29 تشرين الثاني 2021.
تتسارع الأحداث وتتوالى الأيام فَتُميط اللثام عن المجهول من الأهداف.
فـ”حزب الله” بات لا يخفي روزنامته وهو يحاول علناً أن يفرض سلطانه،
فإمّا التحقيقات كما يريدها أو لا تحقيقات.
إمّا القضاة والأحكام كما يريدها أو لا قضاء.
إمّا يُجَرَّم المعتدى عليه في غزوة عين الرمّانة أو نُشَرِّع للثأر العشائري.
إمّا يُقبع القاضي البيطار، وربّما رأس القضاء الرئيس سهيل عبّود، أو لا جلسات لمجلس الوزراء.
إمّا تُلغى التحقيقات في المرفأ او لا حكومة.
وليد جنبلاط اختصر بدقّة “المعادلة المطروحة من “حزب الله” كما أسماها: “لقد ربطوا اجتماع الحكومة بنسف التحقيق بانفجار مرفأ بيروت”، يعني الموضوع ليس البيطار ولا غير البيطار، الموضوع نسف التحقيق بالإنفجار.
وفي روزنامة “حزب الله” أيضاً رزمة تحذيرات.
“كل من يعارض فَرَمَانَنا هو عميل أميركي يأتمر من السفارات”.
“من يراهن على تغيير خط سير لبنان من خلال فوزه بالانتخابات النيابية فهو واهم”.
“ولو أخذتم الأكثرية النيابيّة فلن ندعكم تحكمون، فقد توافق أبناء هذا الوطن على تسوية سياسيّة قوامها الديموقراطية التوافقية”. وبالعربي المشبرح نحن الحاكمون. يا بتمشوا بالمنيح يا بتمشوا بفائض القوة.
يعني منطق منطقي، دستوري، ميثاقي، تعايشي، ديموقراطي سلمي لا غبار عليه.
كل ما سبق أقلّ هَولاً من الصمت المطبق لأبي الهول. إنّه صمت أهل الكهف.
فأين رئيس الجمهورية القوي والعهد القوي وكتلة “لبنان القوي”؟ إنّهم كـ”حزب الله”، أزالوا “ورقة التوت” عن الأهداف. فخلال الأسبوع المنصرم إستمعنا الى الكلمة الرئاسية في عيد الاستقلال، وقبلها قرأنا المقابلة الصحافية الرئاسيّة في جريدة “الأخبار” وما بينهما، ومن ثُمّ البيان الأخير للهيئة السياسيّة للتيّار الوطني الحرّ، فما رأينا إشارة واحدة تعليقاً على ما يفعله “حزب الله”، بل جُلّ ما قاله فخامته والتيّار متمحور حول هَوَسِ أوحد، التوريث او التمديد. وأفظع ما يُمكن أن يُرتَكَب هي “المقايضة” الخطيئة الكبرى التي يُقال أنّها ستحصل بين التيّار الحرّ والثنائي الشيعي. التيّار يقبع البيطار، الثنائي الشيعي يلغي حق المنتشرين بانتخاب الـ 128 نائباً ويحصرهم بستة نواب في الخارج. يعني إقصاء ربع مليون لبناني عبّروا عن تَوقٍهم للمشاركة في تقرير مصير وطنهم.
هذا أمر لم يحصل في تاريخ البشرية.
والأكثر إثارة للعجب ان يكون لدى النائب جبران باسيل بعد الجرأة السياسيّة للصعود الى جبال كسروان وصخور كفردبيان ليقول من ضمن ما قاله:
“انّ بعضهم منزعج من العهد القوي والرئيس القوي والتيّار القوي، لأنّهم يحبّون الضعيف!!!
نحن تيّار استقلالي وضحّينا كثيراً للحصول على الاستقلال!!!
ومشكلتهم مع ميشال عون أنّ الكرامة ظلّت الأهمّ لديه!!!”
وسرد كلمات وكلمات عن الـ”ما خلونا”، ليكرّر المكرّر عن مسؤولية الثلاثين سنة الماضية وعجز العهد عن الإنجاز وكأنّ العهد لم يتحالف مع هؤلاء للوصول الى قصر بعبدا، وكأنّه لم يجدّد لحاكم مصرف لبنان بالإجماع.
أمّا أروع ما قاله النائب باسيل: “اذا كان هناك احتلال إيراني للبنان فسيكون التيّار أوّل من سيواجهه عندما سيركع امامه الآخرون”.
باختصار سعادة النائب، نحن نحبّ الرئيس القوي الذي يَقوى الوطن والشعب به. فالقوة نريدها إنقاذيّة لا تدميريّة. والكرامة إذا لم تترافق مع العيش الكريم فهي تصبح إذلالاً للناس. أمّا أنّكم ضَحّيتم للاستقلال وستواجهون الاحتلال الايراني وحدكم عندما سيركع امامه الآخرون، فإنّنا لن نعلّق احتراماً لمشاعر كثيرين آمنوا بكم سابقاً أنّكم قادرون على المواجهة فخُذلوا.
أمّا الحكومة رئيساً ووزراء كشاهد “ما شفش حاجة”. فالدولار يحلّق بلا سقف، والشعب اللبناني أضحى بلا “سقف” يقيه الذلّة والمذلّة، وبات يتحسّر على ماضٍ قريب كانت غالبيته الساحقة من الطبقة الوسطى المتمتعة بالحد الأدنى من مقومات العيش بكرامة. في الدول التي تحترم نفسها تفعل الرئاسات والحكومات والسلطات المستحيل لتحرّر رهينة من مواطنيها. في لبنان، هي الدولة والحكومة والسلطة وحُماتها وعرّابوها يأخذون شعباً بكامله رهينة لطموحاتٍ وأوهامٍ شخصيّة وحسابات توريثيّة ومفاوضات نوويّة وهيمنة إقليميّة لا تُشبه تاريخ لبنان وحاضره بشيء.
لبنان مخطوف، من يفكّ أسره؟
فخامة الرئيس، دولة الرئيس، معالي الوزراء،
التاريخ يذكر جورج واشنطن وديغول وغاندي ومانديلا…
ويذكر بيتان وهتلر وهولاكو وجنكيزخان…
هل تتعظون؟
على كلٍّ لم تعد تنفع مطالبتنا لكم بالدفاع عن شعبكم لكي يستعيد سيادته واستقلاله وكرامته وماله وحقوقه وعلاقاته وازدهاره ودوره.
أما قال السيّد المسيح:
“انّهم من ثمارهم تعرفونهم؟
أيُجتَنى من الشوك عنب،
أو من العوسج تين؟”.