دون التصويت إلى جانب المجلس الأعلى الحاكمة الرؤساء والوزراء، معتبرة أنّ باسيل نسف اتفاق بعبدا الثلاثي، وبالتالي فإنّ أيّ تسوية غير متكاملة لن تبصر النور، وهذا يعني أن لا جلسات لمجلس الوزراء أقله هذا الشهر.
وفي هذا السياق قال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بعد لقائه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، رداً على سؤال: إنّ «الحكومة ماشية لكن مجلس الوزراء لا يجتمع». وكان اللقاء تخليه البحث في المستجدات المحلية والاتصالات القائمة لمعالجة الأزمة الأخيرة وعودة مجلس الوزراء إلى الانعقاد. وتم خلال اللقاء تبادل المعطيات حول الزيارة التي قام بها رئيس الجمهورية إلى قطر واللقاءات التي أجراها مع أمير الدولة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، فيما وضع الرئيس ميقاتي رئيس الجمهورية في نتائج زيارته إلى الفاتيكان واجتماعه مع البابا فرنسيس وأمين سر الدولة البابوية الكاردينال بيترو بارولين ووزير خارجية الفاتيكان بول غالاغر.
وليس بعيداً، أعلن ميقاتي أنه يتريّث مجدّداً في الدعوة إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء على أمل أن يقتنع الجميع بإبعاد المجلس عن كل ما لا شأن له به، خصوصاً أننا كنا توافقنا على أن القضاء مستقل، وأن أي إشكالية تحل في القضاء ووفق أحكام الدستور، من دون أي تدخّل سياسي». وأكد من السراي خلال رعايته إطلاق منصة دعم البطاقة التمويلية والمشروع الطارئ لشبكة الأمان الاجتماعية، أنه سعى وما زال يسعى للوصول إلى حل، ويدعم «أي خطوة تؤدي إلى تقريب وجهات النظر، مراهناً على الحكمة والوعي لدى الجميع لدقة المرحلة وضرورة تكثيف العمل لإنجاز الملفات الأساسية لحل الازمات الاقتصادية والمالية والاجتماعية.» وشدد على «أن العمل الحكومي مستمر بوتيرة متصاعدة ومكثفة، في سباق مع الوقت، لإنجاز الملفات المطلوبة مالياً واقتصادياً وخدماتياً واجتماعياً. وقد قطعنا في هذا المجال مرحلة متقدمة لا سيما في موضوع التفاوض مع صندوق النقد الدولي، وحل معضلة الكهرباء، والملفات المرتبطة بواقع الإدارة، وفور معاودة جلسات مجلس الوزراء قريباً بإذن الله، سيتمّ عرض هذه الملفات وإقرارها.» وأكد «أن ما نحن بصدده اليوم يظهر حجم الكارثة التي نحن فيها ووجوب الإقلاع عن سياسة التعطيل وفرض الشروط». ورأس الرئيس ميقاتي اجتماعاً ضم وزراء المالية يوسف خليل، والاتصالات جوني القرم، والداخلية بسام مولوي، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة وممثلين عن المديرية العامة للأمن العام والمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، لبحث موضوع سعر الصرف في السوق النقدية.
وعقد وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب سلسلة لقاءات واجتماعات على هامش أعمال المنتدى الإقليمي السادس للإتحاد من أجل المتوسط والاجتماع الثالث لوزراء خارجية الإتحاد الأوروبي ودول الجوار الجنوبي المنعقد في إسبانيا، مع كلّ من مفوض سياسة الجوار ومفاوضات التوسع أوليفر فارهيلي، ووزير خارجية فرنسا جان إيف لودريان، والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط. وتم تأكيد «ضرورة الإسراع في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وتوفير المعلومات والمستندات المطلوبة لوضع برنامج للتعافي الاقتصادي في أقرب وقت ممكن، تمهيداً للاستفادة من المساعدات الأوروبية وغيرها». كما تمّ البحث في «دور لبنان في المنطقة وعدم دخوله في أزماتها مما يتيح له الاستحصال على رزمة مساعدات إضافية».
وتابعت لجنتا «المال والموازنة» و»الادارة والعدل» النيابيتان درس اقتراح الكابيتال كونترول في جلسة مشتركة عقدتاها في المجلس النيابي، برئاسة نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي، حيث بحثتا اقتراح قانون معجل مكرر يرمي إلى وضع ضوابط استثنائية وموقتة على التحاويل المصرفية.
وأكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أن «البنك المركزي متفق مع الحكومة على الأرقام التي تمّ التوصل إليها في خطة التفاوض ولا خلاف حولها، وحجم الخسائر أقلّ مما كان عليه في الخطة السابقة، والاتجاه نحو توزيع الخسائر بين الدولة والمصارف والبنك المركزي، وحماية أموال المودعين. ولفت سلامة في مقابلة خاصة على «يوتيوب»، إلى أنه «لا يجب استباق الأمور، والضغط ينصَب حالياً على محاولة إنجاز التفاهم مع صندوق النقد الدولي قبل نهاية العام، وكل الأمور تتوقف حول كيفية التفاوض ومتطلباته الضرورية للتنفيذ ببرنامج شامل تلعب فيه الموازنة دوراً كبيراً. وقال: «عندما تمّ إقفال المصارف في العام 2019 اقترحت على الرؤساء الثلاثة أن «يغطّوني سياسياً» لإجراء نوع من الـ»كابيتال كونترول» وراسلتهم بكتب في هذا الشأن، لكني لم ألقَ جواباً». كما أن مواقف عدة أُطلقت في مجلس النواب لتعبّر عن اعتراضها على قيام مصرف لبنان بإجراء هكذا تنظيم.
هذا ودعا رئيس مجلس النواب نبيه بري هيئة مكتب المجلس إلى اجتماع يعقد في الأولى من بعد ظهر يوم غد، في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة.
أما انتخابياً، فأوضحت وزارة الخارجية والمغتربين أنه «بناءً على قانون الانتخاب الرقم 44/2017 والقانون النافذ حكماً الرقم 8 تاريخ 3/11/2021 الوزارة على إرسال اللوائح الواردة من البعثات في الخارج تباعاً إلى المديرية العامة للأحوال الشخصية، وذلك حتى منتصف ليل الثلاثاء تاريخ 30/11/2021. وقد بلغ مجموع عدد المسجلين المرسل من وزارة الخارجية والمغتربين إلى المديرية العامة للأحوال الشخصية 230.466 ناخباً. أما بقية الطلبات المسجلة في البعثات فهي مرفوضة من قبلها لعدم استفائها الشروط المنصوص عليها للتسجيل، أو بسبب التكرار، أو بسبب انتهاء المهلة القانونية .
وسط هذه الأجواء، عاد همّ كورونا إلى الواجهة. فقد اجتمعت لجنة إجراءات الكورونا في السراي، وانتهى الاجتماع من دون أن يصدر عن المجتمعين قرار بالإقفال العام. في حين أعلن وزير التربية والتعليم العالي عباس الحلبي أن عطلة الميلاد ورأس السنة تقرر أن تبدأ من مساء يوم الخميس 16 كانون الأول إلى صباح يوم الإثنين في 10 كانون الثاني 2022. وذلك تمكيناً ومساهمة ودعوة وإلحاحاً وتشجيعاً لكلّ القطاع التعليمي، بمن فيهم التلامذة والأساتذة والموظفون وإدارات المدارس والأهالي إلى تلقي اللقاح، لأنه يبدو أن الأمور تتجه إلى الأسوأ إذا لم نتداركها بموضوع التلقيح.
من جهة أخرى، وصل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بيروت إلى قبرص في زيارة تستمر حتى الخامس من كانون الأول لمواكبة زيارة البابا فرنسيس إلى نيقوسيا، والتي يغادرها في 4 كانون الأول إلى اليونان ويبقى فيها حتى 6 منه، وقال الراعي: «نصلي اليوم من أجل المسؤولين في لبنان أن يكفوا عن تشويه صورة اللبنانيين، وأملنا كبير بشعبنا الطيب وبأصحاب النوايا الصالحة، لذلك نحن كمسيحيين نحن أبناء الرجاء واليأس لا يسكن قلوبنا».