تقرير اليونيسيف عن أطفال لبنان: تأثير الأزمة عليهم يشتدّ…
سفير الشمال-عبد الكافي الصمد
دقّت ممثلة منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة، أو ما تُعرف إختصاراً باسم منظمة “اليونيسف”، في لبنان، يوكي موكو، جرس الإنذار، بعد كشفها عن نتائج الإستطلاع الذي حمل عنوان “البقاء على قيد الحياة من دون أساسيّات العيش: تفاقم تأثيرات الأزمة اللبنانية على الأطفال”، والذي يأتي وسط معدلات تضخم هائلة، وتزايد الفقر، وندرة توافر الوظائف، موضحة أنّ “تأثير الأزمة على الأطفال يشتدّ وبشكل تدريجي، بحسب ما تظهر أرقام تقرير “اليونيسيف”، والذي استند إلى تقويمَين سريعَين ركّزا على الأطفال، وأُجرِيا في نيسان 2021 ثم في تشرين الأول 2021 مع الأسر نفسها”.
وحذّرت موكو من أنّه “يُفترض أن يُشكّل حجم الأزمة وعمقها جرس إنذار للجميع ليستفيقوا الآن”، معتبرةً أنّ “هناك حاجة ماسّة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لضمان عدم تضوّر أي طفل جوعاً، أو إصابته بالمرض، أو اضطراره إلى العمل بدل تلقّيه التعليم”.
الأرقام التي كشفها الإستطلاع مخيفة جدّاً، وتوضح حجم الإنهيار الذي وصل إليه لبنان من تدهور على مختلف الصّعد، وخصوصاً الأساسية منها، وأنّ هذا البلد الذي كان قبل الحرب الأهلية 1975 ـ 1990 يُوصف بأنّه “سويسرا الشّرق”، أضحى دولة فاشلة بكل معنى الكلمة، وأنّ الوضع الحالي الذي يعيشه أبناؤه صعبة جدّاً، وأنّ الأيّام المقبلة تحمل في طيّاتها المزيد من الصعوبات، بسبب غياب أيّ بارقة أمل بالخروج من المأزق في المستقبل القريب.
ورسم الإستطلاع مستقبلاً قاتماً لأطفال لبنان، بشكل جعل مستقبل هؤلاء لا يختلف في السوداوية عن مستقبل الأطفال في الدول التي تعاني من حروب، مثل العراق وسوريا واليمن وليبيا، فضلاً عن أطفال فلسطين بطبيعة الحال، مع فارق أن الأطفال في الدول المذكورة يعانون من حروب دائرة في بلادهم، بينما أطفال لبنان يعانون من أزمة إقتصادية ومالية ومعيشية خانقة، إتضح من حجم تأثيراتها أنّها لا تقلّ بشاعة وتداعيات سلبية على المجتمع من الحروب العسكرية.
فقد كشف الإستطلاع أنّ “ما يزيد على 8 مواطنين لبنانيّين من كلّ 10 أشخاص باتوا يعيشون في فقر، وأنّ 34 % منهم واقعون في فقر مدقع”، مشيراً إلى أنّ “40% من الأسر اللبنانية إضطرت إلى بيع الأدوات المنزلية والأثاث، وكان على 7 من كلّ 10 أسر شراء الطعام عبر مراكمة الفواتير غير المدفوعة، أو عبر الإقتراض المباشر لشراء الطعام، مقارنة بنسبة 6 من كلّ 10 أسر في شهر نيسان 2021”.
ولفت الإستطلاع إلى “30 % من الأسر خفّضت نفقات التعليم، بعدما كانت نسبة تلك الأسر 26% في نيسان الماضي، وأن نحو 34 % من الأطفال لم يتلقّوا الرعاية الصحّية التي احتاجوا إليها، بعدما كانت النسبة 28% في نيسان الماضي، وأنّ زهاء 12 % من الاسر أرسلت أطفالها إلى العمل في أيلول الماضي، مقارنة بنحو 9% في نيسان الفائت”.
أكثر من ذلك، فقد أظهر الإستطلاع أنّ أكثر من 45 % من الأسر عجزت عن الحصول على مياه الشرب الكافية مرّة على الأقل في الأيّام الثلاثين التي سبقت إجراء الإستطلاع، مقارنة بأقلّ من 20% في نيسان الماضي، كما افتقر 35% من هؤلاء إلى مياه الشّرب الآمنة بسبب ارتفاع تكلفتها، بعدما كانت نسبة الأسر 28% في نيسان الماضي”.
غير أنّ هذا الواقع المأساوي لا يتوقّف عند هذا الحدّ، فقد أوضح الإستطلاع أنّه “يعيش 9 من كلّ 10 سوريّين في فقر مدقع”، ما يعني أنّهم يشاركون اللبنانيين في واقعٍ مؤلم، وأنّ مستقبلا قاتماً ينتظرهم في السّنوات المقبلة، ما لم تظهر أيّ مبادرة محلية أو دولية للخروج من هذه الأزمة، التي لا يبدو أنّها موجودة، وأنّ تجاهلاً لبنانياً وعالمياً يسود مختلف الأوساط تجاهها.