ما ان عاد من حراكه الخارجي، حتى بدأ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي حراكا داخليا، اراد انطلاقته ان تكون من عين التينة، حيث التقى بالامس رئيس مجلس النواب نبيه بري، وغادر بعدها من دون الادلاء بأي تصريح.

اللاتصريح اعتبرته اوساط متابعة ابلغ من الكلام، وان دلّ على شيء، فانه يؤكد ان ميقاتي لم يخرج مطمئنا، ولا العودة الحكومية الموعودة باتت «بالجيب»، فالمعلومات تفيد من مصادر مطلعة على جو الاجتماع بان بري طرح خلال اللقاء، الذي استمرّ لنحو نصف ساعة، جملة افكار على ميقاتي لكنه اصر على وجوب تطبيق ما كان اتفق عليه باللقاء الثلاثي في بعبدا، اي ان يضع مجلس النواب يده على ملف محاكمة الرؤساء والوزراء والنواب، فينتقل من يد المحقق العدلي طارق البيطار الى البرلمان عبر المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء والنواب، وهذا ما ينص عليه الدستور.

الا ان اوساطا مطلعة على جو بعبدا علقت بالقول: لا شيء اسمه اتفاق ثلاثي تم في بعبدا، مشيرة الى ان ما قاله البطريرك الراعي في المقابلة التلفزيونية الاحد واضح، لاسيما انه طرح عليه افكار عدة، وعندما عاد واطلع على بعض الدراسات ايقن ان الامور لا تستقيم بهذا الشكل.

وتكمل الاوساط بان المعادلة واضحة: القضاء يقرر امور القضاء ومجلس الوزراء امور الاجراء ، ومجلس النواب التشريع، ما يعني باختصار فصل السلطات.

وتعليقا على ما قيل من ان الاتجاه هو لمقايضة ملف محاكمة الرؤساء والوزراء امام المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء وتعديلات قانون الانتخاب، بحيث تحصر ملاحقة ‏الرؤساء والوزراء والنواب بالمجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء والنواب المنبثق عن المجلس النيابي، من ‏خلال اجراءات تتخذ بمجلس النواب، مقابل الاخذ بمطالب التيار، العودة عن بعض التعديلات التي تمت على قانون ‏الانتخابات، شددت الاوساط على ان هذا الامر غير صحيح، اذ ان هناك طعنا امام المجلس الدستوري وهو من يقرر.

وفيما تشير الاوساط المتابعة الى ان رئيس الجمهورية لا يزال يتمسك بمبدأ فصل السلطات، كشفت مصادر مطلعة على جو اللقاء الثلاثي الذي حصل في بعبدا، انه بالفعل لم يحصل اي اتفاق ثلاثي بالذهاب باتجاه هذه الخطوة، لكن ما حصل ان الرئيس عون ابدى عدم ممانعة في حال تم الذهاب لاقرار قانون بمجلس النواب تشكل بموجبه الهيئة العليا لمحاكمة الرؤساء والوزراء والنواب.

لكن المصادر تتوقف لتقول: المشكلة ليست هنا، اي ليست بالتوافق على ان يضع مجلس النواب يده على هذا الملف، انما الخوف هو في مكان آخر، كاشفة ان ما يواجه المعنيين الذين يكثفون اتصالاتهم مشكلة اخرى تتمثل بالسؤال التالي: ما الذي يضمن ان يمتثل مجلس القضاء الاعلى معه المحقق العدلي لقرار مجلس النواب اذا ما تشكلت اللجنة، ولا يعتبر بالتالي بان الامر ليس من صلاحية البرلمان؟ فنصبح عندها امام منازعة قضائية يدخل فيها مجلس شورى الدولة، لتختم بالقول : من دون تسوية سياسية كبرى تطال ملفات عدة ، من الصعب الذهاب لمعالجة قضائية فقط عبر القانون!

وعليه، فالاكيد الا حل بات باليد، وتقول مصادر مطلعة على جو الثنائي الشيعي: « بعدنا مطرحنا، فلا خطوة عملية ولا مبادرة واضحة، ويبدو ان ميقاتي الذي اخذ على عاتقه ان يدور الزوايا، لم ينجح حتى اللحظة».

وفيما كشف بعض زوار عين التينة انهم سمعوا من بري ان رئيس الجمهورية وعده بالسير بحل ما، امّا عبر حل قضائي يقضي بان تصدر الهيئة العامة لمحكمة التمييز لاتخاذ قرار يقضي باحالة الرؤساء والنواب والوزراء الى المجلس الاعلى لمحكامة الرؤساء، او عبر احالة الملف الى مجلس النواب، مقابل وعود قدمها بري للرئيس عون اولها «السير بترقية ضباط دورة الـ 94 التي يطلق عنها بري «دورة عون»، اضافة الى الحديث عن تحالف انتخابي كالسابق باستثناء مناطق كالبقاع الغربي وجزين. كما قيل ان بري وعد الرئيس عون باعادة تصويب الامور بقانون الانتخاب لجهة ان يقترع المنتشرون للنواب الـ 6 اي للدائرة الـ 16، الا ان رئيس الجمهورية لم يبادر بعد لترجمة ما وعد به، علما ان مصادر مقربة من الرئيس عون نفت نفيا قاطعا هذه الرواية، واكدت الا شيء من هذا القبيل!

وفي هذا السياق، تكشف اوساط مطلعة على جو ميقاتي بان ما حصل من حوادث متتالية، جمّد رغبة ميقاتي بالدعوة لجلسة حكومية، وهو سيكمل مشاوراته على ان يلتقي رئيس الجمهورية بعد عودته من قطر، وبعدها لكل حادث!