سفير الشمال-مرسال الترس
إذا كان اللبنانيون يختلفون على تقويم آداء ساستهم ومسؤوليهم إن في الموالاة أو في المعارضة وكلٌ من وجهة نظره، فإنهم وفق العديد من المراقبين والمتابعين يتفقون على أن معظم مسؤوليهم قاصرين عن إتخاذ قرارات مفصلية (يُفترض أن تكون وطنية وسيادية بامتياز) بدون العودة إلى وصي خارجي غالباً ما يكون مرتبطاً باستراتيجية إقليمية أو دولية لا تصب مطلقاً في الصالح اللبناني، وذلك نتيجة إرتباط معظم المكونات اللبنانية منذ ما قبل الاستقلال بمظلة خارجية لحماية وجودها، لإعتقادها أنها أقليات وأنها مهددة في منطقة تتخبط في صراعاتها الطائفية والمذهبية، وفق ما رسم خارطة طريقها ذلك المجهول المؤثر جداً في حياة الشعوب الشرق أوسطية!
قد يرى البعض في هذه الرؤية تحاملاً على السياسيين والمسؤولين في لبنان، ولكن الوقائع تثبت صحتها وفق المعطيات التالية:
بغض النظر عن النتائج التي سيتوصل اليها القضاء اللبناني في قضية التفجير المدمر لمرفأ بيروت، فلماذا لم يستطع المسؤولون حتى اليوم، وبالرغم من مرور خمسة عشر شهراً على التفجير المشؤوم، أن يتخذوا قراراً واضحاً بإعادة إعمار المرفأ مع العلم ان العديد من الجهات الدولية قد أبدت الاستعداد التام لإعادة إعمار ذاك المرفق الهام بدون تحميل الدولة تبعات مالية ضخمة. وبذلك، أليس هم بإنتظار كلمة مرور من خارج الحدود لإتخاذ ما يناسب اصحابه قبل أن يلائم المصلحة الوطنية اللبنانية؟
وبغض النظر عن عشرات المليارات التي تم تبديدها على قطاع الكهرباء في لبنان، فلماذا لم يستطع المسؤولون حتى اليوم إتخاذ القرار الأنسب لإعادة الروح إلى هذا المرفق العام الضروري جداً في حياة إنسان القرن الحادي والعشرين، في وقت أبدت فيه مؤسسات ودول عدة بالمساهمة في تأمين الطاقة للمواطنين بأقل كلفة ممكنة. وبذلك، أليس هم بإنتظار إشارات محددة من ذاك الخارج لإعلان ما هو الأنسب لمصالحه؟
والأمر نفسه ينطبق على النفايات وقطاعات عديدة باتت عبئاً على المواطنين بدل أن تكون سنداً لهم.
الأحد الفائت كان البطريرك الماروني بشارة الراعي قاسياً جداً، والبعض قال مصيباً جداً بحق المسؤولين والسياسيين عندما قال: “عيد الإستقلال الثامن والسبعين يوجه الدعوة إياها للشعب اللبناني، وللمسؤولين السياسيين، وللذين ما زال ولاؤهم لغير الوطن”.
وتابع: “إن الإستقلال يشكو اليوم من وجود لبنانيين غير مستقلين. واللبنانيون يشكون من وجود مسؤولين وقادة وأحزاب غير استقلاليين”!
والسؤال الذي يقض مضاجع اللبنانيين هو: هل هناك من تاريخ لاستقلال حقيقي وسيادي يؤدّي إلى قرار وطني صِرف؟..