مصدر مُواكِب للانتفاضة: التلويح باستعمال القوّة هو دليل ضعف
مصدر واسع الاطّلاع: السلاح غير الشرعي يشلّ حظوظ كل شيء
أنطون الفتى – وكالة “أخبار اليوم”
جيّد أن تنطلق الاحتجاجات الشعبية مجدّداً، رغم أنها تأخّرت كثيراً، ولكن من المهمّ جدّاً لها أن تبلغ سنّ الرّشد.
فقطع الطريق هنا، والأوتوستراد، و”القادومية” أو “الزّاروب”، هناك، ما عاد قادراً على إحداث الفارق المطلوب. كما أن عناوين “فقّرونا”، و”جوّعونا”، و”موّتونا”، و”هجّرونا من البلد”، لم تَعُد أكثر من شعارات تزيد من “تَمْسَحَة” “حكّام الأزمة”، والأزمة معاً.
قرارات دولية
بكلام أكثر وضوحاً، لا بدّ من الاعتراف بأن العناوين الشعبية الجاذبة لانتباه المجتمع الدولي، هي تلك القادرة على إحداث تغيير جيو – سياسي في المنطقة، بمعيّة العمل على الملف اللبناني.
لا كلام صريحاً وواضحاً، أكثر من ذاك الذي يُنادي بالحقيقة، وهو أننا افتقرنا، وجعنا، ونمضي في دروب المرض والموت حالياً، بسبب السلاح غير الشرعي الموجود في البلد، وعَدَم تطبيق القرارات الدولية المتعلّقة بنزعه. والحقيقة الأكبر هي أن لا مجال لعَيْش فعلي من جديد، حتى ولو اتّفق العالم مع إيران في فيينا، إلا إذا طُبِّقَت القرارات الدولية تلك، وحدث التغيير النّاتج عنها، مهما طال الزّمن.
نفاقياً
وانطلاقاً ممّا سبق، ما عادت الحاجة الى التجمُّع على هذا الأوتوستراد، ولا في تلك المنطقة، بل هلمّوا نحمل كل شيء الى ساحة الشهداء، بتحرّكات أسبوعية، من الآن ولغاية موعد الإنتخابات النيابية القادمة، وذلك بعيداً من القوى “الشارعية” التي لم تنخرط بانتفاضة 17 تشرين الأول 2019 إلا نفاقياً، وبهدف زيادة السّطوة “المُمانِعَة” على البلد، سواء عبر المناداة بتغيير مُلتبس للنّظام، أو ببعض العناوين الإصلاحية الفارغة، التي لا يُمكن تحقيقها طالما استمرّت سيطرة السلاح غير الشرعي على البلد.
إجماع
تذكّروا ما حصل خلال الفترة التي سبقت إخراج الاحتلال السوري من لبنان، عندما تحوّلت ساحة الشهداء الى ساحة وطنية أسبوعيّة، لمكوّنات لبنانية عدّة، ومن خارج مكوّن طائفي وسياسي كامل موجود في البلد.
فاللبنانيون تمكّنوا من جذب انتباه العالم إليهم في عام 2005، وذلك رغم انعدام توفُّر الإجماع الداخلي الكامل على انسحاب الجيش السوري من لبنان، في ذلك الوقت.
ساحة الشهداء
أعيدوا الكرّة اليوم، لمواجهة الإحتلال الإيراني. واجعلوا ساحة الشهداء، ساحة واحدة وموحّدة تحت هذا المطلب، بعيداً من العناوين والقوى الفارغة، التي تُثقل كاهل الانتفاضة والإنقاذ ببعض الشعبويات، أو ببعض الشعارات “المُمَانِعَة” المستترة. وبخلاف ذلك، لا إمكانية لاستعادة المال، والصحة، والغذاء، والكهرباء،… في شكل مُستدام، وبعيداً من أي تسويات خارجية تؤسّس لخضّات جديدة في لبنان، بعد 10 أو 15 عاماً، ربما. وطريق الوصول الى ذلك هو تطبيق القرارات الدولية، وإخراج السلاح غير الشرعي من البلد.
داخلي
لفت مصدر مُواكِب لتطوّر انتفاضة 17 تشرين الأول الى أن “الوجع المعيشي بات كبيراً جدّاً، وسط صورة سوداوية، قوامها أن لا بروز سريعاً لقوى مُعارِضَة، تُمسِك الشارع بعناوين واضحة”.
ورأى في حديث لوكالة “أخبار اليوم” أنه “قد لا ترغب دول الخارج بالحديث عن السلاح غير الشرعي، لكونها مستعدّة لإبرام اتّفاق مع إيران في فيينا. وبما أننا لا نشكّل فارقاً في لعبة الأمم، فإنه يتوجّب إبقاء توقّعاتنا محصورة بإحداث تغيير بواسطة مجهودنا الداخلي”.
تهديد
ورأى المصدر أن “ضبط الحدود، ووقف التهريب، هما من الأمور الصّعبة حتى بين أكبر دول العالم، التي تتمتّع بحدود مشتركة في ما بينها. ولذلك، قد لا يهتمّ العالم بما يحصل على حدودنا، كما يظهر أحياناً”.
وختم:”في أي حال، تلويح فريق السلاح المُسَيْطِر على البلد باستعمال القوّة، هو دليل ضعف، وتخبُّط. فالسلطات في يدهم، ولو كانوا أقوياء كما يُظهِرون، لما كانوا بحاجة الى رفع الصّوت، والتهديد”.
تبسيطية
وفي الإطار عينه، شدّد مصدر واسع الإطلاع على أن “الحديث عن أن دول الخارج لا ترغب بالحديث عن السلاح غير الشرعي، وعن التهريب، وضبط حدود لبنان، نظراً الى ما يُمكن أن تتّفق عليه مع إيران في فيينا، هو قراءة تبسيطية للواقع”.
وشرح في حديث لوكالة “أخبار اليوم” أن “التهريب الحاصل على حدود بعض البلدان الأوروبية، أو حتى الى داخل الولايات المتحدة الأميركية نفسها، لا يرتبط بمشروع عقائدي، كذاك الإيراني الذي يسيطر على الحدود الممتدّة من إيران الى البحر المتوسّط. فضلاً عن أن السلاح غير الشرعي في لبنان، يشلّ حظوظ كل شيء، وهو قادر على تغيير مجرى الأحداث بما يتعارض مع السياسة الدولية. وهذه معادلة لا يُهملها المجتمع الدولي”.
وختم:”إذا توافقت معظم المكوّنات اللبنانية على تحقيق شيء معيّن، فإن سطوة السلاح غير الشرعي قادرة على تعطيله، حتى ولو كان ضرورياً للإسراع في الخروج من حال الفقر. وبالتالي، لا يُمكن لأي انتفاضة أن تنجح، إلا إذا نجحت في تحرير لبنان ممّا يربطه بالمشروع الإيراني. وهذا هو العنوان الأساسي الذي يجب أن يحرّك ثوّار لبنان في الشارع، ولا شيء سواه”.