لماذا تتزاحم القوى الدولية والاقليمية على العراق

الكاتب : علي الربيعي

من السذاجة الاصغاء الى قول من يدعي ان ايران تتدخل في دقائق السياسة العراقية.

حقيقة وجود العراق في موقع جغرافي محسود عليه لا يحتله بلد أخر هو الذي جعله مصدر اهتمام قوى عالمية. العراق بهذا الموقع يمثل عمق إستراتيجي في تثبيت وجود اسرائيل او ازالتها. وبسبب موقعه هذا، تتزاحم عليه القوى العالمية حسب مصالحها. مصلحة أمريكا التي تحكمها المسيحية الانجيلية اليمينية التي تتعامل مع العالم حسب النصوص التوراتية والانجيلية وهو الحفاظ على وجود اسرائيل حتى يتم ايجاد هيكل سليمان المزعوم المدفون تحت بيت المقدس . مصلحة المسيحية اليمينية في ايجاد الهيكل هي عودة السيد المسيح عليه السلام باعتقاداتهم القريبة من اليهودية حسب المصادر التلمودية. ومصلحة بذلك هو استطاعة اليهود المتدينين من دخول بيت المقدس متطهرين بمرورهم عبر الهيكل. ولهذا فإن الدفاع عن اسرائيل هو دفاع عقائدي. اما بالنسبة لإيران، فهي ترى أن العراق هو العمق الاستراتيجي لتحرير فلسطين وبيت المقدس وهذا هدف أسس له وثبته الامام الخميني رحمه الله قبل ازالته لشاه ايران ومضى على نهجه خلفه السيد الخامنئي. هذا الهدف كان السبب الرئيسي لاندلاع حرب قادسية صدام ضد ايران وتمزيق اتفاقية الجزائر التي وقعها مع شاه ايران عام ١٩٧٦ القائد الضرورة صدام حسين. كانت الحرب وجدت لوأد الثورة الايرانية وهي في مهدها، بسبب الشعار الذي رفعه الامام الخميني في تحرير القدس. قادة هذه الحرب نيابة عن امريكا هم عملاءها الثنائي الرئيس صدام حسين وملك الاردن الحسين بن طلال تحت شعار ايقاف تصدير الثورة الايرانية. خرج العراق من هذه الحرب وهو مديون ٣٨٠ مليار دولار. اذ لا زالت أجيال ما بعد الحرب تدفع ديون قادسية سيف العرب التي أكلت نارها ما يقارب ١،٥ مليون شاب من الطرفين، لو زجوا في تحرير فلسطين لمسحوها مسحاً، فضلا الى ما ايتمت القادسية من الاطفال ورملت من النساء.

كان العراق ضحية معتوه وصنيعة سياسية لامريكا. تراجع العراق بعد الحرب اقتصاديا وعلميا العراق ٥٠ سنة الى الوراء. لم يكد العراق يخرج من قادسية القائد الضرورة حتى امرته امريكا وبتشجيع خليجيي من دخول الكويت في خريف ١٩٩٠ لملئ الفراغ السياسي في منطقة الخليج واستقدام امريكا عسكريا بعد سقوط الاتحاد السوفياتي في نهاية ١٩٨٩. وبذلك فرض الحصار على العراق ليعيش شعبه الفقر المدقع تحت حصار دام ١٣ سنة. ايران من جانبها طوت صفحة الحرب مع العراق اذ نزل الرئيس الايراني هاشمي رفسنجاني سرا في مطار بغداد في أيار عام ١٩٩١ وجرى لقاء بينه وبين صدام حسين. قال رفسنجاني لصدام فلتنسَ أنه كانت حرب بيننا لثمان سنوات، اليوم جئت ممثلا عن ايران بأمر من السيد المرشد الخامنئي لاطلع على احتياجات العراق من الغذاء والمال. صدام قال له كلاهما. فكانت ايران تبيع النفط العراقي في الاسواق العالمية سرا وتشتري بثمنه مواد غذائية من مناشئ عالمية وتهربها الى العراق سرا من دون علم الامم المتحدة. ولايفونتي ان اقول ان صدام شوهد لأول مرة تغرق عيناه بالدموع ويقر بالندم امام رفسنجاني.

ايران لا تتدخل في الامور التافهة اليومية في السياسة العراقية. بل تخشى ان يأتي تافه مثل سيف العرب ليشعل حرباً اخرى مع ايران وما اكثر الجهال في الشارع العراقي على قلتهم من الذين يؤيدون الحرب لمجرد لحقد عنصري. ايران وسياستها في العراق مثل ألمانيا التي تسيطر على سياستها الخارجية اوربا وأمريكا خوفا من ظهور هتلر ثاني. العراق بالنسبة لمحور المقاومة الذي تقوده يعد عمقا استراتيجيا في تحرير فلسطين والمانيا تعد اهم قاعدة صناعية متقدمة في وسط المعسكر الاوربي- الامريكي.

صدام حسين وبعثه المجرم استطاع ان يجعل من شعب العراق امة ناكرة للجميل تلهث وراء وعود امريكية وخليجية كاذبة. السعودية مثلا شاركت في تدمير العراق بارسال ٦٠٠٠ انتحاري حصدوا ارواح اضعاف عدد الانتحاريين من الابرياء. ولكن مقابل هذا نتهجم على ايران ونرميها بسبب تأخر العراق مقارنة مع اية دولة جوار، رغم ان امريكا ودول الجوار من العرب تمنع من انشاء اي مشروع استراتيجي يستفيد منه العراقيين. ايران وقفت للعراق وقفة إحسان مشرف لمدة ١٣ عاما حين قبضت ايادي العرب ايديها والعراقي يتلوى جوعا. ووقفت كذلك الى جانب العراق في القضاء على الإرهاب الداعشي وبغداد على مشرفة على السقوط على أيديهم، بعد ان تنصل كل اعراب الجزيرة الاجلاف عن عروبتهم وشرفهم في ايام كانت مظلمة على العراق والعراقيين.

 

Exit mobile version