كما كان متوقعا، لم تنسحب «الايجابية الشكلية»التي تركها اجتماع رؤساء الجمهورية والحكومة ومجلس النواب في بعبدا بعيد احياء ذكرى الاستقلال ، والتي وضعت حدا لما يشبه القطيعة بين الرئاستين الاولى والثانية الى مضمون النقاشات، اذ عادت بعد ساعات على اللقاء السلبية لتطغى على المشهد العام بغياب حلول عملية للازمة السياسية-القضائية- الديبلوماسية التي ترزح تحتها البلاد.
وقالت مصادر سياسية مطلعة على الحراك الحاصل على خط بعبدا- السراي-عين التينة انه رغم الايجابية والانفتاح اللذين تعبّر عنهما الرئاسات الـ٣، الا انه عمليا لا شيء ملموسا على مستوى الحلول، لافتة في تصريح لـ»الديار» الى ان الامور لا تزال متوقفة في المربع الاول، ولا يمكن الحديث عن اي تقدّم حصل رغم الاجواء الايجابية التي حاول رئيس الحكومة اشاعتها الاسبوع الماضي. واعتبرت المصادر انه بات شبه محسوم ان ميقاتي لن يدعو لجلسة حكومية هذا الاسبوع، بعدما بات الجميع على يقين ان الازمة تجاوزت الحدود اللبنانية، وباتت مرتبطة بتطورات اقليمية ودولية.
٣ محطات اساسية
وتتجه الانظار بشكل اساسي الى ٣ محطات، اولها اجتماع فيينا المرتقب في ٢٩ من الشهر الجاري لاطلاق المفاوضات بشأن برنامج ايران النووي مجددا، حيث يربط كثيرون بين اي خرق او تقدّم يُسجّل هناك ، وبين امكانية ان ينعكس ذلك انفراجا على صعيد الازمة في لبنان. وتشير المصادر الى ان المحطة الثانية هي الزيارة المرتقبة لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون نهاية الاسبوع الحالي الى قطر بالتزامن مع زيارة ميقاتي الى الفاتيكان، بحيث سيسعى الرئيسان للاستحصال على دعم دولي لوقف المسار الانحداري. اما المحطة الثالثة، فتكمن بالجولة التي يفترض ان يقوم بها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى دول الخليج وبخاصة السعودية وقطر، حيث سيفتح الملف اللبناني على مصراعيه.
وتقول المصادر: «ماكرون سيقوم بوساطة لرأب الصدع او اقله وقف التصعيد السعودي وتلقائيا الخليجي بوجه لبنان، وان كان يدرك تماما ان حظوظ وساطته شبه معدومة باعتبار ان الاشارات التي تصله منذ فترة من الرياض بخصوص لبنان غير مشجعة». وتوضح المصادر ان «ما سيحاول الرئيس الفرنسي اقناع المسؤولين السعوديين به هو ان سياستهم بات لها مفعول عكسي، باعتبار انها باتت ترمي لبنان اكثر فأكثر في الحضن الايراني، ما يوجب سريعا اعادة النظر فيها».
مصير ١٦٠ الف عائلة بيد البرلمان!
وبدل انكباب المؤسسات والاجهزة المعنية على محاولة سد الفراغ السياسي المتمادي نتيجة توقف جلسات الحكومة ربطا بملف انفجار مرفأ بيروت، من خلال محاولة التخفيف عن كاهل الاكثر فقرا وعوزا ، بعدما تجاوز سعر صرف الدولار عتبة الـ٢٣٥٠٠ ليرة لبنانية، لا تزال البطاقة التمويلية مثلا اسيرة مجلس النواب. وفي هذا الاطار، قالت مصادر وزارية لـ»الديار» ان «الموضوع متوقف لدى المجلس النيابي المفترض ان يسير بتعديلات بسيطة، لكنها ضرورية يطلبها البنك الدولي للقانون الذي اقره بشأن إبرام إتفاقية قرض مع البنك الدولي لدعم شبكة الأمان الإجتماعي». واضافت المصادر: «لوجستيا كل شيء جاهز وبخاصة منصة التسجيل، فمتى سار المجلس النيابي بالتعديلات فعملية التسجيل لبرنامجي شبكة الامان والبطاقة الاجتماعية تنطلق خلال ٣ ايام». واوضحت المصادر ان «التمويل المتوفر اليوم هو لشبكة الامان لا البطاقة التمويلية اي يلحظ 160 الف عائلة من الاكثر فقرا، لكن الايجابي بالموضوع ان البنك الدولي والجهات المانحة ابلغوا المسؤولين بوجوب الانطلاق باغاثة العائلات الـ١٦٠ الفا من خلال قرض الـ ٢٦٤ مليونا، واذا ما تبين ان توزيع الاموال يحصل بشفافية ودون تنفيعات انتخابية فعندها يتم تأمين تمويل البطاقة التمويلية التي يفترض ان تستفيد منها ٥٠٠ الف عائلة اخرى».
وفي هذا الاطار، لفتت يوم امس تغريدة رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي»وليد جنبلاط الذي سأل: «اين اصبحت البطاقة التمويلية ولماذا يتم التعتيم عليها او التنصل منها»؟
من جهته، وبعد اجتماع لجنة المال والموازنة النيابية، قال رئيسها النائب إبراهيم كنعان: «البطاقة التمويلية أقرّها مجلس النواب، والتمويل المطلوب لها مسؤولية الحكومة، ويجب حسم هذه المسألة في أسرع وقت، فتفضّلوا أمّنوا التمويل، ولتجتمع الحكومة ولتتخذ القرارات المصيرية المطلوبة منها»، مشيرًا إلى أن «هذه البطاقة تحتاج إلى قرار وتمويل، وهناك مفاوضات مع صندوق النقد الدولي». وأعلن انه بصدد التوجه بسؤال الى الحكومة يُحوّل الى استجواب بشأن «سعر الصرف الذي ما زال 3900»، وقال: «ليس قرارانا، بل قرار الحكومة ووزير المال يوسف خليل، وإن لم يكن هناك تعاط ايجابي مع هذه المسألة، سأطلب جلسة مساءلة للحكومة، من رئيس مجلس النواب نبيه بري».
ميقاتي يرضخ امام الامر الواقع
ويبدو ان رئيس الحكومة رضخ للامر الواقع لجهة عدم امكانية الدعوة لانعقاد الحكومة قبل حل مسألة القاضي طارق البيطار في ظل اصرار «الثنائي الشيعي» على كف يده. وبحسب معلومات «الديار» سيُفعّل ميقاتي عمل اللجان والعمل الوزاري ككل من خارج اجتماعات مجلس الوزراء، ولهذا الغرض عقد اجتماعا مع المعنيين بخصوص المطار، واجتماعا آخر ضمه الى نائب رئيس مجلس الوزراء سعاده الشامي، وزير المال يوسف خليل، وزير الطاقة وليد فياض، النائب نقولا نحاس، المدير الاقليمي لدائرة الشرق الاوسط في البنك الدولي ساروج كومار جاه، والمدير العام لمؤسسة كهرباء لبنان كمال حايك. وقال فياض بعد اللقاء: «تم البحث في عدد من ملفات قطاع الكهرباء ومنها: استجرار الطاقة والغاز، التجديد لعقود التوزيع وزيادة التعرفة الضرورية لتغطية الكلفة او جزء منها، وضرورة مؤازرة كل هذه الأعمال من قبل وزارة المال والبنك المركزي بالنسبة الى المواضيع التي تتعلق بالمالية، سواء لجهة التحويل من الليرة الى الدولار، أو طريقة الدفع للمشغّلين ولموزّعي الخدمات ولمشغلي المحطات». وأضاف: «كما تطرقنا الى موضوع مؤازرة كافة المعنيين في ما يتعلق بنزع التعديات وملاحقة الجهات التي تمتنع عن الدفع، اضافة الى مؤازرتنا من قبل القضاء».