“المدن” تحاور بعض الفارين إلى إسبانيا.. مهرّب جديد أنقذهم
لا يُخفي محمد أسباب سعادته في حديثه إلى “المدن” بواسطة السكايب. فهو استطاع الوصول بعد معاناة طويلة. وتمكّن قبل سفره بشهر فقط، أن يسترد معظم أمواله التي دفعها إلى مهرب الفلسطينيين الأشهر في لبنان، والذي كتبت عنه “المدن” تحقيقاً قبل أيام. فبعد أن كاد يفقد الأمل باسترداد أمواله التي دفعها قبل ستة أشهر، استطاع أن يدخل بتسوية تنازل بموجبها عن ربع المبلغ المدفوع واسترد الباقي.
مهرب جديد
لقد توجّه إلى مهرّب آخر برز مؤخراً، ويسكن مدينة صيدا. مباشرة أمّن له هذا المهرّب طريقاً للجوء، بعدما دفع محمد عشرة آلاف دولار عن كل فرد من عائلته، أي 50 ألف دولار كمبلغ إجمالي، بعدما رفض المهرّب تخفيض المبلغ المطلوب لأنه لا يريد “كسر السعر”، حسب محمد.
آثر المهرّب أن تكون الرحلة عبر القاهرة، وليس أديس أبابا كما كانت الرحلة التي توجهت قبل شهر تقريباً، ربما بسبب الحرب في أثيوبيا، أو لعدم لفت الأنظار. لكن النتيجة أن تسعة وثلاثين فلسطينياً من لبنان توجهوا إلى مصر عبر مطار بيروت، من مخيمات ومناطق عدة في لبنان. 20 شخصاً من مخيم شاتيلا، 11 من مخيم برج البراجنة، والباقون من مخيم عين الحلوة ومدينة صيدا. فمهم من عائلات خمس (21 شخصاً) والآخرون فرادى.
القاهرة-كولومبيا
مكثوا حوالى أسبوعين في القاهرة. قلق، توتر، مشادات مع المهرب عبر الهاتف، إلى أن جاءت اللحظة. تهيأوا للسفر، وبعد ساعتين أخبرهم المهرب بالموعد. كان عليهم تجهيز أنفسهم، وتوضيب أغراضهم بأقصى سرعة ممكنة، من دون إحداث فوضى تلفت الانتباه. كانوا على متن الرحلة المتوجهة من مطار القاهرة إلى مطار العاصمة الكولومبية بوغوتا. وهبطت الطائرة بهم في مطار برشلونة.
أعلن الكبار منهم هناك استعصاءهم. رفضوا ركوب الطائرة المغادرة إلى يوغوتا، على أمل أن ينالوا حق اللجوء. خاف الصغار عندما رأوا أفراد الشرطة يقتادون آباءهم إلى غرف التحقيق. أربعة أيام من التحقيق الذي يصفه محمد باللطيف جداً. ومعاملة خاصة للأطفال. ثم وضعوا في فندق، ومنحوا الحق بالتقدم بطلبات اللجوء.
شتات جديد
واختلفت آراؤهم: بعضهم قرر طلب اللجوء في إسبانيا، “فالمعاملة الحسنة من الشرطة الإسبانية دفعت البعض إلى تغيير وجهتهم”، يقول محمد. وبعضهم رغب التوجه إلى بلجيكا، وآخرون إلى ألمانيا، ومنهم اختار هولندا. لم يصبر بعضهم لساعات، فتوجهوا إلى فرنسا، محاولين الوصول ألمانيا أو بلجيكا. قبضت عليهم الشرطة الفرنسية وأعادتهم. لم ييأسوا. سيكررون المحاولة، كما أخبر محمد “المدن”. وهو يقول إنه بدأ اليوم رحلة أخرى، وهي رحلة محاولة سداد ما اقترض من مال.
في المحصلة، هي موجة جديدة من الهجرة الفلسطينية، تسلك من بيروت مسالك مختلفة: أفريقيا، أمريكا اللاتينية، والوجهة النهائية أوروبا. والحكايات تترد في المخيمات عن شبان تقطعت بهم السبل في الإكوادور وتشيلي، أو ينامون بين أشجار غابات بيلاروسيا الموحشة. رغم ذلك، تبقى الهجرة رغبة شبان خُيِّروا بين المغامرة وانعدام الأمل، فاختاروا الأولى.