يلقي التشكيك بنتائج الانتخابات العراقية وما تبعها من اعتراضات واعتصامات في المنطقة الخضراء بالعاصمة بغداد على خلفية عمليات التزوير الواسعة فيها، بظله على الوضع السياسي في البلاد لا سيما فيما يتعلق بتشكيل الحكومة الجديدة وتسمية رئيسها، خاصة مع مواصلة المساعي والمحادثات لتشكيل الكتلة الاكبر التي ستسمي رئيس الحكومة وصولاً لتأليف حكومة تحوز ثقة البرلمان.
وفي السياق، رفع تحالف الفتح بقيادة هادي العامري دعوى قضائية مشفوعة بأدلة الى المحكمة الاتحادية لإلغاء نتائج الانتخابات، وقال في بيان صدر عن مكتبه إن ” الطعن الذي قدّمه تحالف الفتح الى المحكمة الاتحادية الخميس الماضي فيه من الأدلة ما يكفي لإلغاء نتائج الإنتخابات”.
في ظل هذه الازمة، هل بالامكان تجاوز كل ما جرى والانتقال بتسوية ما الى مرحلة تشكيل الحكومة العتيدة؟ ومن هو رئيس الحكومة القادم الذي سيقود هذه المرحلة الحساسة في حياة العراقيين؟
وحول ذلك قالت مصادر عراقية مطلعة إنه “من المبكر الآن الحديث عن قرب تشكيل الحكومة وحسم اسم رئيس الوزراء المقبل في ظل وجود أدلة دامغة على تزوير الانتخابات التي جرت”، ولفتت الى انه “بالامكان الوصول الى تسوية ما ترضي مختلف الاطراف لكنها لم تنضج بعد”، وأشارت الى ان “بعض الطروحات يتم التداول فيها بانتظار ما ستؤول اليه النتائج النهائية لبحثها”.
يبدو ان حجم الاعتراضات القوية والفاعلة على الارض وفي الساحة السياسية والطعون القانونية المقدمة من قبل الكتل المعترضة والمحتجة على نتائج الانتخابات، تمنع تجاوز مسألة التزوير والتجاوزات التي أصابت العملية الانتخابية وقد ادت الى اعتراف مختلف القوى وإقرارها صراحة او ضمنا بحصول تزوير كبير في عمليات الاقتراع وفرز الاصوات الذي ساهمت به الشركة الإماراتية عبر التصويت الالكتروني وعمليات فرز الاصوات.
وقالت المصادر العراقية إن “المرابطة عند بوابات المنطقة الخضراء ومعها هذا الضغط الاعلامي المكثف يؤكد وجود كتلة شعبية وسياسية صلبة قادرة على إظهار التزوير الذي أصاب العملية الديمقراطية في الصميم، وانه لا يمكن مصادرة إرادة الشعب العراقي لتحقيق في السياسة ما عجز عنه البعض بأساليب اخرى”.
كل ما سبق يترك الأبواب مفتوحة على مصراعيها بمختلف الاتجاهات، وبالتالي لا حل إلا بحصول تسوية لإنهاء الازمة القائمة بما يخدم المصلحة العامة في العراق، وللخروج من حالة المراوحة التي تعطل الحياة الدستورية والسياسية، وبالتالي لا بد من التفكير بواقعية وأن كل معضلة لها حل من دون كسر أو عزل أي طرف سياسي له ثقله الشعبي، وبالتالي لا ولادة للحكومة المقبلة وتسمية رئيسها إلا بتوافق مختلف القوى الفاعلة والوازنة على الساحة.
وعند الخوض في الخيارات المتاحة امام التسوية الممكنة لتشكيل الحكومة وإنهاء الازمة الحالية، يمكن الحديث عن عدة خيارات هي:
-وجود مساعي أميركية خليجية لتشكيل الكتلة الاكبر وتوحيد القوى الثلاث المتمثلة: بالتيار الصدري والحزب الديمقراطي الكردستاني (حزب البارزاني) وكتلة “تقدم” التي يتزعمها رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، واذا ما نجح هذا الخيار ستكون بقية الكتل لا سيما “دولة القانون والفتح” في المعارضة.
إلاّ ان المعلومات تشير الى عدم نجاح هذا الخيار حتى الساعة بسبب فشل إقناع الاكراد بالدخول في حكومة ليس فيها فصائل المقاومة والحشد الشعبي، وعدم ثقة الاكراد بمتانة مثل هذا التحالف، والتحفظ لديهم تجاه السيد مقتدى الصدر.
-يوجد طرح بتشكيل الكتلة الاكبر عبر التحالف بين الكتلة الصدرية وأحزاب “الإطار التنسيقي” بمن فيهم تحالف “الفتح” (بدون كتلة دولة القانون 34 مقعداً)، بالاضافة الى التحالف مع جهات سنية وكردية (ككتلة الحلبوسي 38 مقعداً، والبرزاني 33 مقعداً).
يشار الى ان “الإطار التنسيقي” هو مجموعة الكتل السياسية التي اعترضت على نتائج الانتخابات وعلى رأسها كتلة “الفتح” بقيادة هادي العامري وكتلة “دولة القانون” بقيادة نوري المالكي ( يٌستثنى منه السيد مقتدى الصدر)، ولدى هذا الاطار ما يقارب الـ78 مقعدا في البرلمان من أصل 329.
-يوجد طرح بالتحالف بين قوى “الاطار التنسيقي” المذكورة أعلاه وجهات من السنة والاكراد حيث يشكلون الكتلة الاكبر، بينما تذهب الكتلة الصدرية الى المعارضة على الرغم من حصولها على 73 مقعداً في البرلمان.
أما عن اسم او مواصفات رئيس الحكومة، ففي حين ترى بعض المصادر ان طرح أي اسم للتدوال الآن قد يكون سابقاً لأوانه او بهدف تحييده عن المنافسة الفعلية للوصول الى منصب رئيس الحكومة، لكن يبقى خيار التجديد لولاية ثانية لرئيس الحكومة الحالي مصطفى الكاظمي هو أمر ممكن ومرجّح أيا كانت الخيارات المفترضة لتشكيل الحكومة العتيدة، وطرح اسم الكاظمي كمرشح توافقي لا سيما في ظل العلاقات التي تربطه بجهات عديدة داخليا وخارجيا.
الكاتب:الخنادق