لبنان في دائرة مُقفلة: لا حلول الآن… وتراجع اقتصادي سبعين سنة الى الوراء ميقاتي يدعو لجلسة حكومة… وحزب الله: اقالة بيطار اولاً عدوان يترأس «لجنة الادارة والعدل» التي اقرّت حضور المحامي ومنع التعذيب على الموقوف
ليس خافيا على احد ان لبنان في وسط ازمة سياسية وغير معروف حتى اللحظة كيفية الخروج منها. الكل «محشور» في عنق الزجاجة ، حيث ان الرئيس نجيب ميقاتي لا يمكن ان يقبل بانعقاد الحكومة قبل ان يستقيل وزير الاعلام جورج قرداحي. في المقابل لن يقبل حزب الله بعقد جلسة مجلس وزراء دون قرداحي، فضلا ان الحزب يشترط اقالة القاضي طارق البيطار من تحقيق انفجار مرفأ بيروت او ايجاد مخرج لكف يده عن الملف. اما رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة يرفضان معا اقالة البيطار، وبالتالي لا يوافقان على شرط حزب الله في هذا المجال، حيث اكد ميقاتي ان السلطة التنفيذية لا يجب ان تتداخل مع سلطة القضاء وكذلك كان موقف الرئيس عون.
اوساط مطلعة اشارت الى ان المبادرة التي قامت بها جامعة الدول العربية، ولن تكررها اي دولة اخرى، سببها سقف هذه الازمة، اضافة الى صعوبة الخروج منها بفضل التباينات والخلافات الداخلية التي تهيمن على الحياة السياسية الى جانب الظروف الدولية والاقليمية. وبمعنى آخر تعنت السعودية بمباشرة اي حوار مع لبنان قبل استقالة قرداحي. وامام انسداد الافق حاليا في لبنان اعربت الاوساط المطلعة عن خشيتها من حصول حدث امني ام سياسي يؤدي الى فك هذا «الستاتيكو» القائم، رغم ان هذا الجمود السياسي يؤدي الى مزيد من شلل مؤسساتي، ومزيد من الفقر والغليان الاجتماعي والتدهور المالي.
وفي هذا النطاق كشفت اوساط ديبلوماسية لـ «الديار» ان الوقت الآن ليس ملائما لاتخاذ اي اجراء مع دول الخليج، بل انتظار ما سيؤول اليه الاجتماع الذي سينعقد في فيينا في آخر الشهر الحالي حول برنامج ايران النووي، حيث ستتوضح الصورة بشكل كبير، وعندها يمكن للبنان ان يتخذ خطوات لانهاء الازمة مع دول الخليج. وفي المجال ذاته استغربت الاوساط الديبلوماسية الازدواجية التي يتعامل بها العرب، وخاصة الدول الخليجية التي تشجع الرئيس السوري بشار الاسد للعودة الى الجامعة العربية، في حين تضيّق الخناق على حزب الله. ورأت ان قادة دول الخليج، اذا كانوا يراهنون على ابعاد الرئيس الاسد عن ايران عبر الانفتاح عليه والتبريد مع النظام السوري، فهم واهمون.
اضافت الاوساط ان التقرب من الاسد والتصعيد مع ايران هي خطة خاطئة تدل على انها مرتكزة على معلومات وتقديرات مغلوطة وبعيدة عن الواقع، ذلك انه يتضح يوما بعد يوم ان الخطة العربية تقضي بالتشدد وتضييق الخناق على حزب الله في لبنان ومحاولة لي ذراع حلفاء ايران في المنطقة بدءا من الحوثي مرورا بالعراق وصولا الى بيروت، في حين تبدي انفتاحا ومرونة مع النظام السوري. فهل هذه الخطة تظهر عن استراتيجية عميقة في مقاربة ازمات المنطقة ام عن قلة نضوج سياسي؟ فهل تقرّب العرب من سوريا سيقطع الجسر من طهران الى بيروت؟ وهل انفتاح العرب على الاسد سيحث الاخير على فك حلفه مع ايران التي ساندت نظامه وقاتلت الى جانبه؟
وكشفت اوساط سياسية لـ «الديار» ان هناك مثلثا يعمل باتجاه فك ارتباط سوريا الاسد مع ايران، ويتكون هذا المثلث من روسيا والدول الخليجية والعدو الاسرائيلي، رغم ان الاخير يعمل على مستوى غير علني لاحداث ذلك. وتابعت الاوساط ان عودة سوريا الى الجامعة العربية ستكون بمثابة استعادة شرعيتها، وهذا في متناول الدول الخليجية وليس من طهران. وهنا لفتت هذه الاوساط انه في الوقت ذاته موقف واشنطن واضح انها ترفض اعادة اعمار سوريا قبل التوصل الى تسوية سياسية كذلك ترفض التطبيع مع النظام السوري قبل الشروع في المرحلة الانتقالية بتطبيق القرار 2254. فما هو مصير تقارب الدول الخليجية من النظام السوري في ظل اللاءات الاميركية؟
ميقاتي يدعو لجلسة مجلس وزراء….
وحزب الله: كف يد البيطار اولا
في وقت قال الرئيس ميقاتي انه سيدعو لجلسة مجلس الوزراء اكد الثنائي الشيعي انه لم يستجد اي تطور في مسار ايجاد مخرج للقاضي بيطار. ومن جهتها تقول اوساط مقربة من حزب الله ان الاخير لم يغير موقفه ولن يحضر هذه الجلسة في حال انعقدت. واعتبرت هذه الاوساط ان موقف ميقاتي يعكس تفاؤلا في غير محله، وقد يتراجع بنفسه عن عقد جلسة للحكومة، خاصة ان ميقاتي غير قادر على عقد جلسة لا يكون وزير الاعلام جورج قرداحي قد استقال او اقيل خلال الجلسة، لانه لا يستطيع استفزاز السعودية. وشددت الاوساط ان الاولوية لديه هي ازاحة بيطار، والا لن يكون هناك جلسات لمجلس وزراء.
اما عن مسعى الدول الخليجية للتقرب من النظام السوري فأكدت الاوساط نفسها ان السعودية وباقي الدول الخليجية تعود الى سوريا المنتصرة بعد ان حاربتها بشتى السبل وسعت جاهدة لاسقاط الاسد وفشلت. اما التمايز في الموقف السعودي والدول التي تدور في فلك الرياض حيال سوريا وحزب الله فهو ناتج عن غضب سعودي من حزب الله وتحديدا من دور المقاومة في اليمن. واشارت هذه الاوساط الى ان السعودية وباقي الدول الخليجية تعاملت مع سوريا بالطريقة ذاتها التي تتعامل اليوم مع حزب الله، غير انها لم تتمكن من تحقيق اهدافها ، والدليل ان سوريا الاسد هي المنتصرة. واليوم تعيد السعودية التعامل بالاسلوب ذاته مع حزب الله، غير ان الضغط السعودي والخليجي لم يؤثر على شعبية المقاومة ولا على بيئته.
لبنان عاد سبعين سنة الى الوراء
وعلى صعيد الازمة المالية والاقتصادية والمعيشية علمت «الديار» انه من اليوم الاول لتشكيل الحكومة باشر صندوق النقد الدولي بمحادثات مع الحكومة اسبوعيا،ولكن لم يبدأ بمفاوضات، لان الحكومة الحالية لم تقدم خطة اقتصادية نهائية حتى اللحظة. وكشف خبير اقتصادي لـ «الديار» ان هناك عدة خطط اقتصادية للتعافي من الازمة طرحت، حيث قدم مصرف لبنان خطة اقتصادية من جانبه، كذلك قامت جمعية المصارف بالشيء نفسه، وفريق «لازارد» قدم ايضا خطة. وعليه يجري العمل اليوم على اختيار خطة اقتصادية بصيغة نهائية قد تجمع بنود من الخطط الثلاث التي طرحت.
واعرب الخبير الاقتصادي عن اسفه باضاعة لبنان سنتين دون الشروع لحل يخرجه من ازمته الصعبة والغير مسبوقة، ذلك ان صندوق النقد الدولي ابدى رغبته بالتفاوض مع حكومة حسان دياب السابقة ضمن الخطة التي وضعتها، ولكن لم تنفذ ولم تلتزم بها حكومة دياب. واشار الى انه منذ تشرين الاول 2019 الى يومنا هذا مرت سنتان من الوقت الضائع ارهقتا الدولة ومؤسساتها، وجاع الشعب اللبناني وذاق الامرّين، وبرزت ستة اسعار للصرف، ونسبة التضخم ازدادت بشكل مخيف. والانكى من ذلك انه بعد سنتين لم تتمكن الدولة حتى الآن من وضع «كابيتال كونترول» رغم كل المآسي التي يعيشها اللبناني، ورغم تراجع كل المؤشرات الاقتصادية. ولفت الخبير الاقتصادي الى ان قبرص عانت من ازمة اقتصادية ومالية لكنها استطاعت التعافي منها لانها باشرت فورا بوضع خطة للتعافي اقتصاديا، واصبحت اليوم مثالا يحتذى به بين الدول التي انهار اقتصادها وتمكنت من الخروج من الازمة.
«كل يوم تأخير يكلف لبنان وشعبه الكثير»، وفقا للخبير الاقتصادي الذي كشف انه في حال بقيت الامور على هذا المنوال لعشر سنوات سيصل الاقتصاد الى نقطة توازن ، انما غير عادل، يكون بافلاس الناس وافقارها اكثر مما هي عليه اليوم، وستتحول الودائع بالدولار حكما الى ودائع بالليرة اللبنانية والتي فقدت 90% من قيمتها، وسيصبح لبنان بلدا لا يعاش فيه اي جحيم بكل ما للكلمة من معنى. اما اذا وضعت الحكومة خطة اقتصادية الآن فسيصل الاقتصاد الى توازن سليم، عبر خلق فرص عمل ونسبة نمو جيدة وسعر صرف واحد.
واعطى الخبير الاقتصادي مثالا على نسبة تدهور لبنان المالية والاقتصادية والمعيشية حيث قال انه عام 1950 كان 10% من المواطنين اللبنانيين يملكون سيارات للتنقل، ولم يكن هناك زحمة سير، واليوم ومع غلاء البنزين وارتفاع نسبة البطالة والهجرة،اصبحت حركة السير على الطرقات توازي 10% ، وهذا امر مؤسف يشير الى ان لبنان عاد سبعين سنة الى الوراء.
الامم المتحدة : على «اسرائيل» دفع تعويض بقيمة 856.4 مليون دولار الى لبنان
على صعيد آخر أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة، قراراً يطالب «إسرائيل» بدفع 856.4 مليون دولار إلى لبنان تعويضاً عن بقعة النفط التي تسببت فيها «غارة جوية إسرائيلية» يوم 15 تموز 2006. وصوّت لصالح القرار 161 دولة من أعضاء الجمعية العامة، مقابل اعتراض 8 دول (من بينها «إسرائيل» والولايات المتحدة) وامتناع 7 دول أخرى عن التصويت. وأكد القرار أن «إسرائيل تتحمل المسؤولية عن دفع تعويضات فورية إلى حكومة لبنان وإلى البلدان الأخرى التي تضررت بصورة مباشرة من البقعة النفطية، مثل سوريا التي تلوثت شواطئها جزئياً». وطلب القرار من أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، «أن يقدم إلى الجمعية العامة خلال دورتها المقبلة في أيلول 2022 تقريراً عن تنفيذ هذا القرار».
«القوات»: التغيير آت وانتخابات 2022 ستكون نقطة الانطلاق
بدورها قالت مصادر «القوات اللبنانية» لـ «الديار» انها كانت تفضل موعد 27 آذار للانتخابات النيابية، اي الموعد الاقرب لحصولها، لانها تعتبر بقدر ما تحصل الانتخابات في الوقت المبكر اكثر بقدر ما يتم تسريع انهاء واقع السلطة القائم من اجل اعادة انتاج سلطة جديدة، حيث انه لا يمكن الخروج من هذه الازمة في ظل هذه السلطة. وتابعت ان السنوات الاخيرة اثبتت ان استمرار وجود هذه السلطة فاقم الازمة سواء على صعيد الانهيار الداخلي او على صعيد علاقات لبنان الخارجية. ولكن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون حسم هذه المسألة بان موعد الانتخابات سيكون في 8 ايار او 15 ايار بما ان هذه المسألة ليست من اختصاص مجلس النواب بل من صلاحيات رئيس الجمهورية.
اما عن كيفية خوض «القوات» معركتها الانتخابية رأت المصادر «القواتية» ان هناك مراحل للانتخابات. المرحلة الاولى هي ان يخرج القانون الانتخابي بصيغته النهائية، اي يجب انتظار مصير الطعن الذي تقدم به تكتل لبنان القوي ومن بعدها تبدأ الاستعدادات. علما ان «القوات» مستعدة بما انها حزب كبير وهي اول من طالب بالانتخابات النيابية المبكرة. وعليه عند صدور الصيغة النهائية للقانون سنعلن المرشحين الذين سيخوضون المعركة الانتخابية في كل الدوائر اللبنانية. اما المرحلة الثانية فتقضي بانشاء التحالفات، وهنا نختار اشخاصا تغييريين وشخصيات جديدة، والمواقع لا تقتصر فقط على المحازبين بل توسع دائرة كل من هو مؤمن بمشروعنا السيادي. واكبر دليل على ذلك تحالفنا في الانتخابات النيابية عام 2018 مع زياد حواط في جبيل وجورج عقيص في زحلة والى ما هنالك من ترشيحات اخرى. ولفتت المصادر الى ان حزب «القوات» ايضا رشحت شخصيات مستقلة في الوزارات كالوزير غسان حصباني وكميل بو سليمان، لانه يعتبر انه حاضنة لكل هذه البيئة المندفعة ومقتنعة بافكاره. اما عن اسماء الترشيحات لانتخابات 2022 فقد اعتبرت المصادر انه من المبكر التحدث عنها.
على صعيد آخر نفت «القوات» ان تكون منخرطة في مغامرة غير مدروسة، بل شددت انها تتمسك بالدولة والقانون ولا تنجرف الى اي قرار او مشروع يؤذي لبنان.
قانون بانشاء لجنة الوقاية من التعذيب
الى ذلك، اقرت «لجنة الادارة والعدل» برئاسة النائب جورج عدوان قانونا يقضي بتعديل بعض المواد الخاصة بانشاء الهيئة الوطنية لحقوق الانسان والتي تشمل لجنة الوقاية من التعذيب. وقال عدوان :» شددنا الشروط التي يجب ان تكون موجودة عندما يخضع الشخص للاستجواب منها حضور المحامي ومنها تسجيل كل التحقيقات التي تحصل واعتبرنا ان الاستجوبات والتحقيقات تكون باطلة اذا لم تراع كل هذه النقاط». اضاف:» لن نقبل ونحن في عام 2021 ان تستمر ممارسة التعذيب بحق اي شخص وان لا تعاقب الناس التي تمارس التعذيب على الاشخاص، لان ذلك يمس بحقوق الانسان، ولبنان لطالما كان وطن الحضارة ووطنا يحمي حقوق الانسان.
الاشتركي: لقاء تيمور-الحريري لوضع ارضية مشتركة للانتخابات
من جانبه قال المفوض للشؤون الاعلامية في الحزب التقدمي الاشتراكي صالح حديفة ان الهدف من لقاء النائب تيمور جنبلاط والنائب وائل ابو فاعور برئيس الحكومة السابق سعد الحريري في ابو ظبي هو لتثبيت وللتأكيد على العلاقة المتواصلة مع الاخير،لان العلاقة تشهد تباينات من حين الى آخر، وهذا لا يعني القطيعة بين الحزب التقدمي الاشتراكي و»تيار المستقبل». اضاف ان الاجتماع تمحور حول التنسيق والتشاور في كل الازمات التي يعانيها لبنان، كما تطرق الى موضوع الانتخابات النيابية،وقد تم وضع ارضية مشتركة، مشيرا الى ان اجواء اللقاء كانت ايجابية في مقاربة العناوين والتحضير اللانتخابات النيابية.
وعن التحالف مع «القوات اللبنانية» قال حديفة ان التقارب الانتخابي بين الحزبين يأتي بسياق طبيعي، وليس تحالفا جديدا، ويصب ايضا في خانة تثبيت العيش المشترك في الجبل. اما عن تواصلنا مع التيار الوطني الحر فلا يزال قائما ولكنه لم يؤد الى تحالف انتخابي.
وعن انتقاد رئيس حزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط لحزب الله بعد الازمة الخليجية واعتبار البعض ان هذا الامر سيضعف من نسبة نجاح مرشحي الاشتراكيين في المتن الجنوبي بما ان لحزب الله ولـ «حركة امل» قاعدة شعبية كبيرة في هذه المنطقة،اعتبر حديفة ان لا تأثير لذلك في الانتخابات النيابية، حيث انه في انتخابات 2018 تحالف الحزب الاشتراكي مع «القوات» وفاز الاشتراكي بمقعد وكذلك «القوات»، في حين تحالف «حركة امل» وحزب الله ادى الى فوز مرشحين لهما.
اما عن احتمال تحالف التقدمي الاشتراكي مع «التغيريين» او الشخصيات التي برزت في «ثورة 17 تشرين» قال المفوض للشؤون الاعلامية ان حزبه مستعد لمد يده لكل من يريد التعاون معه، ولكن للاسف بعض المستقلين لا يريدون التغيير بل يريدون الغاء الآخرين.