مجلة تحليلات العصر الدولية – اسماعيل النجار
ترتبط الولايات المتحدة الأميركية بعلاقات دبلوماسية رسمية إتخذت طابع التمثيل الدبلوماسي الرفيع مع لبنان، منذ العام 1952، حيث رفعت واشنطن من منسوب مستوَىَ التمثيل الدبلوماسي، من رتبة ممثل إلى رتبة سفير.
وتطورَت العلاقات السياسية بين البلدين، حيث أصبَحَ لبنان واحداََ من أفضل حلفاء أمريكا في الشرق.
بعد انهيار الِاتحاد السوفياتي وهيمنة الولايات المتحدةالأمريكيةعلى العالم، بشكل أُحادي الجانب، ازداد الِاهتمام الأمريكي شيئاََفشيئاََبوطن الأرز، بسبب موقعه الجغرافي الملاصق لفلسطين التاريخية، وبعدما كانت الحرب الأهلية قد هدمت كيان الدولة وخرّبت المؤسسات، بما فيها الجيش.
بعد توحيد صفوف الجيش اللبناني عام 1990 بقيادة العماد إميل لحود ونجاح عمليات الدمج الكبيرة التي أجراها هذا القائد العظيم، أخذَ الجيش اللبناني منحَىً عقائدياً مختلفاً تماماََ عمَّا كانَ عليه في السابق، حيث أصبَحَ يحملُ عقيدةََ قتالية معادية للكيان الصهيوني.
وأكثر المتغيرات التي أزعجت أمريكا هيَ الِاستعداد الكبير لدى هذا الجيش للتصدي للِاعتداءآت الإسرائيلية على لبنان، وجاءت معركة شجرة عديسة لتؤكد المؤكد،وتزيدمن القلق الأمريكي الكبير.
وضعت واشنطن كل ثقلها، لأجل تغيير عقيدة هذا الجيش وإعادته إلى الضفة الغربية من العالم، وإزداد اهتمامها بهذا الأمر، لأن وجود جيش عقائدي معادٍ لإسرائيل، إلى جانب مقاومةقوية وصلبة وبيئة حاضنة، يشكل خطراََ على المشروع الأمريكي الصهيوني، في لبنان والمنطقة.
كثيراََ ما نسمع عن مساعدات عسكرية تُقدمها واشنطن للجيش، ونرىَ صوراََ وفيديوهات للتأكيد على هذا الدعم، لكنَّ مَن يُدَقق، بنوع الدعم وحجمه مقارنةََ بحجم الدعاية الأمريكية، فإنّه يتفاجأ، ولا بُد إلَّا أن يستغرب، بسبب الفارق الكبير بين الأمرين؛ حيث أن تكلفَة الدعاية مالياََ أكبر من قيمة الدعم بكثير،والبروباغاندا الإعلامية التي تصنعها واشنطن تمُر فقط على المتسولين والأغبياء وعلى البسطاء فقط.
فلقدأصبحَ لَدىَ الجيش اللبناني، الذي يفتقر إلى الكثير من المعدات والعتاد، فائض في سيارات الهامر لنقل الجنود، والشاحنات التي تحتاج إلى صيانة أكثر مما تساعد في إنجاز المهام الكبيرة الموكَلَة إليه، بعدما حوَّلَه السياسيون إلى جهاز شرطة وحماية، بعيداََ عن مهامه الأساسية التي أُسِسَ لأجلها.
فهل تستطيع الهامر التصدي للطائرات الإسرائيلية التي تخترق أجواء لبنان وسيادته كل يوم؟
أو هل تستطيع أن تصد خرق الزوارق الحربية الصهيونية لمياهنا الإقليمية في رأس الناقورة؟
بالطبع لا.
إذاََ، فالأمريكيون ليسوا مستعدين لأن يزودوا هذا الجيش بأي نوع من أنواع السلاح الذي يهدد أمن إسرائيل وزوارقها و طائراتها!!
إنما يريده الأمريكيون هو الإبقاء على هذاالجيش،في حالة وهِنٍ وضعيف،لكي يكون واجهة علاقات رسمية، بينهم وبين لبنان، تختبئ خلفه واشنطن، في حال خسرَت نفوذها قادم الأيام نتيجة وقوف حزب الله بوجهها.
بين كل فترة زمنية وأخرىَ، وبشكل غير منظم، تُصدِر سفارة الشيطان الأكبرفي لبنان تقريراََ، تنشر فيه أرقاماََ عن حجم المساعدات التي تقدمها حكومتها للجيش اللبناني.
فبتاريخٍ ليس ببعيد، نشرت السفارة تقريراََ عن العلاقات الدبلوماسية مع لبنان،وقالت فيه أن حجم المساعدات التي قُدِّمَت،بعد إنتهاء حرب ال 2006، بلغت 3،5 مليار دولار كمساعدات عسكرية عَينيَّة ومالية توزعَت بين الجيش وقوى الأمن الداخلي، ولبعض المشاريع التنموية، حسب زعمها، خارج العاصمة السياسية والِاقتصادية بيروت،بهدف تحسين الوضع المعيشي للمواطنين،كما تَدَّعي السفارة في تقريرها.
“من هنا، أصبحَ واجباََ علينا الرد على تبجحات دورثي وفريق نفاقها:
إنَّ نفاق سفارةإبليس وتبجحها،بتقديم الدعم بهذا المبلغ، خلال عقدين، حَتَّمَ علينا الرَدَّ ووصفَ الأمور”بدقَة” حتى لا يبقى الأمر مُنطلياََ على المضللين، من الأغبياء والبسطاء.
خصوصاََ وأن ما تدّعيه، من تقديمها الدعم الكبير،خلال عقدين، لا يساوي ما تقدمه لإسرائيل خلال ستة شهور.
وحتى الآن، لم يخرج صوت واحد متصدياََ، لما تُصَرِّح به واشنطن وسفارتها، بخصوص هذه التقديمات.
3،5 مليار ونصف دولار؟!!
هل تضمَّنَت صواريخ مضادة للطائرات ليتسنَّى للجيش اللبناني ردع الطائرات الإسرائيليةالتي تخترق سماءنا وأجواءنا وتعتدي عليناأوعلى سوريا من أجوائنا؟
(أكيد لا).
هَل شَمَلَ الدعم صواريخ مضادة للزوارق السريعة أو السُفُن لكي تردع البحرية الصهيونية؟ (أكيد لآ).
هَل زَوَّدت الولايات المتحدة الجيش اللبناني بتجهيزات ألكترونية متطورة، للتنصت والتعقّب، في ظل تفشي الإرهاب الذي صنعته أمريكا، بالمشاركة مع السعودية؟
(بالتأكيد لآ).
هل قَدَّمت واشنطن للجيش اللبناني رادارات متطورة، ووسائط دفاع جوي تحمي سماءنا ومِلاحتنا الجوية؟
(أكيد لآ).
إذاََ،ماذاقدمَت واشنطن؟سِوَى الذخيرة الصَدِئَة؟!
وأين هي المشاريع التي حَسَّنَت من المستوى المعيشي للشعب اللبناني خارج مدينة بيروت؟!!
فجامعتها الطبية الأمريكية في بيروت هي مسلخٌ، وليست مستشفى.
وجامعتها الأمريكيةللتدريس لايدخلها إلَّا “أبناء الزوات” وأبناء الرؤساء الممتلئين مادياً و أبناء السلاطين!!!
في الحقيقة،إنّ تقريرالسفارة الأميركية محشوٌّ بالكذب والدعاية والتضليل.
وهم قد برروا الدفعات التي خسروها في لبنان،على الإعلام المأجورلهم، وعلى الزبانيةالسياسيين الذين تنطحوا للتصدي لحزب الله.
فمنها 700 مليون دولار خصصتها واشنطن، لتشويه سمعة السيد حسن نصرالله والمقاومَة في لبنان والمنطقة، وجميعها باءت بالفشل.
أما المبالغ الباقية، فتوزعت على وسائل الإعلام والصحف والمواقع الألكترونية، ومايزيدعن عشرةالآف”يزيدويوضاس”
أسسوا جمعيات، بأسماءخيريةوهمية، كغطاء للقيام بتخريب لبنان…
ولم ينَل الجيش اللبناني إلَّا عضَّة أرنب لا أكثر ولا أقل.
ولو كانت واشنطن جادَّة،بالحفاظ على المؤسسة العسكرية، ودعمها وبقائها على قيد الحياة،فلماذا لا تقدِّم،لوزارتَي الدفاع والداخلية دعماََ مالياََ خالصاََ، لزيادة رواتب الضباط والجنود في هذه الأزمة،لكي يستقروا مالياََ وذهنياََ، ولإبعاد شبح الحاجة والتفكير بترك المؤسسة والسَفَر، لتحسين ظروف معيشتهم!
مئة مليون دولار شهرياََ للمؤسسات العسكرية كافية لأن تحافظ على بقائهم على قيد الحياة؛ولكنَّ هذا حلمٌ مستحيل، لأنَّ واشنطن كاذبة لا تريد الخير للبنان، وهمها الأول والأخير هوَ أمن إسرائيل.
يجب فضح كذبهم وإدعاءآتهم