الدولار والمخدرات يفتكان بالمجتمع اللبناني…
سفير الشمال- غسان ريفي
يستمر التعطيل غير المبرر لحكومة “معا للانقاذ” في ظل اشتباك سياسي متعدد الاوجه والاهداف لا يتوانى عن ضرب مؤسسات الدولة واضعافها وفي مقدمها القضاء الذي يعتبر صمام الامان ومن دونه لا امن ولا استقرار ولا هيبة للدولة.
هذا التخلي السياسي عن المسؤوليات الوطنية معطوفا على لامبالاة من قبل بعض التيارات بالازمات التي تتوالد يوميا، تجعل المجتمع اللبناني برمته يرزح تحت وطأة حكم المافيات التي تنشط على اكثر من صعيد وتملأ بعضا من الفراغ الذي يفترض بالدولة ان تملأه بالحضور والمسؤولية والهيبة وفرض الانتظام العام.
بعض هذه المافيات تستغل الخلافات السياسية وانعدام اي افق للمعالجات والحلول للتلاعب بلقمة عيش اللبنانيين من خلال سعر صرف الدولار الاميركي الذي يشهد ارتفاعا هستيريا ينعكس على اسعار السلع الغذائية التي لم تعد بمتناول السواد الاعظم من المواطنين، حيث تتسابق المؤسسات الدولية في نشر التقارير التي تتحدث معاناة ومآسي “وطن الارز” الذي بات اكثر من 80 بالمئة من شعبه يعيشون تحت خط الفقر.
في حين يسعى كل من لديه بعضا من امكانيات الى الهجرة سواء شرعية او غير شرعية للهروب من الجحيم الذي يخيم على يوميات اكثرية العائلات التي باتت تفتقر الى ادنى مقومات العيش الكريم.
يشبّه كثير من الخبراء الارتفاع الهستيري لسعر صرف الدولار ب “الورم السياسي” حيث تستفيد هذه المافيات من الفوضى العارمة الناتجة عن الصراعات السياسية للتلاعب بسعر الصرف عبر تطبيقات غير شرعية تتحكم بالسوق المالي، علما ان السعر الحقيقي للدولار بحسب العرض والطلب من المفترض الا يتعدي 18 الف ليرة.
ويؤكد هؤلاء ان اية بوادر يمكن ان تظهر حول انفراج سياسي او توافق على دعوة الحكومة الى الانعقاد من شأنه ان يخفف من هذا “الورم” ويؤدي الى انخفاض سعر صرف الدولار لاكثر من خمسة آلاف ليرة.
في المقابل، تعمل مافيات أخرى على الاستفادة من حالات اليأس التي تجتاح المواطنين لا سيما فئتيّ الشباب والفتيان، لاغراق الاسواق بالمخدرات على انواعها لا سيما حبوب الهلوسة التي توزع في المناطق بشكل افقي من دون رقيب امني او حسيب قضائي ما يجعل شرائح واسعة من المجتمع اللبناني في حالة من انعدام الوزن ومن عدم الادراك لما تقوم به.
لا شك في ان مروجي هذه الافة وجدوا في الفوضى القائمة وغياب الاجهزة الامنية عن القيام بواجباتها فرصة لمضاعفة نشاطهم، حيث بدأت تظهر مؤشرات خطيرة جدا تُرجم بعضها في جرائم قتل مروعة وبشعة نفذها مرتكبوها تحت تأثير المخدرات على غرار ما حصل في ضهر المغر بطرابلس امس الاول باقدام احد الشبان على طعن جدته حتى الموت، وكذلك يوم امس حيث شهدت محلة المنكوبين في البداوي قيام شاب تحت تأثير المخدرات باطلاق النار على شقيقته البالغة 13 عاما وقتلها، فسارع والده تحت هول الصدمة الى اطلاق النار عليه وأرداه، فضلا عن جرائم قتل وسرقة تتنقل بين المناطق اللبنانية بما في ذلك حالات الانتحار المتنامية الناتجة عن الادمان.
كل ذلك، من شأنه ان يدق ناقوس الخطر حول تفلت امني ومجتمعي غير مسبوق في لبنان ناتج عن بطالة وفقر وجوع ويأس وتوفر المخدرات بأنواعها وانتشار السلاح في ايدي الجميع.. فهل تعي السلطة السياسية خطورة ما تشهده البلاد وتسارع الى تسويات سياسية تعيد الانتظام العام بإعطاء فرصة للحكومة باستكمال مهماتها الانقاذية، ام ان الآتي سيكون اعظم؟