نشرت وكالة “سبوتنيك” تقريراً تحت عنوان: “مع استمرار الأزمات الاقتصادية والسياسية… هل ينقذ الحوار الوطني لبنان؟”، وجاء فيه:
في ظل استمرار الأزمة السياسية والاقتصادية في لبنان على المستوى الداخلي والخارجي، بدأ الرئيس ميشال عون في بحث إمكانية عقد مؤتمر للحوار الوطني بين القوى السياسية الفاعلة.
وقالت وسائل إعلام لبنانية محلية إن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون خلال لقائه رئيس مجلس الوزراء العراقي الأسبق إياد علاوي، قدم مقترحات متعلقة بعقد مؤتمر للحوار الوطني في لبنان، ومؤتمر آخر لرسم مستقبل دول المشرق العربي.
وفي الوقت الذي وجد فيه مراقبون عدم نجاح مثل هذه المؤتمرات، لا سيما وأنه سبق وأن دعا الرئيس لحوارات مشابهة لم تأت بنتيجة، يرى آخرون أن الدعوة موضوعية ومنطقة وأن لبنان في حاجة لها الآن.
حوار وطني وأزمات لبنان
وقال علاوي إن اللقاء تناول كلامًا إيجابيًا في ما يتعلق بوحدة الصحف والدعوة إلى حوار وطني في لبنان، لوقف تداعيات ما يجري.
وأكد أنه تحدث مع الرئيس في عقد مؤتمر للمشرق العربي، وهو عبارة عن مؤتمرات متعددة لدول الخليج والمغرب العربي يليها مؤتمر موسع على مستوى المنطقة، لرسم خريطة طريق للمنطقة في المستقبل.
وقبل يومين، قال الرئيس اللبناني، ميشال عون، إن الأزمة مع المملكة العربية السعودية وعدد من دول الخليج أدت إلى اهتزاز العلاقات بينها وبين لبنان، وإلى تداعيات سلبية على عدة صعد بما فيها الواقع الحكومي.
وأضاف: “أعود وأؤكد على موقف لبنان الحريص على إقامة أفضل العلاقات مع الدول العربية الشقيقة لا سيما منها دول الخليج، انطلاقاً من ضرورة الفصل بين مواقف الدولة اللبنانية وبين ما يمكن أن يصدر عن أفراد وجماعات خصوصاً وأن مقتضيات النظام الديمقراطي في لبنان تضمن حرية الرأي والتعبير”.
دعوات لم تنجح
بدوره أكد أسامة وهبي، الناشط المدني اللبناني، أنه سبق لرئيس البرلمان نبيه بري عام 2006 أن دعا للحوار بين كل القوى السياسية التي تشكل هذه المنظومة ولم يأت بأي نتيجة، وسبق لرئيس الجمهورية السابق أن دعا لحوار وتوصل إلى ما سمي بإعلان بعبدا الذي دعا إلى تحييد لبنان والنأي بالنفس عن مشاكل المنطقة خاصة الدول العربية، ووقع حزب الله على هذا الإعلان ممثلا في رئيس كتلة حزب الله النيابية محمد رعد، وبعد ذلك أعلن حزب الله أن الإعلان ولد ميتا ولم يلتزم به، وبقيت المشاكل السياسية والأزمات تتلاحق.
وبحسب حديثه لـ “سبوتنيك”، أشار وهبي إلى أن الرئيس عون دعا للحوار أكثر من مرة ولم يأت بأي نتيجة، لأن المعضلة السياسية في لبنان أبعد بكثير من هذه اللقاءات والحوارات التي تجمع قوى سياسية لا تمتلك الإرادة والقوة والعزيمة على التغيير في لبنان، فهي منظومة مصالح لديها علاقات مصلحية في الدولة وفي السياسة والاقتصاد، بالتالي هذه المنظومة أثبتت فشلها وهي عاجزة عن إحداث أي خرق في هذه الأزمة.
وتابع: “الآن الأزمة مع الدول العربية والخليج تحتاج إلى بحث في العمق، لا سيما مع السعودية وإلزام حزب الله بالابتعاد عن التدخل في شؤون الدول العربية وخاصة اليمن”.
واستطرد قائلًا: “حزب الله في لبنان هو الأقوى ويتحكم في مفاصل الدولة، وكل القوى السياسية المشاركة في هذه المنظومة عاجزة عن إملاء أي قرار أو تصرف يلزم حزب الله بالابتعاد عن هذه الصراعات”.
طرح موضوعي
في السياق قال ميخائيل عوض، المحلل السياسي اللبناني، أن الحوار الوطني الذي جاء خلال لقاء الرئيس بإياد علاوي، طرح على شكلين، الأول مؤتمر للحوار الوطني اللبناني، والثاني مؤتمر للتفاعل بين دول المشرق العربي لرسم خريطة المستقبل.
وبحسب حديثه لـ “سبوتنيك”، فقد رأى عوض أنه أمر صدور دعوة لعقد حوار وطني عن رئيس الجمهورية، يعتبرُ مؤشراً جدياً وهاماً، وربما نضجت الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية بعد سلسلة الإخفاقات السياسية وعدم الذهاب إلى حكومة فاعلة قادرة على الإحاطة بالأزمة ودخول مجلس الوزراء مرحلة عدم انعقاد الجلسات.
وتابع: “الوضع في القطاع الوظيفي العام بات معطلا وفي حالة إضراب بسبب عدم قدرة العاملين على تغطية نفقات التنقل ومستلزمات العمل ناهيك عن تغطية النفقات والحاجات الضرورية الحياتية للأسر، وهذا يضع البلاد على شفير الهاوية والدولة على شفير الانهيار”.
ويرى عوض أن من بين المخارج المعقولة والمنطقية للأزمة عقد مؤتمر وطني يجمع القوى ذات الفاعلية الحقيقية والوطنية وصاحبة المصلحة في الإحاطة بالأزمة ومعالجتها.
وتابع: “سنرتقب مواقف القوى السياسية من المؤتمر عندما يطرحه الرئيس بشكل رسمي، إلا أن الطرح يلامس الحاجات الموضوعية؛ فالبلاد لم تعد قادرة على الاستمرار ما لم يثار صياغة عقد وطني جديد وتعديل جوهري في بنية النظام الذي أفلس”.
واندلعت الأزمة الدبلوماسية بين لبنان ودول الخليج بعد نشر مقابلة متلفزة جرى تسجيلها مع جورج قرداحي قبل توليه مهام منصبه وزيرا للإعلام في لبنان، اعتبر فيها أن جماعة أنصار الله اليمنية “تدافع عن نفسها في وجه اعتداء خارجي على اليمن منذ سنوات”، وما فاقم الأزمة أكثر، هو رفض قرداحي الاعتذار.
وأعلنت بعدها السعودية استدعاء سفيرها لدى بيروت، وإمهال السفير اللبناني في المملكة 48 ساعة لمغادرة البلاد، ولحقت بها في هذا القرار الكويت والإمارات والبحرين، كما أعلنت المملكة، وقف دخول الواردات اللبنانية إلى أراضيها.