نون-اللواء
إذا صح الكلام المنسوب لرئيس الجمهورية حول عزمه على البقاء في القصر الجمهوري بعد انتهاء ولايته في حال لم يتم إنتخاب رئيس جديد في المهلة الدستورية، هذا يعني أن لبنان أصبح في اسفل سلّم جمهوريات الموز، حيث لا قيمة للدستور وأحكامه التي تنظم الحياة السياسية، وتحدد الصلاحيات والمسؤوليات بشكل واضح وصريح، حرصاً على الإنتظام العام في البلاد.
من المفترض أن الرئيس عون الحريص على الصلاحيات الدستورية لرئيس الجمهورية، يدرك أكثر من غيره أن إنتهاء الولاية الدستورية لرئيس الجمهورية تُحتم عليه مغادرة مقر الرئاسة الأولى في منتصف ليلة اليوم الأخير، لأنه هو شخصياً تسلم دفة إدارة شؤون البلاد عند إنتهاء ولاية الرئيس أمين الجميل، الذي حرص على تسليم الأمانة للحكومة العسكرية التي تم تشكيلها في الساعات الأخيرة برئاسة العماد عون، الذي كان يشغل منصب قائد الجيش يومذاك، وغادر الرئيس المنتهية ولايته بعبدا قبل حلول الساعة الأولى من اليوم الأول بعد إنتهاء الولاية الدستورية، رغم تعذر إنتخاب الخلف في المهلة التي نص عليها دستور الجمهورية الأولى.
وكان رئيس الاستقلال الأول الشيخ بشارة الخوري قد أقدم على الخطوة نفسها، عندما قرر الإستقالة إثر الإضراب العام الذي إستمر لثلاثة أيام فقط، وكلف قائد الجيش يومذاك اللواء فؤاد شهاب تشكيل حكومة عسكرية لإدارة المرحلة الإنتقالية ريثما يتم إنتخاب الرئيس الجديد.
وفي مرحلة ما بعد الطائف، تكررت إشكالية الفراغ الرئاسي مع الرئيسين أميل لحود وميشال سليمان، وكان أن غادرا القصر الرئاسي في منتصف ليل إنتهاء الولاية الدستورية، حيث كان العماد عون نفسه في طليعة المعارضين لبقاء الرئيس سليمان ساعة واحدة بعد إكتمال فترة الرئاسة الدستورية، حيث بقي الفراغ في رئاسة الجمهورية زهاء ثلاثين شهراً، تعرضت خلالها الدولة لمخاطر التفكك والإنحلال، بسبب إصرار العماد عون وحلفائه على تعطيل الإنتخابات الرئاسية، إلى أن تمت التسوية الملتبسة التي أوصلت مؤسس التيار الوطني الحر إلى بعبدا.
فهل يسمح الرئيس عون لنفسه الخروج على النصوص الدستورية، والتفكير بالبقاء في قصر الرئاسة بعد إنتهاء ولايته مخالفاً بذلك أبسط القواعد الدستورية، رغم كل الإحتمالات بتعريض نفسه للمساءلة القانونية ؟
صدق من قال: عشْ رجباً تَــرَ عجباً!!
01203766656584
155 دقيقة واحدة