بازار انتخابي عوني- أملي
والمقصود هنا هو التيار العوني وحركة أمل، فيما يسعى حزب الله للتهدئة والتوفيق بينهما، لعلّهما يتحالفان انتخابياً في بعض الدوائر، فيتحسن وضع الطرفين بدلاً من تلقي الخسائر بفعل التشتت. ولكن الوصول إلى مثل هذه الاتفاقات أو التحالفات، يحتاج إلى حل جملة مسائل يسعى الطرفان إلى معالجتها.
الرئيس نبيه بري يريد إعادة التحقيق مع الرؤساء والنواب والوزراء إلى مجلس النواب، عملاً بمقتضيات الدستور. أما التيار العوني فيريد تأمين تأجيل الانتخابات حتى أيار المقبل، وضمان عدم تصويت المغتربين اللبنانيين لـ 128 نائباً، وحصر تصويتهم بستة نواب، كي يحصر تأثيرهم على المجلس النيابي، فللعونيين وحزب الله تخوف من أن تصويت المغتربين لن يكون لصالحهما، نظراً إلى أعداد المسجلين للتصويت وأماكن وجودهم.
نصرالله: تحذير للمقايضة؟
ويحاول حزب الله منذ فترة السعي إلى التوفيق بين حليفيه اللدودين. لكن مساعيه لم تنجح بعد، ليصبح الجميع في حال حرج كبير. ويريد حزب الله الانتهاء من قضية التحقيق في تفجير المرفأ وخطوات القاضي طارق البيطار في هذا المجال. وكان واضحاً كلام حسن نصر الله الأخير في هجومه على القضاء. وهذا لا يوحي بالوصول إلى اتفاق، بل يحمل مؤشراً تصعيدياً ضد القضاء كله بوصفه استنسابياً ومسيساً.
ويفسّر البعض موقف نصرالله هذا، بأنه مؤشر على استمرار التعقيد. فيما تعتبر مصادر أخرى أن رفعه السقف إلى هذا الحد، هدفه إيصال رسائل التحذير إلى الجميع بأنه حان وقت التسوية والمقايضة.
والمقايضة الدائرة في الكواليس، هي العودة إلى القواعد التي طرحت سابقاً: حصر تحقيقات الرؤساء والنواب والوزراء بمجلس النواب، وقبول طعن التيار العوني بتعديلات قانون الانتخاب. هذا في العلن، أما المستور، فيتعلق بإمكان التفاهم الانتخابي بين العونيين وحركة أمل بقيادة حزب الله. وقد تكون الحسابات الانتخابية الدافع الوحيد الذي يفرض التسوية.
الطريق المسدود
في المقابل، تعتبر جهات سياسية أخرى أن تلك المقايضة ساقطة أساساً. ففي حال التوافق عليها، وجاء وقت ترجمتها، فإن حاجتها إلى الإحالة إلى لمجلس النيابي ليصوت عليها، تجعل التيار العوني غير قادر على التصويت لصالح القانون، لأن ارتداداته الشعبية المسيحية سلبية جداً عليه، بل تشكل ضربة قاسمة له.
لذا لا يمكن الموافقة على هذه الصيغة على نحو علني. وإذا أحيلت إلى المجلس وطرحت على التصويت، وصوت لصالحها حزب الله وحركة أمل وتيار المردة وبعض القوى الأخرى، لن تتوافر الأكثرية اللازمة لإقرار القانون الذي يترجمها.
أما رئيس مجلس القضاء الأعلى فأصبح أمام خيارين: إما أن يفاوض كرئيس لمحكمة التمييز المخولة البت بهذه القرارات، والقرار الأخير للمحكمة محصور في يد القاضي سهيل عبود. وبالتالي يكون أمام تسوية تقتضي التفاوض وتؤدي إلى مشكلة قضائية داخلية ودبلوماسية.
أما الخيار الثاني فهو إحالتها إلى المجلس النيابي. وهنا لن يتمكن التيار العوني من الموافقة على السير بهذا الإجراء.