لا تهدأ موجات سعي آلاف اللبنانيين للهرب من لبنان، بصفة لاجئ. ومن لم تتوفر له فرص الهجرة النظامية، بدأ يفتش عن سبل للهرب برًا أو بحرًا، ولو تطلب الأمر بيع مختلف مقتنياته، بغية تسديد الكلفة لوسطاء ومن يتاجرون بشبكات التهريب غير النظامية باتجاه دول أوروبية.
غير أن شواطئ الشمال في طرابلس وعكار، تشهد منذ أشهر وتيرة عالية للهجرة غير النظامية، التي تسلك طريقها أحيانًا، أو تتمكن وحدات الجيش والقوى الأمنية من توقيفها.
توقيف رحلة
وحسب المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، توافرت معلومات لمفرزة استقصاء الشمال في وحدة الدرك الإقليمي، الجمعة 19 تشرين الثاني، عن قيام مجموعة من الأشخاص يتواجدون في أحد المنتجعات السياحية في القلمون بالاستعداد للسفر بطريقة غير نظامية عن طريق البحر.
وتمّت مداهمة المنتجع من قبل شعبة المعلومات ليل الخميس، وتبين وجود نحو 82 شخصًا بين رجال ونساء وأطفال، كانوا ينوون التوجه إلى أوروبا عن طريق البحر لقاء مبلغ حوالى 5 آلاف دولار أميركي عن كل شخص، وجرى توقيف أحد المتورطين بعملية التهريب، وهو م.م. (31 عامًا)، وفق بيان المديرية.
عشرات الرحلات
وواقع الحال، تشكل هذه الحالة عينة عن عشرات رحلات الهروب غير النظامية من الشمال، وتفيد معلومات “المدن” أن عددًا كبيرًا من الرحلات لا تتمكن القوى الأمنية من توقيفها، وبعضها أيضًا ينطلق من شواطئ الميناء والعريضة والقلمون نهارًا، بدل الليل.
وتنشط شبكات التهريب غير النظامية في عكار على نطاق واسع، وتشير مصادر ميدانية عن توجه عدد من الرحلات في الأسابيع الأخيرة مباشرة إلى شواطئ إيطاليا، من دون التوقف بأي محطة، فيما تمكنت العناصر الأمنية من توقيف بعضها.
ومنذ أكثر من أسبوع، تمكن قارب صغير على متنه نحو 75 مهاجرًا معظمهم لبنانيين مع سوريين وفلسطينيين من الهرب من منطقة العريضة.
وقبله أيضًا، توجهت رحلتان غير نظامية من العريضة إلى أوروبا.
وتفيد المعلومات أن منطقة ببنين ومحيطها تشهد اقبالًا كثيفاً على السعي للهرب بحرًا، وبعض الأفراد قاموا ببيع كافة مقتنيات منازلهم وسياراتهم لهذه الغاية، وخصوصًا أن بعض المهربين الذي يحرصون على سرية عملهم ويتواصلون مع طالبي الهرب عبر وسطاء، أصبحوا يطلبون مبالغ طائلة على الفرد الواحد تتراوح بين 5 و7 آلاف دولار. ويجري دفع المبلغ على جزئين، الأول عند الانطلاق والثاني عند الوصول.
وقبل أسابيع أيضًا، انطلق قارب كبير من ميناء طرابلس على متنه العشرات برحلة غير نظامية، من دون أن يعرف وجهته ومصيره.
خسائر بشرية
وفي السنوات الأخيرة، تكبد شمال لبنان خسائر بشرية عدة نتيجة موجات الهجرة غير النظامية في رحلات أطلق عليها لقب “قوارب الموت”.
وعقب اندلاع الحرب في سوريا عام 2011، كانت الهجرة غير النظامية شمالًا يغلب عليها السوريون، غير أن اشتداد الأزمة الاقتصادية في لبنان، دفعت المئات إلى رمي أنفسهم للهرب بحراً، رغم كل المخاطر وانعدام أسس سلامة الرحلات؛ فيما حقق التجار بهذا المجال أرباحًا بعشرات آلاف الدولار.
ومع بلوغ فئات واسعة من اللبنانيين مرحلة اليأس الشديد، بعد ضرب شتى أسس العيش، يتوقع كثيرون أن تتفاقم موجات الهجرة غير النظامية، رغم كل المحاولات الأمنية لضبطها.