على عكس ادعاءاتهم بعدم الخسارة في مأرب، وترويجهم المستمر للسيطرة على مواقع جديدة في المدينة والوادي، إلا ان خريطة تحركات كل من السعودية والامارات والتي سجلتها الأيام والساعات الأخيرة، تعكس ان هؤلاء قد اقتنعوا ضمنياً ان مأرب أصبحت تحت سيطرة قوات صنعاء، ولا يحتاج الإعلان عن ذلك إلا بعضاً من الوقت لا أكثر، حيث أنهم قد بدأوا فعلياً في تجهيز لمرحلة “ما بعد مأرب”، ومحاولة رأب الصدع بين ميليشياتهم المتواجدة على الأرض.
تطورات دراماتيكية متسارعة تشهدها المناطق المتاخمة لمأرب، بعد الانسحاب المفاجئ من الساحل الغربي، خاصة منطقة شبوة التي قد تكون الوجهة المتوقع نقل الصراع إليها. ومن المعلوم ان الآبار النفطية الموجودة في اليمن يقدر مخزونها بـ 11.950 مليار برميل، 3 مليار برميل منها ضمن حوض شبوة-مأرب إضافة لحوض سيئون-المسيلة، ما يجعل هذه المنطقة القبلة الثانية لهذه الجماعات بعد مأرب، والتي خسروها على الرغم من التحشيد العسكري الكبير فيها، واستقدام الجماعات السلفية المسلحة لأكثر من 6 سنوات.
مؤخراً، وبعد فشل رهان المملكة على قوات الرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي، والتي تسيطر جماعة الاخوان المسلمين المنتمية لها على شبوة، يبدو ان الرياض تسعى لإعادة ترتيب أوراقها وتشبيك تحالفاتها، وهذا ما ترجم عملياً باستدعائها لرئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي إلى الرياض، الذي تعوّل عليه في السيطرة على تلك المناطق، في إطار سعيها لبناء استراتيجية مواجهة جديدة، في ظل سيطرة الجيش واللجان الشعبية على 3 مديريات من شبوة، ما يجعل الأمر أكثر صعوبة. حيث ان المجلس الانتقالي المدعوم إماراتياً رأى بدوره ان “دعوة الرياض للزبيدي هو تطور دبلوماسي، ينذر بتبدّل في الخريطة السياسية، كما أنه مؤشر آخر على ان القضية الجنوبية باتت على الطاولة السعودية”.
أما عن الامارات، وبعد فشلها في حل خلافات “النخبة الشبوانية” التي تدعمها بشكل مباشر، فقد ذهبت لخيارات أخرى، كتعويم بعض الشخصيات لاستغلالها فيما بعد. وفي هذا السياق بعثت أبو ظبي بالبرلماني الممثل لحزب “المؤتمر الشعبي” فرع أبو ظبي، الشيخ عوض بن محمد الوزير إلى مديرية نصاب، في خطوة فسرت على أنها تأتي في إطار توجيهه لمصلحتها.
وعلى وقع الصدامات التي حركتها دعوات إقالة محافظ شبوة محمد صالح بن عديو، المدعوم من الإصلاح، والتي رحب بها المجلس الانتقالي، أثارت من جهة أخرى حفيظة حكومة هادي والتي اعتبر مستشار وزير الاعلام فيها، مختار الرحبي ان الوزير “أداة جديدة تستخدمها الإمارات للنيل من الدولة والسلطة المحلية”، تكثّف حكومة ما يسمى بالـ “الشرعية” تحركاتها لاستجداء بعض الدعم العسكري المطلوب لإعادة التوزان الذي فقدته في الميدان، خاصة في مأرب. حيث التقى رئيس هيئة الأركان التابعة لقوات هادي اللواء صغير بن عزيز في جولة مكوكية، الملحق الفرنسي لدى اليمن جان ماري صفا، الملحقين الأميركي والبريطاني، طالباً الدعم “مادياً ومعنوياً لتنفيذ مهامها القتالية”.
وكانت السعودية قد شنّت حربًا على اليمن في آذار عام 2015 دعماً للرئيس المنتهية ولايته منصور هادي، أُطلق عليها اسم “عاصفة الحزم”، وقد شارك فيها العديد من الدول الخليجية والعربية ضمن تحالف تقوده الرياض، إضافة للدعم اللوجستي والاستخباري من الثلاثي الأميركي- البريطاني-الإسرائيلي، حيث انتهك التحالف خلالها القوانين الدولية والإنسانية، وارتكب فظائع وجرائم حرب بحق المدنيين.
الكاتب: الخنادق